(صفحه119)
مسألة 11: لو كان إنكار شخص مؤثّراً في تقليل المنكر، وإنكار الآخر مؤثّراً فيدفعه، وجب على كلّ منهما القيام بتكليفه، لكن لو قام الثاني بتكليفه، وقلع المنكرسقط عن الآخر، بخلاف قيام الأوّل الموجب للتقليل؛ فإنّه لا يسقط بفعله تكليفالثاني1.
مسألة 12: لو علم إجمالاً بأنّ الإنكار بإحدى المرتبتين مؤثّر، يجب بالمرتبةالدانية، فلو لم يحصل بها المطلوب انتقل إلى العالية2.
1ـ لو كان أيضاً هنا شخصان يكون تأثير انكار أحدهما تقليل المنكر،والآخر قلعه من رأس، فالواجب على كلّ منهما القيام بتكليفه، غاية الأمر أنّهلو قام الثاني المؤثّر في القلع، لم يبق الموضوع لتكليف الأوّل؛ لفرض قلعه منأصل، ولو قام الأوّل المؤثّر في التقليل، يكون تكليف الثاني باقياً غير ساقط؛لفرض بقاء المنكر وإن حصل تقليله بفعل الآخر، لكن أصله باق كما هوالمفروض.
2ـ وجه وجوب الاقتصار أوّلاً على المرتبة الدانية في مفروض المسألةالشكّ في التكليف بالنسبة إلى الزائد، فإذا فرض عدم حصول الغرض بهيثبت الزائد.
(صفحه120)
المرتبة الثالثة: الإنكار باليد
مسألة 1: لو علم أو اطمأنّ بأنّ المطلوب لا يحصل بالمرتبتين السابقتين، وجبالانتقال إلى الثالثة؛ وهي إعمال القدرة مراعياً للأيسر فالأيسر1.
مسألة 2: إن أمكنه المنع بالحيلولة بينه وبين المنكر، وجب الاقتصار عليهلو كان أقلّ محذوراً من غيرها2.
1ـ المرتبة الثالثة: الإنكار باليد، وكلمة «اليد» كناية عن القدرة،كماصرّح به في المسألة الاُولى من مسائل هذه المرتبة، واستعمالها فيها كثير،كقول الشاعر: شلّت يد الطغيان والتعدّي(1).
وكيف كان، لو علم أو اطمأنّ بأنّ المطلوب لا يحصل بالمرتبتين السابقتينبجميع درجاتهما المتقدّمة، ولا بالجمع بينهما، كما هو المفروض في بعض المسائلالمتقدّمة، يتحقّق الانتقال إلى هذه المرتبة؛ وهي إعمال القدرة مراعياً للأيسرفالأيسر؛ للتحفّظ ـ ضمن حصول الغرض ـ على شأن المسلم واحترامه،كما عرفت(2).
2ـ أوّل درجة من درجات هذه المرتبة احتمال حصول المطلوب بالحيلولةبين الفاعل، وبين المنكر، فلو أمكنه المنع بالحيلولة يجب الاقتصار عليهلو كان أقلّ محذوراً من غيرها.
- (1) صدره: وجاوزوا الحدّ بلطم الخدّ، والبيت للحكيم الإلهي الاصفهاني الغروي قدسسره ، الأنوار القدسيّة: 36.
(صفحه121)
مسألة 3: لو توقّفت الحيلولة على تصرّف في الفاعل أو آلة فعله ـ كما لوتوقّفت على أخذ يده أو طرده، أو التصرّف في كأسه الّذي فيه الخمر، أو سكّينهونحو ذلك ـ جاز بل وجب1.
