(صفحه193)
لأجل قصوره الذاتي، أو لكبر سنّه، أو لجهات اُخر، وبعض الناس له القدرةعلى السعي في التجارة، لكن يده خالية عن الثروة الّتي يجعلها رأس المال فيالتجارة، فلذا حكم بمشروعيّة انضمامهما بحيث يكون المال من الأوّل، والسعيفي التجارة حضراً أو سفراً من الثاني، والربح بينهما على حسب توافقهما.
وهذا له شأن مهمّ في اقتصاد الجامعة الإسلاميّة، وعدم ركود المالوالشخص، وهذا واضح جدّاً.
وكذا في المقام، لو باع أحد الشريكين حصّته من المال المشترك من شخصأجنبيّ عنهما بالمعنى الّذي ذكرنا إذا لم يكن للشريك حقّ التملّك، والانتزاعمن المشتري ربما يقع في ضيق من ناحية أو نواحي متعدّدة، كما أنّه إذا كانالتملّك جائزاً بأقلّ ممّا بذله المشترى من الثمن يتوجّه الضرر إليه، فقد لاحظالحقّين بتشريع الشفعة بالنحو المذكور مع الشرائط الخاصّة، كما لا يخفى.
(صفحه194)
مسألة 2: لا إشكال في ثبوت الشفعة في كلّ ما لا ينقل إن كان قابلاً للقسمة،كالأراضي والبساتين والدور ونحوها، وفي ثبوتها فيما ينقل ـ كالثياب والمتاعوالسفينة والحيوان ـ وفيما لا يُنقَل إن لم يكن قابلاً للقسمة ـ كالضيّقة من الأنهاروالطرق والآبار، وغالب الأرحية والحمّامات، وكذا الشجر والنخيل والثمار علىالنخيل والأشجار ـ إشكال، فالأحوط للشريك عدم الأخذ بالشفعة إلاّ برضالمشتري، وللمشتري إجابة الشريك إن أخذ بها1.
1ـ القدر المتيقّن الّذي لا شبهة فيه في ثبوت الشفعة، ما إذا كان الشيءالّذي تجري فيه الشفعة واجداً لخصوصيّتين:
أحدهما: كونه ممّا لا ينقل،
وثانيهما: كونه قابلاً للقسمة، كالموارد المذكورة في المتن، وأمّا ما كانفاقداً لإحدى الخصوصيّتين أو كلتيهما، كما إذا كان من الأشياء المنقولة،كالأمثلة الّتي تعرّض لها في المتن، أو كانت غير منقولة ولم تكن قابلةً للقسمة،كالموارد الكثيرة المذكورة فيه، فقد استشكل الماتن قدسسره في جريان الشفعة فيها،واحتاط لزوماً لكلّ من الشريك والشفيع؛
أمّا الأوّل: فمن جهة عدم الأخذ بالشفعة إلاّ برضا المشتري.
وأمّا الثاني: فمن جهة إجابة الشريك إن أخذ بها وأراد إعمال حقّها.
ولعلّ وجه الإشكال أنّ الشفعة مع اشتمالها على الحكمة العالية الّتيأشرنا إليها تكون على خلاف القاعدة؛ لاقتضائها أن يكون قد انتقلمن المشتري على خلاف طيب نفسه ورضاه حصّة الشريك، الّتي اشتراهوصارت ملكاً له.
(صفحه195)
وهذا الأمر وإن كان قد يتحقّق في الشريعة في موارد متعدّدة، مثل ما إذتوقّف حفظ نفسه على التصرّف في مال الغير، وأكله مع الضمان ولو من دونرضاه، إلاّ أنّه يكون على خلاف القاعدة، ومورد الشفعة غالباً يكون كذلك؛لما عرفت من أنّ القدر المتيقّن ما ذكرنا، ولكن مع ذلك جعل مقتضىالاحتياط اللزومي ما أفاده من عدم الأخذ إلاّ برضا المشتري أوّلاً، وموافقةالمشتري للشريك إذا أراد الأخذ بالشفعة.
(صفحه196)
مسألة 3: إنّما تثبت الشفعة في بيع حصّة مشاعة من العين المشتركة، فلا شفعةبالجوار، فلو باع شخص داره أو عقاره ليس لجاره الأخذ بالشفعة، وكذا ليست فيالعين المقسومة إذا باع أحد الشريكين حصّته المفروزة، إلاّ إذا كانت داراً قد قسّمتبعد اشتراكها، أو كانت من أوّل الأمر مفروزة ولها طريق مشترك، فباع أحدالشريكين حصّته المفروزة من الدار، فتثبت الشفعة للآخر إذا بيعت مع طريقها.
