(صفحه60)
مسألة 13: لو كان الفاعل بحيث لو نهاه عن المنكر أصرّ عليه، ولو أمره به تركه،يجب الأمر مع عدم محذور آخر. وكذا في المعروف1.
مسألة 14: لو علم أو احتمل تأثير النهي أو الأمر في تقليل المعصية لا قلعهوجب، بل لا يبعد الوجوب لو كان مؤثّراً في تبديل الأهمّ بالمهمّ، بل لا إشكال فيهلوكان الأهمّ بمثابة لا يرضى المولى بحصوله مطلقاً2.
1ـ لو كان الآتي بالمنكر بحيث لو نهاه عن المنكر أصرّ عليه؛ نظراً إلىأنّالإنسان حريص على ما منع(1)، على ما اشتهر، ولو أمره به تركه وانزجر عنهعلى خلاف ما هو المعمول في باب النواهي، لكان اللاّزم عليه الأمر لينتهيعن المنكر. وهكذا بالنسبة إلى المعروف لو فرض.
2ـ لو علم أو احتمل تأثير النهي أو الأمر في تقليل المعصية الّتي هي عبارةعن ترك الواجب أو فعل المنكر لا قلعها من رأس يجب ذلك النهي أوالأمر،مثل ما لو علم أو احتمل أنّ نهيه عن شرب الخمر يؤثّر في تقليله لاقلعه، بلنفى البُعد عن الوجوب إذا كان مؤثّراً ولو احتمالاً في تبديل الأهمّ بالمهمّ، مثلما تقدّم من النهي عن ترك الصلاة المؤثّر في فعلها وإن كان موجباً لترك الصوممثلاً، بل نفى الإشكال فيه لو كان الأهمّ بمثابة لا يرضى المولى بحصوله مطلقاً،كقتل النفس المحترمة المتقدّم، والوجه واضح.
- (1) الفردوس بمأثور الخطاب 1: 231 ح885 ، الجامع الصغير: 132 ح2165، كنز العمّال 16: 113ح44095.
(صفحه61)
مسألة 15: لو احتمل أنّ إنكاره مؤثّر في ترك المخالفة القطعيّة لأطراف العلملا الموافقة القطعيّة، وجب1.
مسألة 16: لو علم أنّ نهيه مثلاً مؤثّر في ترك المحرّم المعلوم تفصيلاً،وارتكاب بعض أطراف المعلوم بالإجمال مكانه، فالظاهر وجوبه، إلاّ مع كونالمعلوم بالإجمال من الأهمّية بمثابة ما تقدّم دون المعلوم بالتفصيل، فلا يجوز، فهلمطلق الأهمّية يوجب الوجوب؟ فيه إشكال2.
1ـ لو علم أو احتمل أنّ إنكاره مؤثّر في ترك المخالفة القطعيّة لأطراف العلمالإجمالي الّذي يراه منجّزاً مطلقاً، لا الموافقة القطعيّة الواجبة عنده أيضاً، يجبالإنكار المذكور حذراً من المخالفة القطعيّة الّتي لا يكون وجوب الموافقةالقطعيّة في رتبة حرمتها، كما لا يخفى.
2ـ لو علم أنّ نهيه مثلاً يؤثّر في ترك محرّم معلوم بالتفصيل له، ولكنّه فيهذه الصورة يرتكب بعض أطراف المحرّم المعلوم بالإجمال مكانه، فقداستظهرفي المتن وجوب النهي المذكور إلاّ مع كون المعلوم بالإجمال من الأهمّية بمثابةما تقدّم من عدم رضا الشارع بالتخلّف مطلقاً؛ والوجه في عدم الوجوبحينئذٍ الأهمّية بالمقدار المزبور، ثمّ استشكل في الوجوب بالإضافة إلى مطلقالأهمّيّة ولو لم تبلغ المقدار المذكور.
ولعلّ وجه الإشكال أنّك عرفت أنّ المعيار هي الأهمّية لا مقدارها، لكنخصوصيّة المقام أنّه وقع في أحد الطرفين ارتكاب الحرام المعلوم بالتفصيل،وفي الطرف الآخر أحد أطراف المعلوم بالإجمال، ومن الممكن عدم انطباقهعلى الحرام أصلاً، فلذا يشكل الأمر بالإضافة إلى مطلق الأهمّية، فتدبّر.
(صفحه62)
مسألة 17: لو احتمل التأثير واحتمل تأثير الخلاف، فالظاهر عدم الوجوب1.
مسألة 18: لو احتمل التأثير في تأخير وقوع المنكر وتعويقه، فإن احتمل عدمتمكّنه في الآتية من ارتكابه وجب، وإلاّ فالأحوط ذلك، بل لا يبعد وجوبه2.
