(صفحه200)
مسألة 5: يشترط في ثبوت الشفعة انتقال الحصّة بالبيع، فلو انتقلت بجعلهصداقاً أو فدية للخلع أو بالصلح أو الهبة فلا شفعة1.
1ـ حيث إنّك عرفت(1) أنّ ثبوت الشفعة على خلاف القاعدة، فاللاّزمالاقتصار في الحكم بثبوتها على القدر المتيقّن؛ وهو ما إذا كان انتقال الحصّةالمشاعة بسبب البيع، فلو كان الانتقال بسبب آخر، كما إذا جعلها صداقلزوجته، أو فدية في الطلاق الخلعي، أو بسبب الصلح أو الهبة ولو كان في البينعوض، فلا شفعة بالإضافة إلى الشريك، كما لا يخفى.
هذا، مضافاً إلى خصوص بعض الروايات: الشفعة في البيوع(2). وصحيحةأبي بصير ـ الواردة في الصداق ـ قال: سألته عن رجل تزوّج امرأة على بيتفي دار له، وله في تلك الدار شركاء؟ قال: جائز له ولها، ولا شفعة لأحد منالشركاء عليها(3)؛ بناءً على كون النظر إلى صداقيّته لاتعدّد الشركاء.
- (2) الكافي 5: 281 ح5، تهذيب الأحكام 7: 164 ح728، وعنهما وسائل الشيعة 25: 396، كتاب الشفعةب2 ح1.
- (3) تهذيب الأحكام 7: 167 ح742، الفقيه 3: 47 ح165، وعنهما وسائل الشيعة 25: 407، كتاب الشفعةب11 ح2.
(صفحه201)
مسألة 6: إنّما تثبت الشفعة لو كانت العين بين شريكين، فلا شفعة إذا كانت بينثلاثة وما فوقها، من غير فرق على الظاهر بين أن يكون البائع اثنين من ثلاثة مثلاً،فكان الشفيع واحداً وبالعكس. نعم، لو باع أحد الشريكين حصّته من اثنين مثلاً دفعةأوتدريجاً، فصارت العين بين ثلاثة بعد البيع، لا مانع من الشفعة للشريك الآخر، فهلله التبعيض؛ بأن يأخذ بها بالنسبة إلى أحد المشتريين ويترك الآخر، أو لا؟ وجهان،بل قولان، لا يخلو أوّلهما من قوّة1.
1ـ قد وقع الخلاف في ثبوت الشفعة فيما إذا كان هناك أزيد من شريكين،قال المحقّق في الشرائع: وهل تثبت لما زاد عن شفيع واحد؟ فيه أقوال:أحدها:نعم، تثبت مطلقاً على عدد الرؤوس، والثاني: تثبت في الأرضمع الكثرة، ولا تثبت في العبد إلاّ للواحد، والثالث: لا تثبت في شيءمع الزيادة على الواحد، وهو أظهر(1). وفي الجواهر: وأشهر، بل المشهور شهرةعظيمة كادت تكون إجماعاً، بل هي كذلك(2).
وعمدة الدليل ما أشرنا إليه(3) من كون الشفعة على خلاف الأصلوالقاعدة، ولا يصار إليها إلاّ مع دليل ظاهر، مضافاً إلى أنّ في روايةالصدوق، قال: وسئل الصادق عليهالسلام عن الشفعة لمن هي؟ وفي أيّ شيء
- (1) شرائع الإسلام 3: 255.
- (2) جواهر الكلام 37: 272، وكذا ادّعى الشهرة في المقتصر: 346، وجامع المقاصد 6: 362، ومسالكالأفهام 12: 279 ـ 280، ومجمع الفائدة والبرهان 9: 9 ـ 10، وكفاية الفقه، المشتهر بـ «كفاية الأحكام»1: 543، ومفاتيح الشرائع 3: 77، مفتاح 925، وهو خيرة جلّ القدماء والمتأخّرين بل كلّهم إلاّ أبوعليوالصدوق في الفقيه، وقوّاه العلاّمة في مختلف الشيعة 5: 356 مسألة 327، فليراجع مفتاح الكرامة18: 455 ـ 461.
(صفحه202)
هي(1)؟ وهل تكون في الحيوان شفعة؟ وكيف هي؟ قال: الشفعة واجبة في كلّشىء¨ من حيوان، أو أرض، أو متاع إذا كان الشيء بين شريكين لا غيرهما،فباع أحدهما نصيبه، فشريكه أحقّ به من غيره، فإن زاد على الاثنين فلشفعة لأحد منهم(2).
