(صفحه163)
مسألة 10: لو هجم عليه ليقتله أو على حريمه وجب الدفاع، ولو علم أنّه يصيرمقتولاً، فضلاً عمّا دونه، وفضلاً عمّا لو ظنّ أو احتمل، وأمّا المال فلا يجب، بلالأحوط الاستسلام مع احتمال القتل، فضلاً عن العلم به1.
1ـ قد وقع في هذه المسألة التفصيل بين ما لو كان غرض المهاجم قتلالمدافع، أو الهجمة على حريمه، وبين ما لو كان غرضه مجرّد الوصول إلىالمال،فأوجب الدفاع في الأوّل ولو مع العلم بأنّه يصير مقتولاً، فضلاً عمّا لو لم يكنهناك علم، بل مجرّد ظنّ أو احتمال.
وجعل مقتضى الاحتياط ـ بعد الحكم بعدم وجوب الدفاع ـ الاستسلام معاحتمال القتل فضلاً عن العلم به، وأقول:
أمّا الوجه في الوجوب في الأوّل، فواضح؛ لئلاّ يتحقّق القتل أو الهجمة علىالحريم. وأمّا الوجه في عدم الوجوب في الثاني: أنّ المال أهون من أن يتعرّضالإنسان لما يوجب قتله؛ وإن كان مقتضى بعض الروايات: أنّ «من قتل دونماله فهو شهيد»(1)، لكنّ الظاهر الاختصاص بما إذا لم يحتمل المدافع ذلك،فتدبّر.
(صفحه164)
مسألة 11: لو أمكن التخلّص عن القتال بالهرب ونحوه، فالأحوط التخلّص به،فلو هجم على حريمه وأمكن التخلّص بوجه غير القتال، فالأحوط ذلك1.
مسألة 12: لو هجم عليه ليقتله أو على حريمه وجبت المقاتلة ولو علم أنّ قتالهلا يفيد في الدفع، ولا يجوز له الاستسلام فضلاً عمّا لو ظنّ أو احتمل ذلك،وأمّاالمال، فلا يجب، بل الأحوط الترك2.
1ـ مقتضى الاحتياط اللاّزم فيما إذا أراد المهاجم قتله، أو الهجمة علىحريمه، أنّه إذا أمكن التخلّص عنه بطريق غير القتال رعاية ذلك الطريق وإنقلنا بأنّه يجب الدفاع فيما إذا انحصر التخلّص والدفاع بالقتل، فتأمّل.
2ـ قد وقع في هذه المسألة تفصيل شبيه التفصيل المتقدّم في المسألةالعاشرة، غاية الأمر أنّ الملحوظ هناك مقتوليّة المهاجم، وهنا مقتوليّة المدافع،ومرجع التفصيل إلى أنّ وجوب المقاتلة مع المهاجم فيما إذا هجم عليه ليقتله،أو على حريمه ثابت ولو مع العلم بأنّ قتاله لا يكاد يجدي في الدفع، فلا يجوزله الاستسلام حينئذٍ فضلاً عن صورة الظنّ، أو احتمال عدم التأثير.
وأمّا المال، فلا يجب عليه ذلك فيه، بل مقتضى الاحتياط الترك، وقدعرفتأنّ قوله صلىاللهعليهوآله : «من قتل دون ماله فهو شهيد» منصرف عن هذه الصورة.
(صفحه165)
مسألة 13: بعد تحقّق قصد المهاجم إليه ولو بالقرائن الموجبة للوثوق، يجوز لهالدفع بلا إشكال، فهل يجوز مع الظنّ أو الاحتمال الموجب للخوف؟ الظاهر عدمالجواز مع الأمن من ضرره لو كان قاصداً لشدّة بطشه وقدرته، أو إمكان الدفاع بوجهلو كان قاصداً له، ومع عدمه ففيه إشكال1.
مسألة 14: لو أحرز قصده إلى نفسه أو عرضه أو ماله، فدفعه فأضرّ به أو جنىعليه، فتبيّن خطؤه، كان ضامناً وإن لم يكن آثماً2.
1ـ قد فرض في المسألة صورتين:
إحداهما: ما لو ثبت قصد المهاجم إليه ولو بالقرائن المفيدة للوثوق،وقد جوّز الدفاع في هذه الصورة بلا إشكال لما عرفت.
ثانيتهما: ما لو لم يثبت ذلك ولو بتلك القرائن، بل كان هناك مجرّد الظنّأوالاحتمال الموجب للخوف، وقد استظهر فيه التفصيل بين فرض الأمن منضرره؛ لعدم كونه قاصداً للهجمة، بل لشدّة بطشه أو قدرته أو إمكان الدفاعبوجه مع قصده لها، فلا يجوز الدفاع بمعنى المقاتلة في هذا الفرض، وبين فرضعدم الأمن من ضرره، فقد استشكل فيه؛ نظراً إلى دلالة بعض ماتقدّم(1) علىالجواز بمجرّد دخول اللصّ.