بخلاف ما إذا بقي الطريق على الاشتراك بينهما، فلا شفعة حينئذٍ في بيع الحصّة،وفي إلحاق الاشتراك في الشرب ـ كالبئر والنهر والساقية ـ بالاشتراك في الطريقإشكال، لايترك الاحتياط في المسألة المتقدّمة فيه. وكذا في إلحاق البستانوالأراضي مع اشتراك الطريق بالدار، فلا يترك فيها أيضاً1.
1ـ إنّ مورد الشفعة ـ مع كونها على خلاف القاعدة ـ ما إذا كان المبيعحصّته مشاعة من العين المشتركة، كالنصف والثلث ومثلهما، فإذا لم يكن هناكاشتراك أصلاً، بل كان مجرّد المجاورة، فلا يثبت الشفعة للجار بمجرّده وإن كانالجار المشتري غير صالح في نفسه، بل كان مؤذياً؛ فإنّ الجار وإن كان بالغاً فيالأهميّة ورعاية حقوقه، حتّى ظنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه سيورثه(1)، إلاّ أنّ ذلكلا يقتضي ثبوت حقّ الشفعة للشريك في مثل المثال.
وكذا مورد الشفعة ما إذا كانت حصّته المبيعة مشتركة بين البائع والمشتري،
- (1) الفقيه 1: 32 ح108 و ج4: 7 قطعة من ح1، أمالي الطوسي: 520 ح1145، وعنهما وسائل الشيعة 2: 7،كتاب الطهارة، أبواب السواك ب1 ح8 ، وج9: 52، كتاب الزكاة، أبواب ما تجب فيه الزكاة ب7 ج16وج12: 127، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة ب86 ح5 وج23: 60، كتاب العتق ب33 ح3، وفيمستدرك الوسائل 8 : 427، كتاب الحج، أبواب أحكام العشرة ب73 ح6 و 8 ، عن دعائم الإسلام2: 87 ح265.
(صفحه197)
فلو كان هناك اشتراك في السابق، وفي حال المعاملة تكون الحصّتان مفروزتينغير مرتبطين، لا يكون في البين شفعة أصلاً، ولكن استثنى في المتن مورداً منذلك، وهو: ما لو كان الحصّتان المفروزتان مشتركتين في الطريق الّذي يعبرعنه، وكان المبيع الحصّة المفروزة بضميمة الحصّة المشاعة من الطريقالمشترك؛ فإنّه حينئذٍ تثبت الشفعة بالإضافة إلىكلّ المبيع؛ لصدق كون المبيعمشتركاً ولو باعتبار اشتراك الطريق.
والعمدة صحيحة منصور بن حازم قال: سألت أبا عبداللّه عليهالسلام عن دار فيهدور، وطريقهم واحد في عرصة الدار، فباع بعضهم منزله من رجل، هللشركائه في الطريق أن يأخذوا بالشفعة؟ فقال: إن كان باع الدار وحوّل بابهإلى طريق غير ذلك، فلا شفعة لهم، وإن باع الطريق مع الدار فلهم الشفعة(1).
وقد رواها في الوسائل(2) في باب واحد مرّتين مع اختلاف يسير. وهذبخلاف ما إذا باع خصوص الحصّة المفروزة، وبقي الطريق على الاشتراكالقبلي، والفرق واضح، وهنا إشكال بالإضافة إلى أمرين:
أحدهما: إلحاق الاشتراك في أحد الاُمور المذكورة في المتن بالاشتراك فيالطريق.
ثانيهما: إلحاق الأراضي والبساتين مع اشتراك الطريق بالدار، ونهىفي المتن عن ترك الاحتياط المتقدّم في المسألة السابقة في هذين الأمرين،وهو: أنّ الاحتياط للشريك أن لا يأخذ بحقّ الشفعة، وللمشتري الإجابة
- (1 ، 2) الكافي 5: 280 ح2، وص281 ح9، تهذيب الأحكام 7: 165 ح731 و 732، الاستبصار 3: 117ح417 و 418، وعنها وسائل الشيعة 25: 398 كتاب الشفعة ب4 ح1 ـ 2.