(صفحه31)
مسألة 9: لو توقّفت إقامة فريضة أو قلع منكر على ارتكاب محرّم أو تركواجب، فالظاهر ملاحظة الأهمّية1.
1ـ لو توقّفت إقامة فريضة أو إقلاع منكر على ارتكاب محرّم أو تركواجب، فقد استظهر في المتن لزوم ملاحظة الأهمّية؛ فإنّ الواجبات لا تكونفي مرتبة واحدة، والمحرّمات أيضاً كذلك، وقد اشتهر أنّ المعاصي على قسمين:كبيرة، وصغيرة(1).
وربما يقال: إنّ كلّ كبيرة صغيرة بالإضافة إلىمافوقها، وكبيرة بالنسبةإلى ما تحتها(2).
وببالي أنّ في الروايات(3) الواردة في هذا المجال: أنّ أكبر الكبائر سبع،وفي رأسها الشرك باللّه تبارك وتعالى «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِىوَيَغْفِرُ مَادُونَ ذَ لِكَ لِمَن يَشَآءُ»(4)؛ فإنّ مدلوله أنّ المعاصي الاُخر واقعةدون الشرك.
وقد ذكرنا نظير ذلك بالنسبة إلى مسألة الإكراه، والّتي ربما يقال: إنّه يحلّلما دون القتل من المحرّمات، وإجماله: أنّه لابدّ في ذلك من ملاحظة الأهميّة؛ فإنّ
- (1) مجمع الفائدة والبرهان 12: 318 ـ 320، مصابيح الظلام 1: 444، جواهر الكلام 13: 501، وهو خيرةالمبسوط 8 : 217، والوسيلة: 230، تحرير الأحام 5: 247، الرقم 6621، وإيضاح الفوائد 4: 420 ـ 421،والدروس الشرعيّة 2: 125 وغيرها.
- (2) أوائل المقالات (سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) 4: 83 ـ 84 ، العدّة في اُصول الفقه 1: 139، المهذّب 2:556، كما في مسالك الأفهام 14: 166، السرائر 2: 118، مجمع البيان في تفسير القرآن 3: 67.
- (3) تهذيب الأحكام 4: 149 ح417، الفقيه 3: 366 ح1745، الخصال: 363 ح56، علل الشرائع: 392 ح2،وعنها وسائل الشيعة 15: 326، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح20 و 22.
(صفحه32)
التوعيد بالقتل يوجب حلّية الزنا عن إكراه في الجملة. وأمّا التوعيد بمثل هتكالعرض للزنا بالمحارم النسبيّة، فلا يوجب مثل هذا الإكراه حلّيته، بل لا مجاللتوهّمها، وقد أشرنا إلى هذا الأمر في بعض المباحث(1).
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الطلاق: 19 ـ 21، وكتاب الحدود: 27 ـ 28، وكتابالقصاص: 69 ـ 70.
(صفحه 33)
مسألة 10: لو كان قادراً على أحد الأمرين: الأمر بالمعروف الكذائي، أو النهيعن المنكر الكذائي، يلاحظ الأهمّ منهما، ومع التساوي مخيّر بينهما1.
1ـ لو كان قادراً على أحد الواجبين فقط دون الجمع بينهما، فهو يقدر إمّعلى الأمر بالمعروف الكذائي، وإمّا على النهي عن المنكر الكذائي على سبيلالمنفصلة مانعة الخلوّ، فاللازم ملاحظة الأهمّ منهما، وقد عرفت أنّ الواجباتلا تكون في رتبة واحدة، وكذا المحرّمات لا تكون في عرض واحد، فاعلم أنّمقايسة الأمرين أيضاً كذلك، فربّ محرّم يكون مقدّماً على واجب، أترى أنّالزنا المحرّم يساوي في الدرجة مع ترك الجواب عن السلام الواجب؟!