1ـ لو استلزمت الحيلولة وتوقّفت على تصرّف، إمّا في الفاعل، وإمّا في آلةفعله المنكر، كالأمثلة المذكورة في المتن، جاز بل وجب، والمراد بالسّكينما لا يراد به قتل النفس المحترمة، الّذي لا يرضى الشارع به أصلاً، وإلاّ فإذكان مراده ذلك فالواجب شديداً المقابلة معه بأيّ نحو أمكنت؛ لئلاّ يتحقّقالأمر الّذي لا يكون الشارع راضياً به قطعاً، والوجه واضح.
(صفحه122)
مسألة 4: لو توقّف دفع المنكر على الدخول في داره أو ملكه، والتصرّف فيأمواله ـ كفرشه وفراشه ـ جاز لو كان المنكر من الاُمور المهمّة، الّتي لا يرضىالمولى بخلافه كيف ما كان، كقتل النفس المحترمة، وفي غير ذلك إشكالوإن لا يبعد بعض مراتبه في بعض المنكرات1.
1ـ لو توقّف دفع المنكر على الدخول في داره أو ملكه، كالتصرّف فيأمواله؛ كفراشه وفرشه مع عدم إذن من الفاعل، بل ولا عدم رضاه، ففيالمسألة صورتان:
إحداهما: ما إذا كان المنكر من الاُمور المهمّة الّتي يرضى الشارع بخلافهكيفما كان، كقتل النفس المحترمة على ما عرفت(1)، وفي هذه الصورة يجوز بلتجب الاُمور المذكورة الّتي يتوقّف عليها رفع المنكر؛ ليحصل الغرض المهمّعند الشارع؛ وهو عدم القتل، كما مرّ آنفاً.
ثانيتهما: ما إذا لم يكن المنكر ـ مثل الصورة الاُولى ـ من الاُمور المهمّةالموصوفة بما ذكر، وقد استشكل في هذه الصورة في جواز الاُمور المذكورة، بلنفى البُعد عن بعض مراتبه في بعض المنكرات، ولعلّه ناظر إلى أنّ المنكر إنكان مثل شرب الخمر لا تجوز الاُمور المذكورة عند التوقّف، وكذا مثله. وأمّإذا كان مثل اللواط والزنا بالمحارم النسبيّة، فلا يبعد جواز بعض الاُمورالمذكورة، كالتصرّف في فراشه وفرشه، فتدبّر.
(صفحه123)
مسألة 5: لو انجرّت المدافعة إلى وقوع ضرر على الفاعل، ككسر كأسهأو سكّينه، بحيث كان من قبيل لازم المدافعة، فلا يبعد عدم الضمان. ولو وقعالضرر على الآمر والناهي من قبل المرتكب، كان ضامناً وعاصياً1.
مسألة 6: لو كسر القارورة الّتي فيها الخمر مثلاً، أو الصندوق الّذي فيه آلاتالقمار ممّا لم يكن ذلك من قبيل لازم الدفع، ضمن وفعل حراماً2.
1ـ لو انجرّت المدافعة إلى وقوع ضرر على فاعل المنكر، بحيث كان وقوعالضرر المزبور لازم المدافعة غير منفكّ عنها عادةً، كالمثالين المذكورين فيالمتن، فقد نفى البُعد عن عدم الضمان؛ لأنّ مقتضى التوقّف وعدم الانفكاكالجواز شرعاً، ومع ثبوت الجواز كذلك لا ضمان؛ وإن حكم بالضمان في بعضموارد الجواز، كأكل طعام الغير إذا اضطرّ إليه لأجل التخلّص من الهلاكالمسبّب عن الجوع، لكنّ الإضطرار يغاير الموارد الاُخر.
نعم، لو وقع الضرر على الآمر والناهي من قبل المرتكب، ولو كان بعنوانالدفاع عن فعل نفسه، لا إشكال ظاهراً في الضمان والعصيان.
2ـ في الفرضين المذكورين في المتن، إذا لم يكن ذلك من قبيل لازم الدفعيكون الضمان ثابتاً، وكذلك فعل الحرام؛ لعدم التوقّف المذكور.