وهي مرسلة معتبرة، كما ذكرناه مراراً(3).
ومقتضى ذلك أنّه لا فرق بين أن يكون البائع اثنين من ثلاثة مثلاً، فكانالشفيع واحداً وبالعكس. وقد استدرك في المتن ما لو باع أحد الشريكينحصّته من اثنين مثلاً دفعةً أو تدريجاً، فصارت العين بين ثلاثة بعد البيع؛ فإنّهحينئذٍ تثبت الشفعة للشرك مع فرض وحدته.
لكن يقع الكلام في أنّه هل يلزم عليه إذا أراد الأخذ بالشفعة الأخذبالمجموع، أو له التبعيض بالنسبة إلى المشتريين؟ أو أزيد؟ نفى خلوّ الثانيعن القوّة؛ والظاهر أنّ الوجه فيه ثبوت حقّ الشفعة بالإضافة إلى الكلّ،لا بالنسبة إلى المجموع، فتدبّر.
- (1) كذا في الفقيه، ولكن في الكافي والتهذيب والاستبصار والوسائل هكذا: وفي أيّ شيء هي؟ ولمنتصلح؟ وهل تكون إلخ.
- (2) الفقيه 3: 46 ح162، الكافي 5: 281 ح8 ، تهذيب الأحكام 7: 164 ح730، الاستبصار 3: 116 ح413،وعنها وسائل الشيعة 25: 402، كتاب الشفعة ب7 ح2.
- (3) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الصلاة 1: 70، 163، 256، 377، 415 ـ 416، سيرىكامل در اصول فقه 13: 422 ـ 423.
(صفحه 203)
مسألة 7: لو كانت الدار مشتركة بين الطلق والوقف وبيع الطلق، لم يكنللموقوف عليه ـ ولو كان واحداً ـ ولا لوليّ الوقف شفعة، بل لو بيع الوقف في صورةصحّة بيعه، فثبوتها لذي الطلق محلّ إشكال، والأقوى عدم ثبوتها لو كان الوقفعلى أشخاص بأعيانهم وكانوا متعدّدين1.
1ـ قال المحقّق في الشرائع: ولو كانت الدار وقفاً، وبعضها طلقاً، فبيع الطلق،لم يكن للموقوف عليه شفعة ولو كان واحداً؛ لأنّه ليس مالكاً للرقبة علىالخصوص. وقال المرتضى رحمهالله : تثبت الشفعة(1)،(2).
أقول: في المسألة فرعان:
الأوّل: بيع الطلق في مفروض المسألة، وظاهر المتن كالمحقّق أنّه لاتثبتالشفعة للموقوف عليه ولو كان واحداً، ولا لوليّ الوقف؛ والوجه فيه كما فيكلام الشرائع: أنّه ليس مالكاً للرقبة على الخصوص وإن كان واحداً، أو صارواحداً حال بيع الشريك؛ لأنّ الموقوف عليهم في سائر الطبقات أيضاً مالكونله، خصوصاً بعد ما عرفت(3) من كون الشفعة على خلاف الأصل والقاعدة،ولا يصار إليها إلاّ بدليل ظاهر.
الثاني: بيع الوقف في صورة صحّة بيعه، كما في الموارد المعدودة المذكورة فيمحلّها(4)، وقد استشكل في المتن في ثبوت حقّ الشفعة بالنسبة إلى ذي الطلق،
- (2) شرائع الإسلام 3: 254، وكذا في المختصر النافع: 372، والدروس الشرعيّة 3: 358، ورياض المسائل12: 308، وفي المبسوط 3: 145 بلا خلاف.
- (3) في ص195 ـ 196، 201 و 202.
- (4) جواهر الكلام 28: 108 ـ 114، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الوقف: 81 ـ 87 .
(صفحه204)
ثمّ قوّى التفصيل بين ما لو كان الوقف على أشخاص بأعيانهم وكانومتعدّدين، بعدم الثبوت فيه، وبين غيره بالثبوت.
والظاهر أنّ الوجه فيه تعدّد الشركاء بنحو الوضوح في الصورة الاُولى،والتعدّد مانع عن الثبوت، بخلاف ما إذا لم يكن الوقف كذلك؛ بأن كان علىجهة عامّة، كالفقراء أو العلماء مثلاً، أو كان على الشخص ولم يكن متعدّداً، فإنّمجرّد الوقفيّة لايقدح في شمول أدلّة الشفعة، ولكنّ الظاهر عدم الثبوت مطلقاً؛للشكّ في الاندراج، وكون الشفعة على خلاف الأصل.