(صفحه111)
مسألة 2: لو احتمل حصول المطلوب بالوعظ والإرشاد والقول الليّن يجبذلك، ولا يجوز التعدّي عنه1.
1ـ كما أنّك عرفت(1) أنّ في المرتبة الاُولى درجات، ولا يجوز التعدّيعن الدرجة الدانية إلى ما بعدها من الدرجات، مع وجود احتمال التأثيرفي الدرجة الدانية، كذلك يكون اختلاف الدرجة موجوداً في هذه المرتبةأيضاً، فإذا احتمل حصول المطلوب في هذه المرتبة بالوعظ والإرشادوالقول الليّن يجب الاقتصار عليها، ولا يجوز التعدّي عنها؛ لما مرّ(2) من أنّالأمرين وإنكانا واجبين، إلاّ أنّ احترام المؤمن وأهمّية عِرضه لا يجوزأن يغفل عنه، والوعظ والإرشاد أيضاً لا يخلو من الإشعار بما يخلّ بذلك،فلا يجوز التعدّي عنه.
(صفحه112)
مسألة 3: لو علم عدم تأثير ما ذكر انتقل إلى التحكّم بالأمر والنهي، ويجبأن يكون من الأيسر في القول إلى الأيسر مع احتمال التأثير، ولا يجوز التعدّي،سيّما إذا كان المورد ممّا يهتك الفاعل بقوله1.
1ـ لو علم عدم تأثير ما ذكر في المسألة السابقة من الوعظ والإرشادوالقول الليّن، ينتقل الأمر إلى هذه الدرجة؛ وهي التحكّم بالأمر والنهي،ويجب أن يلاحظ في هذه الدرجة أيضاً الأيسر فالأيسر في القول، فإذا احتملالتأثير في القول الغليظ في الجملة، لا يجوز التعدّي إلى الأغلظ منه، خصوصفي صورة هتك الفاعل بسبب قول الآمر والناهي.
وقد عرفت أنّ حفظ احترام المؤمن ثابت ولو بالنسبة إلى الفاسقإذا لم يكن بنفسه متجاهراً في فسقه، والإنصاف أنّ رعاية الدرجات فضلعن المراتب في غاية الصعوبة، لكنّ اللاّزم تشخيصها وإعمالها، كما هو ظاهر.
(صفحه113)
مسألة 4: لو توقّف دفع المنكر وإقامة المعروف على غلظة القول، والتشديدفيالأمر والتهديد والوعيد على المخالفة، تجوز بل تجب مع التحرّز عن الكذب1.
1ـ لو توقّف رفع المنكر وتحقّق المعروف على غلظة القول والتشديد فيالأمر، والتهديد والوعيد على المخالفة بقراءة الآيات الدالّة على إيعاد النارأو الإيقاع في العذاب، وعددها كثير(1)، وربما يقال(2): إنّها الملاك في اتّصافالمعصية بكونها كبيرة؛ وإن كان قد عرفت(3) أنّ وجوب الأمرين لا يختصّبها.
وكيف كان، ففي التوقّف المذكور تصير الغلظة جائزة، بل واجبة بشرطالتحرّز عن الكذب الّذي هو بنفسه منكر.
- (1) سورة البقرة 2: 114، 174، 257 و 275، سورة النساء 4: 10، 29 ـ 30، 93 وغيرها، وفي الجواهر13: 509 ـ 516، نقل عن العلاّمة الطباطبائي، أنّه حصر الوارد في الكتاب في أربع وثلاثين مورد.
- (2) مجمع الفائدة والبرهان 12: 315 ـ 319، ذخيرة المعاد: 303 ـ 305، الحدائق الناظرة 10: 46.
(صفحه114)
مسألة 5: لا يجوز إشفاع الإنكار بما يحرم وينكر كالسبّ والكذب والإهانة.نعم، لو كان المنكر ممّا يهتمّ به الشارع ولا يرضى بحصوله مطلقاً ـ كقتل النفسالمحترمة وارتكاب القبائح والكبائر الموبقة ـ جاز، بل وجب المنع والدفع ولو معاستلزامه ما ذكر لو توقّف المنع عليه1.
1ـ لا يجوز الإشفاع وضمّ الإنكار بما يكون محرّماً كذلك، كالاُمور الثلاثةالمذكورة في المتن. نعم، لو كان المنكر الّذي يريد النهي عنه ممّا يهتمّ به الشارع،ولا يرضى بحصوله مطلقاً ـ ولو في صورة الإكراه المشتمل على التوعيد بالقتل،كقتل النفس المحترمة، ومثله كارتكاب القبائح، والكبائر الموبقة كالزنا بالمحارمالنسبيّة، كالاُمّ والاُخت ـ جاز، بل وجب المنع والدفع ولو كان مقروناً بواحدمن تلك الاُمور الثلاثة لو كان مستلزماً لما ذكر.
(صفحه115)
مسألة 6: لو كان بعض مراتب القول أقلّ إيذاءً وإهانةً من بعض ما ذكر فيالمرتبة الاُولى، يجب الاقتصار عليه، ويكون مقدّماً على ذلك، فلو فرض أنّ الوعظوالإرشاد بقول ليّن ووجه منبسط مؤثّر أو محتمل التأثير، وكان أقلّ إيذاءً من الهجروالإعراض ونحوهما، لا يجوز التعدّي منه إليهما.
والأشخاص آمراً ومأموراً مختلفون جدّاً، فربَّ شخص يكون إعراضه وهجرهأثقل وأشدّ إيذاءً وإهانة من قوله وأمره ونهيه، فلابدّ للآمر والناهي ملاحظةالمراتب والأشخاص والعمل على الأيسر ثمّ الأيسر1.
1ـ لو كان بعض مراتب القول ـ الّذي هو واقع في المرتبة الثانية ـ أقلّ إيذاءًوإهانةً من بعض ما ذكر في المرتبة الاُولى، يجب الاقتصار عليه، ويكون مقدّمعلى ذلك، كالمثال المفروض في المتن، الّذي يكون الوعظ والإرشاد والقولالليّن إذا كان مقروناً بوجه منبسط يكون أقلّ إيذاءً وإهانةً من الهجروالإعراض ونحوهما؛ لاختلاف الأشخاص من هذه الجهة.
كما أنّه يكون الاختلاف بين الأمرين من هذه الجهة أيضاً لا يجوز التعدّيمنه إليهما، والمفروض صورة الاشتراك في التأثير علماً أو احتمالاً، غاية الأمرالاختلاف في أقلّية الإيذاء ونحوه وأكثريّته، فإذا كانت المرتبتان مشتركتين فيالتأثير المطلوب، والاختلاف بينهما في الأقلّية والأكثريّة من الإيذاء، فيظهروجوب الاقتصار على الأقلّ؛ لما عرفت(1) من لزوم التحفّظ على احترامالمؤمن، وعدم هتك عرضه مع الإمكان.
والنتيجة ما أفاده في الذيل من أنّ اللاّزم للآمر والناهي ملاحظة المراتبوالأشخاص، والعمل على الأيسر فالأيسر.