(صفحه50)
الشرط الثاني: أن يجوّز ويحتمل تأثير الأمر أو النهي، فلو علم أو اطمئنّبعدمه فلا يجب1.
1ـ الأمر الثاني: من الاُمور المعتبرة في وجوب الأمرين في المقام أنيجوّزويحتمل احتمالاً عقلائيّاً تأثير الأمر أو النهي في حصول المطلوب، فلو علمبالقطع الّذي هي حجّة عقليّة، أو الاطمئنان الّذي هي حجّة عقلائيّة بعدمالتأثير، فلا يجبان. أمّا عدم الوجوب في صورة العلم أو الاطمئنان المذكور؛فللإجماع(1) على السقوط حينئذٍ، ولكن ظاهر عبارة الشرائع(2): السقوط فيصورة غلبة الظنّ أيضاً، والظاهر أنّه لا مجال له كما سيأتي في شرح المسألةالآتية إن شاء اللّه تعالى.
وهنا إشكال لصاحب الجواهر(3)، خلاصته: أنّ اعتبار هذا الشرط مشكلبالنسبة إلى المرتبة الاُولى من مراتب الأمرين، وهو الإنكار القلبي؛ لأنّه ليسهناك إظهار حتّى يشترط فيه احتمال التأثير، إلاّ أن يقال: إنّ المراد منه ليسمعناه بحسب الظاهر؛ لأنّه من توابع الإيمان، بل المراد إظهار عدم الرضا بنحومن الإعراض وإظهار الكراهة، ولهذه الجهة تعدّ آمراً وناهياً، وإظهاره أمرونهياً.
- (1) راجع منتهى المطلب 2: 993 س13، الطبعة الحجريّة، وتحرير الأحكام 2: 241، وجواهر الكلام22: 627.
- (2) شرائع الإسلام 1: 342.
- (3) جواهر الكلام 22: 627 ـ 628.
(صفحه51)
مسألة 1: لا يسقط الوجوب مع الظنّ بعدم التأثير ولو كان قويّاً، فمع الاحتمالالمعتدّ به عند العقلاء يجب1.
1ـ لا يسقط الوجوب مع الظنّ بعدم التأثير ولو كان قويّاً غالباً، إلاّ إذا بلغمرتبة الاطمئنان الّذي قد عرفت(1) أنّه يعامل معه معاملة القطع عند العقلاء.نعم، قد عرفت أنّ ظاهر عبارة الشرائع السقوط مع غلبة الظنّ بعدم التأثير.وهنا روايات ربما اُستفيد منها ذلك.
كذيل رواية مسعدة بن صدقة المفصّلة المتقدّمة(2)، المشتملة على قوله صلىاللهعليهوآله :«هذا على أن يأمره بعد معرفته، وهو مع ذلك يقبل منه وإلاّ فلا»، وجملة منالروايات(3) الاُخر.
والإنصاف عدم دلالة شيء منها على ذلك، وإلاّ فاللازم تخصيص الحكمبصورة العلم بالتأثير، مع أنّه لا يقول به أحد، بل حكي عن بعض(4)الاستحباب في صورة العلم بعدم التأثير، فتدبّر.
- (3) وسائل الشيعة 16: 126، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب2.
- (4) كشف الغطاء 4: 429، واُنظر: مسالك الأفهام 3: 102، وجواهر الكلام 22: 631.
(صفحه52)
مسألة 2: لو قامت البيّنة العادلة على عدم التأثير، فالظاهر عدم السقوط معاحتماله1.
مسألة 3: لو علم أنّ إنكاره لا يؤثّر إلاّ مع الإشفاع بالاستدعاء والموعظة،فالظاهر وجوبه كذلك، ولو علم أنّ الاستدعاء والموعظة مؤثّران فقط دون الأمروالنهي، فلا يبعد وجوبهما2.
1ـ لأنّه ـ مضافاً إلى عدم كون حجّية البيّنة لإفادة الظنّ الشخصي بمفادها،ومضافاً إلى أنّك عرفت أنّ الظنّ ولو كان غالباً لا يمنع عن الوجوب ـ أنّ لزومرعاية البيّنة إنّما هو فيما إذا كانت موجبة لثبوت تكليف. وأمّا إذا كان مفادهنفي التكليف، فلا تلزم رعايتها؛ مثلاً إذا قامت البيّنة على نجاسة هذا المائعيجب الاجتناب عنه. وأمّا إذا قامت على طهارته، فلا يكون هناك ملزملرعاية الطهارة معه، كما لا يخفى.
