(صفحه114)
مسألة 5: لا يجوز إشفاع الإنكار بما يحرم وينكر كالسبّ والكذب والإهانة.نعم، لو كان المنكر ممّا يهتمّ به الشارع ولا يرضى بحصوله مطلقاً ـ كقتل النفسالمحترمة وارتكاب القبائح والكبائر الموبقة ـ جاز، بل وجب المنع والدفع ولو معاستلزامه ما ذكر لو توقّف المنع عليه1.
1ـ لا يجوز الإشفاع وضمّ الإنكار بما يكون محرّماً كذلك، كالاُمور الثلاثةالمذكورة في المتن. نعم، لو كان المنكر الّذي يريد النهي عنه ممّا يهتمّ به الشارع،ولا يرضى بحصوله مطلقاً ـ ولو في صورة الإكراه المشتمل على التوعيد بالقتل،كقتل النفس المحترمة، ومثله كارتكاب القبائح، والكبائر الموبقة كالزنا بالمحارمالنسبيّة، كالاُمّ والاُخت ـ جاز، بل وجب المنع والدفع ولو كان مقروناً بواحدمن تلك الاُمور الثلاثة لو كان مستلزماً لما ذكر.
(صفحه115)
مسألة 6: لو كان بعض مراتب القول أقلّ إيذاءً وإهانةً من بعض ما ذكر فيالمرتبة الاُولى، يجب الاقتصار عليه، ويكون مقدّماً على ذلك، فلو فرض أنّ الوعظوالإرشاد بقول ليّن ووجه منبسط مؤثّر أو محتمل التأثير، وكان أقلّ إيذاءً من الهجروالإعراض ونحوهما، لا يجوز التعدّي منه إليهما.
والأشخاص آمراً ومأموراً مختلفون جدّاً، فربَّ شخص يكون إعراضه وهجرهأثقل وأشدّ إيذاءً وإهانة من قوله وأمره ونهيه، فلابدّ للآمر والناهي ملاحظةالمراتب والأشخاص والعمل على الأيسر ثمّ الأيسر1.
1ـ لو كان بعض مراتب القول ـ الّذي هو واقع في المرتبة الثانية ـ أقلّ إيذاءًوإهانةً من بعض ما ذكر في المرتبة الاُولى، يجب الاقتصار عليه، ويكون مقدّمعلى ذلك، كالمثال المفروض في المتن، الّذي يكون الوعظ والإرشاد والقولالليّن إذا كان مقروناً بوجه منبسط يكون أقلّ إيذاءً وإهانةً من الهجروالإعراض ونحوهما؛ لاختلاف الأشخاص من هذه الجهة.
كما أنّه يكون الاختلاف بين الأمرين من هذه الجهة أيضاً لا يجوز التعدّيمنه إليهما، والمفروض صورة الاشتراك في التأثير علماً أو احتمالاً، غاية الأمرالاختلاف في أقلّية الإيذاء ونحوه وأكثريّته، فإذا كانت المرتبتان مشتركتين فيالتأثير المطلوب، والاختلاف بينهما في الأقلّية والأكثريّة من الإيذاء، فيظهروجوب الاقتصار على الأقلّ؛ لما عرفت(1) من لزوم التحفّظ على احترامالمؤمن، وعدم هتك عرضه مع الإمكان.
والنتيجة ما أفاده في الذيل من أنّ اللاّزم للآمر والناهي ملاحظة المراتبوالأشخاص، والعمل على الأيسر فالأيسر.
(صفحه116)
مسألة 7: لو فرض تساوي بعض ما في المرتبة الاُولى مع بعض ما في المرتبةالثانية، لم يكن ترتيب بينهما، بل يتخيّر بينهما، فلو فرض أنّ الإعراض مساوٍ للأمرفي الإيذاء، وعلم أو احتمل تأثير كلّ منهما يتخيّر بينهما، ولا يجوز الانتقالإلى الأغلظ1.
1ـ لو فرض تساوي ما في المرتبة الاُولى بجميع درجاتها مع بعضدرجات المرتبة الثانية؛ من جهة الإيذاء والإهانة مع الاشتراك أيضاً في العلمأو احتمال التأثير، يكون في هذا الفرض مخيّراً بينهما؛ لفرض الاشتراك فيالأمرين والتساوي فيهما، فلا يجوز الانتقال إلى الأغلظ، كما هو ظاهر.
