(صفحه74)
مسألة 12: لو علم بارتكابه حراماً أو تركه واجباً ولم يعلم بعينه، وجب علىنحو الإبهام، ولو علم إجمالاً بأنّه إمّا تارك واجباً، أو مرتكب حراماً، وجب كذلك أوعلى نحو الإبهام1.
1ـ لو علم بأنّه ارتكب حراماً أو ترك واجباً ولم يعلم بعينه، وجب علىنحو الإبهام؛ أي مع حفظ الشرائط المعتبرة الّتي منها الإصرار علىالاستمرار(1)، ولو علم إجمالاً بأنّه في الاستقبال، إمّا أن يكون تاركاً لواجبأو يكون مرتكباً لحرام، فيجب أيضاً مثل الصورة الاُولى على نحو الإبهام.
وأمّا قوله في الآخر: «أو على نحو الإبهام»، فإن لم تكن النسخة غيرصحيحة، كما هو المحتمل قويّاً؛ بأن تكون كلمة «أو» زائدة مربوطة بالطبع،فالظاهر أنّ المراد به هو عدم توجّه الخطاب إلى شخصه، بل إلى من يريدارتكاب المعصية من ترك الواجب أو فعل الحرام، فتدبّر، والأمر سهل.
(صفحه75)
الشرط الرابع: أن لا يكون في إنكاره مفسدة.
مسألة 1: لو علم أو ظنّ أنّ إنكاره موجب لتوجّه ضرر نفسيّ أو عرضيّ أو ماليّيعتدّ به عليه، أو على أحد متعلّقيه، كأقربائه وأصحابه وملازميه، فلا يجب ويسقطعنه، بل وكذا لو خاف ذلك لاحتمال معتدّ به عند العقلاء، والظاهر إلحاق سائرالمؤمنين بهم أيضاً1.
1ـ الأمر الرابع: أن لا يكون في إنكاره مفسدة، كما صرّح به المحقّق قدسسره فيالشرائع(1)، ونفى الخلاف فيه عقيبه صاحب الجواهر قدسسره (2). والدليل عليهـ مضافاً إلى ثبوت الحرج في جملة من موارده، وإلى أنّ الوجوب حينئذٍ مخالفلقوله ـ تعالى ـ : «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»(3) ـ جملة منالروايات الواردة في هذا المجال، مثل:
رواية الأعمش، عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام ـ في حديث شرائع الدين ـ قال:والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على من أمكنه ذلك، ولم يخف علىنفسه وعلى أصحابه.
وفي الوسائل: وفي عيون الأخبار بإسناده عن الفضل بن شاذان، عنالرضا عليهالسلام ـ فى كتابه إلى المأمون ـ نحوه، وأسقط قوله عليهالسلام : «ولا علىأصحابه»(4).
- (1) شرائع الإسلام 1: 342.
- (2) جواهر الكلام 22: 633 ـ 634، وكذا الشيخ في الاقتصاد: 240.
- (4) الخصال: 609، عيون أخبار الرضا عليهالسلام 2: 125، وعنهما وسائل الشيعة 16: 125، كتاب الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب1 ح22، وص129 ب2 ح8 .
(صفحه76)
ورواية مسعدة بن صدقة المفصّلة المتقدّمة(1)، المشتلمة على قوله عليهالسلام :وليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج إذا كان لا قوّة له ولاعددولا طاعة.
ورواية يحيى الطويل صاحب المقري (المنقري، المصري، البصري خ ل)قال: قال أبو عبداللّه عليهالسلام : إنّما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتّعظ،أو جاهل فيتعلّم، فأمّا صاحب سوط أو سيف فلا(2).
وأدلّ من الكلّ رواية مفضّل بن يزيد، عن أبى عبداللّه عليهالسلام قال: قال لي:يامفضّل من تعرّض لسلطان جائر فأصابته بليّة لم يؤجر عليها، ولم يرزقالصبر عليها(3).
وغير ذلك من الروايات(4) الظاهرة في اعتبار هذا الشرط.
ومن المعلوم أنّ هذه الروايات مقيّدة لإطلاق الأدلّة الدالّة على وجوبالأمرين من الآيات والروايات، الّتي تقدّمت جملة منهما.
نعم، يوجد في بعض الروايات التوبيخ على ترك الواجبين لأجل الأمن منالضرر، مثل:
رواية أبى عصمة قاضي مرو، عن أبي جعفر عليهالسلام قال: يكون في آخر الزمان
- (2) الكافي 5: 60 ح2، تهذيب الأحكام 6: 178 ح362، الخصال: 35 ح9، وعنها وسائل الشيعة 16: 127،كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب2 ح2.
- (3) الكافي 5: 60 ح3، تهذيب الأحكام 6: 178 ح363، عقاب الأعمال: 296 ح1، وعنها وسائل الشيعة16: 127، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب2 ح3.
- (4) وسائل الشيعة 16: 126 ـ 130، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب2.
(صفحه 77)
قوم ينبع (يتبع خ ل) فيهم قوم مراؤون ينفرون (ينعرون، يتقرّؤون خ ل)وينسكون، حدثاء سفهاء، لايوجبون أمراً بمعروف، ولا نهياً عن منكر إلاّ إذأمنوا الضرر، يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير ـ إلى أن قال: ـ هنالك يتمّغضب اللّه عليهم فيعمّهم بعقابه، الحديث(1).
وذكر في الوسائل عقيب نقلها أقول: الضرر هنا محمول على فوات النفع،ويمكن حمله على وجوب تحمّل الضرر اليسير، وعلى استحباب تحمّل الضررالعظيم، ويظهر من بعض الأصحاب حمله على حصول الضرر للمأموروالمنهي، كما إذا افتقر إلى الجرح أوالقتل، إنتهى.
واحتمل في الجواهر أن يكون المراد اُناساً مخصوصين موصوفين بهذهالصفات(2). وكيف كان، لو علم أو ظنّ أنّ إنكاره موجب لتوجّه ضرر معتدّ بهماليّ، أونفسيّ، أو عرضيّ عليه، أو على أصحابه وأقربائه، بل وعلى المؤمنين،فالظاهر عدم الوجوب، بل لو لم يعلم ولم يظنّ بل كان هناك خوف عقلائيّمن توجّه الضرر لا يجب، كما في رواية الأعمش المتقدّمة.
كما في الخوف المسوّغ للإفطار في شهر رمضان؛ فإنّه لا يراد به مجرّدالاحتمال، بل لابدّ وأن يكون الاحتمال عقلائيّاً، كما أنّه في الضرر بأنواعهالمتقدّمة لابدّ وأنيكون معتدّاً به، فصرف مسمّى الضرر لا يوجب سقوطالتكليف.
نعم، إذا كان الضرر الّذي يخاف منه عظيماً، ربما يوجب حرمة الأمر
- (1) الكافي 5: 55 ح1، تهذيب الأحكام 6: 180 ح372، وعنهما وسائل الشيعة 16: 128، كتاب الأمربالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب2 ح6.
- (2) جواهر الكلام 22: 636.
(صفحه78)
بالمعروف والنهي عن المنكر، وما وقع من خصوص مؤمن آل فرعون وأبيذرّومثلهما، فلاُمور خاصّة لا يقاس عليها غيرها، كما في الجواهر(1).
- (1) جواهر الكلام 22: 636.