2ـ فيما إذا أخطأ في إحراز قصده إلى نفسه أو عرضه أو ماله، فدفعه فأضرّبه أو جنى عليه، ثمّ تبيّن الخطأ، يكون الحكم الوضعي وهو الضمان ثابتاً؛ لعدمجواز الدفاع بهذا النحو شرعاً، ولكنّ الحكم التكليفي الموجب لترتّب الإثم،فلا يكون ثابتاً؛ لاعتقاده عدمه، فتدبّر.
(صفحه166)
مسألة 15: لو قصده لصّ أو محارب فاعتقد خلافه، فحمل عليه لا للدفع، بللغرض آخر، فالظاهر عدم الضمان ولو قتله وإن كان متجرّئاً1.
مسألة 16: لو هجم لصّان أو نحوهما كلّ على الآخر، فإن كان أحدهما بادئوالآخر مدافعاً، ضمن البادئ ولا يضمن المدافع وإن كان لو لم يبتدئه ابتدأه،وإنهجما، فالظاهر ضمان كلّ منهما لو جنى على صاحبه، ولو كفَّ أحدهما فصالالآخر وجنى عليه ضمن2.
1ـ لو قصده لصّ أو محارب فأراد قتله، ولكن اعتقد هذا الشخص خلافه،ومع اعتقاد الخلاف حمل عليه لا لأجل الدفع، بل لغرض آخر غير مجاز،فقد استظهر في المتن عدم الضمان؛ نظراً إلى اتّصاف عمله بالدفاع واقعوإن لم يكن معتقداً له، فلو تحقّق القتل حينئذٍ لا يكون ضامناً وإن كان متجرّئاً؛لدلالة ما تقدّم(1) على عدم ثبوت الضمان إذا كان هناك دفاع حقيقة.
2ـ لو تهاجم لصّان أو محاربان كلّ على الآخر، فاللاّزم ملاحظة البادئأوّلاً، فإن كان أحدهما كذلك، والآخر مدافعاً ضمن البادئ ولا يضمنالمدافع؛ لانطباق عنوان الدفاع على عمله؛ وإن كان لو لم يتحقّق من البادئذلك كان يتحقّق من المدافع، لكنّ الملاك الواقعيّة، لا النيّة، وإن تحقّق التهاجممن كلّ منهما من دون أن يكون هناك بادٍ، فقد استظهر في المتن ضمان كلّ منهملو جنى على صاحبه؛ لعدم وجود المدافع في البين، ولو كفّ أحدهما فصالالآخر وجنى عليه، يكون هو الضامن وحده.
(صفحه167)
مسألة 17: لو هجم عليه لصّ ونحوه، لكن علم أنّه لا يمكنه إجراء ما قصده،لمانع ـ كنهر أو جدار ـ كفّ عنه، ولا يجوز الإضرار به جرحاً أو نفساً أو غيرهما،ولوأضرّ به ضمن، وكذا لو كان عدم المكنة لضعفه1.
مسألة 18: لو هجم عليه وقبل الوصول إليه ندم وأظهر الندامة، لا يجوزالإضرار به بشيء، ولو فعل ضمن. نعم، لو خاف أن يكون ذلك خدعة منه، وخافذهاب الفرصة لو أمهله، فلا يبعد الجواز، لكن ضمن لو كان صادقاً2.
1ـ لو هجم عليه لصّ ونحوه، ولكن علم أنّه لا يمكنه إجراء ما قصده، إمّلوجود المانع كنهر أو جدار مثلاً، وإمّا لضعف المهاجم وعدم قدرته، فاللاّزمحينئذٍ وجوب الكفّ عنه؛ للعلم بعدم ثبوت الإمكان له، ولا يجوز الإضراربه حينئذٍ بوجه جرحاً أو نفساً أو غيرهما؛ لعدم حصول شيء من قبلهبالإضافة إليه، فلو أضرّ به والحال هذه لا ينطبق عليه عنوان الدفاع أصلاً،فتدبّر.
2ـ لو هجم عليه وقبل الوصول إليه ندم وأظهر الندامة واطمئنّ الشخصبذلك، فلا يجوز له الإضرار به بشيء، ولو فعل ذلك يكون ضامناً؛ لعدم تحقّقعنوان الدفاع حينئذٍ. نعم، لو لم يكن له اطمئنان وخاف أن يكون ذلك خدعةوحيلة منه، وخاف أيضاً ذهاب الفرصة مع الإمهال، فقد نفى البعد في المتنعن الجواز بعنوان الحكم التكليفي، ولكنّ الحكم الوضعي ـ وهو الضمان ـ ثابتلو ظهر صدقه؛ لما ذكرنا من عدم تحقّق عنوان الدفاع حينئذٍ وإن كان جائزله لأجل الخوفين المذكورين، كما لا يخفى.