(صفحه117)
مسألة 8 : لو احتمل التأثير وحصول المطلوب بالجمع بين بعض درجاتالمرتبة الاُولى أو المرتبة الثانية، أو بالجمع بين تمام درجات الاُولى أو الثانية ممّأمكن الجمع بينها، أو الجمع بين المرتبتين ممّا أمكن ذلك، وجب ذلك بما أمكن،فلو علم عدم التأثير لبعض المراتب، واحتمل التأثير في الجمع بين الانقباضوالعبوس، والهجر والإنكار لساناً مشفوعاً بالغلظة والتهديد، ورفع الصوتوالإخافة ونحو ذلك، وجب الجمع1.
1ـ في هذه المسألة فروض:
الأوّل: لو احتمل التأثير وحصول المطلوب من الأمر والنهي بالجمع بينبعض درجات المرتبة الاُولى مع البعض الآخر من هذه المرتبة، أو بالجمع بينبعض درجات المرتبة الثانية مع البعض الآخر من تلك المرتبة ـ وبالجملة:يكون التأثير المعلوم أو المحتمل بالنسبة إلى الجمع بين كثير من درجات كلّواحدةمنالمرتبتين: الاُولىوالثانية ـ يجب عليهالجمعليحصلالغرضالمطلوب.
الثاني: احتمال التأثير وحصول المطلوب بالجمع بين تمام درجات المرتبةالاُولى، أو بالجمع بين تمام الدرجات الثانية إذا كان الجمع بينهما ممكناً، وفيهذا الفرض يجب الجمع لما ذكر من توقّف حصول الغرض عليه.
الثالث: احتمال التأثير وحصول المطلوب بالجمع بين المرتبتين إذا أمكنذلك، وفي هذا الفرض أيضاً يجب الجمع بينهما، وذكر في المثال الأخير أنّهلو علم عدم التأثير لبعض المراتب؛ يعني بمجرّدة، ولكن احتمل التأثير فيالجمع بين الانقباض والعبوس، والهجر والإنكار، لساناً مشفوعاً بالغلظة ورفعالصوت والإخافة ونحو ذلك، وجب الجمع؛ لأنّ التأثير المحتمل إنّما هو بسببه،كما هو المفروض.
(صفحه118)
مسألة 9: لو توقّف دفع منكر أو إقامة معروف على التوسّل بالظالم ليدفعه عنالمعصية جاز، بل وجب مع الأمن عن تعدّيه ممّا هو مقتضى التكليف، ووجب علىالظالم الإجابة، بل الدفع واجب على الظالم كغيره، ووجبت عليه مراعاة ما وجبتمراعاته على غيره من الإنكار بالأيسر ثمّ الأيسر1.
مسألة 10: لو حصل المطلوب بالمرتبة الدانية من شخص، وبالمرتبة الّتيفوقها من آخر، فالظاهر وجوب ما هو تكليف كلّ منهما كفائيّاً، ولا يجب الإيكالإلى من حصل المطلوب منه بالمرتبة الدانية2.
1ـ لو كان دفع المنكر أو إقامة المعروف متوقّفاً على التوسّل بالظالموالاستمداد منه ليدفعه عن معصية فعل المنكر أو ترك المعروف يجوز التوسّلالمذكور، بل يجب مع الأمن عن تعدّيه ممّا هو مقتضى التكليف، ويجب علىالظالم الإجابة، بل هو أيضاً مكلّف بالأمرين كغيره، ولا يكون تلبّسه بالظلممانعاً عن التكليف المزبور، ولا مستلزماً لتحقّق المخالفة بالنسبة إلى سائرالتكاليف.
غاية الأمر أنّه تجب عليه مراعاة ما وجبت مراعاته على غيره من الإنكاربالأيسر ثمّ الأيسر، كما عرفت.
2ـ لو كان هنا شخصان يحصل المطلوب في هذا الباب من أحدهما بالمرتبةالدانية، ومن الآخر يتوقّف على المرتبة الّتي فوقها، فقد استظهر في المتن في هذالفرض عدم تعيّن التكليف على الأوّل الّذي يحصل المطلوب منه بالمرتبةالدانية، بل التكليف ثابت على كلّ منهما بنحو الواجب الكفائي.