(صفحه270)
مسألة 23: لو أحدث شخص روشناً على الجادّة، فهل للطرف المقابل إحداثروشن آخر فوقه أو تحته بدون إذنه؟ فيه إشكال، خصوصاً في الأوّل، بل عدمالجواز فيه لا يخلو من قوّة. نعم، لو كان الثاني أعلى بكثير بحيث لم يشغل الفضاءالّذي يحتاج إليه صاحب الأوّل بحسب العادة ـ من جهة التشميس ونحوه ـ لا بأسبه1.
1ـ لو أحدث شخص روشناً على الجادّة، وكان باقياً ولم ينهدم أو يهدم،فهل للطرف المقابل إحداث روشن آخر فوق روشنه أو تحته بدون إذنهورضاه؟ فقد استشكل في المتن في الجواز، خصوصاً في إحداث الروشن فوقه،بل نفى خلوّ عدم الجواز فيه عن القوّة؛ لأنّه بإحداثه قد خصّ الفضاء غيرالمملوك لأحد بنفسه، فلا يجوز إحداث الروشن فوقه.
نعم، لوكان أعلى بكثير بحيث لم يشغل الفضاء الّذي يحتاج إليه صاحبالأوّل بحسب العادة من جهة التشميس وغيره، لا بأس به؛ لعدم مزاحمته لهحينئذٍ بوجه، كما لا يخفى.
(صفحه271)
مسألة 24: كما يجوز إحداث الرواشن على الجادّة، يجوز فتح الأبوابالمستجدّة فيها؛ سواء كان له باب آخر أم لا، وكذا فتح الشبّاك والروازن عليها،ونصب الميزاب فيها، وكذا بناء ساباط عليها إن لم يكن معتمداً على حائط غيره مععدم إذنه، ولم يكن مضرّاً بالمارّة ولو من جهة الظلمة، ولو فرض أنّه كما يضرّهم منجهة ينفعهم من جهة أو جهات اُخر، كالوقاية عن الحرّ والبرد، والتحفّظ عن الطينوغير ذلك، فالظاهر وجوب الرجوع إلى حاكم الشرع فيتّبع نظره.
وفي جواز احداث البالوعة للأمطار فيها ـ حتّى مع التحفّظ عن كونها مضرّةبالمارّة ـ وكذا نقب السرداب تحت الجادّة حتّى مع إحكام أساسه وبنيانه وسقفهـ بحيث يؤمن من الثقب والخسف والانهدام ـ إشكال وإن كان جوازه لا يخلومن قرب1.
1ـ كما أنّك عرفت أنّه يجوز إحداث الرواشن والأجنحة على الجادّة النافذةوالشارع العامّ، كذلك يجوز فتح الأبواب الجديدة فيها؛ سواء كان له باب آخرأم لا؛ وسواء كان بابه الآخر في الشارع النافذ، أو كان في الشارع غير النافذ،المسمّى بالطريق المرفوع أو الرافع، وكذا يجوز فتح الشبّاك والروازن عليها،ونصب الميزاب فيها، وقد عرفت(1) في كلام صاحب الجواهر قدسسره المتقدّم آنفأنّه صلىاللهعليهوآله فتح ميزاباً لدار عمّه العبّاس.
وفي محكيّ دعائم الإسلام: وعنه عليهالسلام أنّه قال: من أراد أن يحوّل باب دارهعن موضعه، أو يفتح معه باباً غيره في شارع مسلوك نافذ، فذلك له إلأن يتبيّن أنّ في ذلك ضرراً بيّنا، وإن كان ذلك في رائغة (رائقة سكة خ ل)
(صفحه272)
غير نافذة، لم يفتح فيها باباً ولم ينقله عن مكانه إلاّ برضا أهل الرائغة(الرائقة خ ل)(1).
وقد مرّ في كتاب إحياء الموات(2) أنّ الطرق غير النافذة تكون ملكلأربابها، الذين لهم أبواب نافذة إليها، وقد مضى التفصيل فراجع.
وكذا يجوز في المقام ـ أي الشارع العامّ ـ بناء ساباط عليها مع عدم اعتمادهعلى حائط الغير إلاّ بإذنه، ولم يكن مضرّاً بالمارّة ولو من جهة الظلمة علىوجه ذهب الضياء منه رأساً، أو بالإضافة إلى ضعيف البصر مطلقاً، أو ليلللاشتراك في الضرر.