2ـ لو علم أنّ أمره أو نهيه لا يؤثّران إلاّ مع الاقتران والإشفاعبالاستدعاء والموعظة، فالظاهر وجوبهما كذلك؛ لأنّه ليس لهذين العنوانينموضوعيّة، بل الظاهر أنّه لا يتوقّف ذلك على العلم، بل إذا احتمل التأثير معالاقتران المزبور فكذلك. نعم، لو علم عدم مدخليّة الأمرين في حصولالمطلب، بل مجرّد الاستدعاء والموعظة كاف في التأثير علماً أو احتمالاً، فقد نفىفي المتن البُعد عن الوجوب؛ للدليل الّذي ذكرنا، فتدبّر.
(صفحه53)
مسألة 4: لو ارتكب شخص حرامين أو ترك واجبين، وعلم أنّ الأمر بالنسبةإليهما معاً لا يؤثّر، واحتمل التأثير بالنسبة إلى أحدهما بعينه، وجب بالنسبة إليه دونالآخر، ولو احتمل التأثير في أحدهما لا بعينه تجب ملاحظة الأهمّ، فلو كان تاركللصلاة والصوم، وعلم أنّ أمره بالصلاة لا يؤثّر، واحتمل التأثير في الصوم يجب،ولو احتمل التأثير بالنسبة إلى أحدهما يجب الأمر بالصلاة، ولو لم يكن أحدهمأهمّ يتخيّر بينهما، بل له أن يأمر بأحدهما بنحو الإجمال مع احتمال التأثير كذلك1.
1ـ لو كان الشخص مرتكباً لحرامين، أو تاركاً لواجبين، وعلم أنّ الأمربالنسبة إليهما لا يكاد أن يكون مؤثّراً، ففي المسألة صور:
إحداها: صورة احتمال التأثير بالنسبة إلى أحدهما بعينه، وفي هذه الصورةيجب الأمر أو النهي بالإضافة إليه دون الآخر وإن كان مثله.
ثانيتها: صورة احتمال التأثير في أحدهما لا بعينه، وفي هذه الصورةفرضان:
الأوّل: أن يكون أحدهما أهمّ من الآخر، وفي هذا الفرض تجب ملاحظةالأهمّ، وفي مثال ترك الصلاة والصوم المذكور في المتن يتصوّر الفرضانالمتقدّمان.
الثاني: أن لا يكون شيء منهما أهمّ من الآخر، وفي هذا الفرض يكونمخيّراً؛ لعدم ثبوت الأهمّية في البين.
ثالثتها: ما إذا احتمل التأثير إذا أمر بأحدهما بنحو الإجمال، فالظاهرالوجوب كذلك مع هذا الاحتمال، فضلاً عن العلم.
(صفحه54)
مسألة 5: لو علم أو احتمل أنّ أمره أو نهيه مع التكرار يؤثّر، وجب التكرار1.
مسألة 6: لو علم أو احتمل أنّ إنكاره في حضور جمع مؤثّر دون غيره، فإن كانالفاعل متجاهراً جاز ووجب، وإلاّ ففي وجوبه بل جوازه إشكال2.
1ـ لو احتمل أو علم أنّ أمره أو نهيه مع التكرار يؤثّر في حصولالمطلوب؛ من فعل المعروف والانتهاء عن المنكر، يجب التكرار؛ لتوقّفحصول الغرض عليه، ولا مجال لتوهّم أنّ الأمر بالواجبين يتحقّق امتثالهبمجرّد المسمّى، كما في نظائره من موارد تعلّق الأمر، وهذا مثل ما لو أمر المولىبإحضار شربة من الماء عنده ليشربه ويسقي ظمأه، فانكسر الظرف واُريقالماء على الأرض؛ فإنّه لا يحتاج في الوصول إلى مطلوبه إلى أمر جديد، بلنفس علم المكلّف ببقاء غرض المولى، وعدم حصول مطلوبه كافٍ، كما قرّرنفي الاُصول(1).
2ـ لو علم أو احتمل أنّ إنكاره إذا كان في محضر جماعة يكون مؤثّراً دونما إذا كان منفرداً، ففي المسألة تفصيل بين ما إذا كان الفاعل متجاهراً، فيجوزحينئذٍ، بل يجب؛ لفرض كونه متجاهراً بنفسه، وبين ما إذا لم يكن متجاهراً، بللا يريد اطلاع الغير على عمله، فقد استشكل في الوجوب، بل في الجوازحينئذٍ؛ لهتك عرضه مع فرض عدم التجاهر، وهو غير جائز.
- (1) راجع سيرى كامل در اصول فقه 4: 256 ـ259، ودراسات في الاُصول 1: 515 ـ 516.