1ـ لو احتمل التأثير واحتمل أيضاً التأثير في الخلاف لا مجرّد العدم،فقد استظهر عدم الوجوب؛ لتساوي الاحتمالين: التأثير، والتأثير في الضدّ،ولامنافاة بين ذلك، وبين ما تقدّم(1) من الوجوب في صورة احتمال التأثير،ولوكان الظنّ الغالب غير البالغ مرتبة الاطمئنان على عدم التأثير؛ لأنّالمفروض هناك مجرّد عدم التأثير، وهنا التأثير في الخلاف.
2ـ لو احتمل التأثير في تأخير وقوع المنكر وتعويقه؛ بمعنى التأثير في عدمالوقوع في الحال، ففي المسألة صورتان:
إحداهما: احتمال عدم تمكّنه في الاستقبال من ارتكاب المنكر أصلاً، وفيهذه الصورة يجب النهي فعلاً بلا إشكال؛ لاحتمال عدم وقوعه أصلاً.
ثانيتهما: عدم وجود الاحتمال المزبور، بل يعلم بالتمكّن من الارتكاب فيالاستقبال، وفي هذه الصورة جعل مقتضى الاحتياط النهي، بل نفى البُعد عنالوجوب؛ والوجه فيه: وجود الاحتمال بالإضافة إلى الحال، وعدم معلوميّةوضع الاستقبال؛ فإنّ مجرّد العلم بالتمكّن لا يلازم الفعل.
(صفحه63)
مسألة 19: لو علم شخصان إجمالاً بأنّ إنكار أحدهما مؤثّر دون الآخر، وجبعلى كلّ منهما الإنكار، فإن أنكر أحدهما فأثّر سقط عن الآخر، وإلاّ يجب عليه1.
مسألة 20: لو علم إجمالاً أنّ إنكار أحدهما مؤثّر، والآخر مؤثّر في الإصرارعلى الذنب، لا يجب2.
1ـ لو علم شخصان إجمالاً بأنّ إنكار أحدهما مؤثّر دون الآخر، وجبعلى كلّ منهما الإنكار؛ وذلك لثبوت الاحتمال بالنسبة إلى كلّ منهما، وهو الملاكللوجوب، كما تقدّم مراراً(1)، فإن تصدّى أحدهما للإنكار، فإن لم يؤثّر إنكارهيجب على الآخر ذلك؛ لبقاء الاحتمال على ما هو المفروض، وإن أثّر ووقعالانزجار فالتكليف ساقط عن الآخر؛ لانتفاء الموضوع، وهذا ظاهر.
2ـ وجه عدم الوجوب ما تقدّم في شرح المسألة السابعة عشر، فراجع.
(صفحه64)
الشرط الثالث: أن يكون العاصي مصرّاً على الاستمرار، فلو علم منه التركسقط الوجوب1.
1ـ الأمر الثالث: أن يكون العاصي مصرّاً على الاستمرار. قال المحقّق قدسسره فيالشرائع: الثالث: أن يكون الفاعل له ـ يعني المنكر ـ مصرّاً على الاستمرار،فلو لاح منه أمارة الامتناع سقط الإنكار(1). ونفى الخلاف في اعتبار هذالشرط في الجواهر في فرض استفادة القطع من الأمارة(2).
والدليل على اعتبار هذا الأمر ـ مضافاً إلى ما ذكر ـ أنّ النهي عن المنكرمثلاً ـ الّذي هو مورد كلام المحقّق وإن كان لا خصوصيّة له ـ إذا فرضبالإضافة إلى المنكر الّذي صدر منه، فمن المعلوم أنّه لا يوجب تغيير الواقع عمّوقع عليه، فلابدّ أن يلاحظ بالإضافة إلى صدور المنكر في الاستقبال، فلوعلم منه الترك في الاستقبال يسقط وجوب النهي.
وهذا بخلاف ما إذا كان مصرّاً على الاستمرار ولو دفعة ثانية فقط،والإصرار يتحقّق بالعزم على العود، أو عدم العزم على استمرار الترك، كما فيالإصرار على المعاصي الصغيرة، الّذي هي معصية كبيرة.
وقد تقدّم في المسألة الحادية عشر المتقدّمة أنّه لو همَّ بإتيان معصيةواحتمل تأثير نهيه وجب، فالمسقط للوجوب فعلاً هو العلم بعدم الاستمرار،وعدم التحقّق منه في الاستقبال.
- (1) شرائع الإسلام 1: 342.
- (2) جواهر الكلام 22: 631.