ولو فرض أنّه كما يضرّهم من جهة ينفعهم من جهة أو جهات اُخر،كالاُمور المذكورة في المتن، فقد استظهر فيه وجوب الرجوع إلى حاكم الشرعواتّباع نظره في ذلك، والظاهر وجوب الاجتناب؛ لأنّ ما يضرّ بالمارّة ولو فيالجملة يكون ممنوعاً؛ من دون فرق بين وجود النفع وعدمه؛ ضرورة أنّ إيجادالنافع غير لازم، وقد استشكل في جواز إحداث البالوعة للأمطار فيها، حتّىمع التحفّظ عن كونها مضرّة بالمارّة، وكذا نقب السرداب تحت الجادّة، حتّىمع إحكام أساسه وبنيانه وسقفه، بحيث يؤمن من الضرر وإن نفى خلوّ الجوازعن قرب.
ولعلّ الوجه في البالوعة ما نشاهده في هذه الأمكنة من اجتماع الأمطار فيبعض الطرق العامّة الواقعة في السطح الأسفل، المانع من عبور الأفراد،
- (1) دعائم الإسلام 2: 505 ح1810، وعنه مستدرك الوسائل 17: 120، كتاب إحياء الموات ب11 ح2.
- (2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب إحياء الموات: 235، وبما أنّه كان شرح كتاب إحياءالموات مقدّماً على شرح هذا الجزء، ولذا عبّر هنا بـ «مرّ».
(صفحه 273)
بل بعض السيّارات، ولا طريق إلى حلّ هذا المشكل غير إيجاد البالوعةوحفرِها.
وأمّا نقب السرداب مع القيود المذكورة، فالدليل على الجواز فيه هو الدليلعلى جواز نصب الرواشن والأجنحة؛ من عدم كون الفضاء ملكاً لأحد حتّىلا يجوز للآخر التصرّف فيه ولو بهذا النحو، فالظاهر هو الجواز.
(صفحه274)
مسألة 25: لا يجوز لأحد إحداث شيء من روشن، أو جناح، أو بناء ساباط،أونصب ميزاب، أو فتح باب، أو نقب سرداب، وغير ذلك على الطرق غير النافذةإلاّ بإذن أربابها؛ سواء كان مضرّاً أم لا، وكذا لا يجوز لأحد من الأرباب إلاّ بإذنشركائه فيها، ولو صالح غيرهم معهم أو بعضهم مع الباقين على إحداث شيء منذلك صحّ ولزم؛ سواء كان مع العوض أم لا، ويأتي إن شاء اللّه في كتاب إحياءالموات بعض ما يتعلّق بالطريق1.
1ـ لا يجوز لأحد إحداث روشن أو مثله من الاُمور المذكورة في المتنعلى الطرق غير النافذة المسمّـاة بدريبة إلاّ بإذن أربابها، الذين يكونلهم ملك الطريق، وما عن المقدّس الأردبيلي(1) من التأمّل في ملكالطرق المرفوعة لأهلها، فقد ورد في الجواهر ممّا يرجع إلى أنّ الطريقالمرفوع إنكان بعض ملكهم أخرجوه لهم فيما بينهم لهذه المنفعة الخاصّة،فلا إشكال. وإن كان من المباحات، فقد أحيوه وحازوه على هذا الوجهالخاصّ بهم؛ ضرورة كون إحياء كلّ شيء بحسب حاله، ويدلّ عليه السيرةالمستمرّة في العمل في جميع الأعصار والأمصار؛ من دون فرق فيما ذكر بينصورة الإضرار وعدمه(2).
ومنه يظهر أنّه لا يجوز لأحد من الأرباب إلاّ بإذن شركائه فيها،كما هو مقتضى الشركة. نعم، لو تحقّق التصالح بين الأرباب وغيرهم،أو بعضهم مع الباقين صحّ ولزم؛ من دون فرق بين وجود العوض وعدمه،
- (1) مجمع الفائدة والبرهان 9: 375.
- (2) جواهر الكلام 26: 247 ـ 248.