وهكذا الحال في عكس المسألة، أترى أنّ ترك الصلاة مع وقوعها في أعلىدرجة العبادات، إن قبلت قُبل ما سواها وإن ردّت رُدَّ ماسواها(1)، هل يمكنأن تقع في رتبة محرّم لا يساويه في الدرجة أصلاً؟! فاللازم أوّلاً ملاحظةالأهمّ من المعروف والمنكر، وبعد ثبوت التساوي يكون مخيّراً بين الأمروالنهي لفرض التساوي.
- (1) اقتباس ممّا ورد في الكافي 3: 268 ح4، والفقيه 1: 134 ح626 و 627، وتهذيب الأحكام 2: 239 ح46،وعنها وسائل الشيعة 4: 34، كتاب الصلاة أبواب أعداد الفرائض ب8 ح10، و ص108 أبواب المواقيتب1 ح2، وفي أمالي الصدوق: 730 ـ 731، أنّه في دين الإماميّة.
(صفحه34)
مسألة 11: لا يكفي في سقوط الوجوب بيان الحكم الشرعي، أو بيان مفاسدترك الواجب وفعل الحرام، إلاّ أن يفهم منه عرفاً ولو بالقرائن الأمر أو النهي،أوحصل المقصود منهما، بل الظاهر كفاية فهم الطرف منه الأمر أو النهي لقرينةخاصّة وإن لم يفهم العرف منه1.
1ـ لا يكفي في سقوط الوجوب الثابت بالإضافة إلى الأمرين مجرّد بيانالحكم الشرعي الراجع إلى بيان معروفيّة المعروف ومنكريّة المنكر، ولامجرّدبيان مفاسد ترك الواجب وفعل الحرام ولو بالنسبة إلى الآثار الوضعيّةالدنيويّة المترتّبة عليهما، أو شدّة العقوبة الاُخرويّة عليهما، إلاّ في صورتين:
إحداهما: فهم العرف من ذلك ولو بسبب القرائن الأمر أو النهي.
ثانيتهما: حصول المقصود من الأمر أو النهي بسبب ذلك، بحيث صارمؤثّراً في تحقّق المعروف، أو الانتهاء عن المنكر.
وفي الذيل استظهر ما يرجع إلى عدم لزوم فهم العرف العامّ ذلك، بل يكفيفهم شخص الطرف المخاطب ولو بقرينة خاصّة، ولعلّه أنسب، كما لا يخفى.
(صفحه35)
مسألة 12: الأمر والنهي في هذا الباب مولويّ من قبل الآمر والناهي ولو كانسافلين، فلا يكفي فيهما أن يقول: إنّ اللّه أمرك بالصلاة، أو نهاك عن شرب الخمر،إلاّأن يحصل المطلوب منهما، بل لابدّ وأن يقول: صلِّ مثلاً، أو لا تشرب الخمر،ونحوهما ممّا يفيد الأمر والنهي من قبله1.
1ـ حيث إنّ الأمر والنهي في هذا الباب واجب على الآمر والناهي، فلابدّوأن يكون بنحو يفيد الإلزام، ولا يلاحظ فيهما ما لوحظ في الاُصول في إفادةالأمر للوجوب من اعتبار العلوّ في الآمر(1)، كما أنّه لابدّ وأن يكون بنحوالمولويّة لا الإرشاد، فلا يكفي المثال المذكور في المتن.
كما أنّه لايكفي أن يقول مثلاً: إن صلّيت فلك ثواب كذا وكذا، أو إن شربتالخمر تستحقّ عقوبة كذا وكذا، إلاّ أن يكون هذا النحو مؤثّراً في حصولالمطلوب، بل لابدّ وأن يقول: صلّ مثلاً، أو لا تشرب الخمر كذلك، ونحوهمممّا يفيد الأمر والنهي من قبله.
- (1) كفاية الاُصول: 83 ، مناهج الوصول إلى علم الاُصول 1: 239 ـ 240، دراسات في الاُصول 1: 371 ـ 374.