(صفحه63)
مسألة 19: لو علم شخصان إجمالاً بأنّ إنكار أحدهما مؤثّر دون الآخر، وجبعلى كلّ منهما الإنكار، فإن أنكر أحدهما فأثّر سقط عن الآخر، وإلاّ يجب عليه1.
مسألة 20: لو علم إجمالاً أنّ إنكار أحدهما مؤثّر، والآخر مؤثّر في الإصرارعلى الذنب، لا يجب2.
1ـ لو علم شخصان إجمالاً بأنّ إنكار أحدهما مؤثّر دون الآخر، وجبعلى كلّ منهما الإنكار؛ وذلك لثبوت الاحتمال بالنسبة إلى كلّ منهما، وهو الملاكللوجوب، كما تقدّم مراراً(1)، فإن تصدّى أحدهما للإنكار، فإن لم يؤثّر إنكارهيجب على الآخر ذلك؛ لبقاء الاحتمال على ما هو المفروض، وإن أثّر ووقعالانزجار فالتكليف ساقط عن الآخر؛ لانتفاء الموضوع، وهذا ظاهر.
2ـ وجه عدم الوجوب ما تقدّم في شرح المسألة السابعة عشر، فراجع.
(صفحه64)
الشرط الثالث: أن يكون العاصي مصرّاً على الاستمرار، فلو علم منه التركسقط الوجوب1.
1ـ الأمر الثالث: أن يكون العاصي مصرّاً على الاستمرار. قال المحقّق قدسسره فيالشرائع: الثالث: أن يكون الفاعل له ـ يعني المنكر ـ مصرّاً على الاستمرار،فلو لاح منه أمارة الامتناع سقط الإنكار(1). ونفى الخلاف في اعتبار هذالشرط في الجواهر في فرض استفادة القطع من الأمارة(2).
والدليل على اعتبار هذا الأمر ـ مضافاً إلى ما ذكر ـ أنّ النهي عن المنكرمثلاً ـ الّذي هو مورد كلام المحقّق وإن كان لا خصوصيّة له ـ إذا فرضبالإضافة إلى المنكر الّذي صدر منه، فمن المعلوم أنّه لا يوجب تغيير الواقع عمّوقع عليه، فلابدّ أن يلاحظ بالإضافة إلى صدور المنكر في الاستقبال، فلوعلم منه الترك في الاستقبال يسقط وجوب النهي.
وهذا بخلاف ما إذا كان مصرّاً على الاستمرار ولو دفعة ثانية فقط،والإصرار يتحقّق بالعزم على العود، أو عدم العزم على استمرار الترك، كما فيالإصرار على المعاصي الصغيرة، الّذي هي معصية كبيرة.
وقد تقدّم في المسألة الحادية عشر المتقدّمة أنّه لو همَّ بإتيان معصيةواحتمل تأثير نهيه وجب، فالمسقط للوجوب فعلاً هو العلم بعدم الاستمرار،وعدم التحقّق منه في الاستقبال.
- (1) شرائع الإسلام 1: 342.
- (2) جواهر الكلام 22: 631.
(صفحه65)
مسألة 1: لو ظهرت منه أمارة الترك فحصل منها القطع، فلا إشكال في سقوطالوجوب، وفي حكمه الاطمئنان. وكذا لو قامت البيّنة عليه إن كان مستندهالمحسوس أو قريباً منه. وكذا لو أظهر الندامة والتوبة1.
1ـ لو ظهرت منه أمارة الترك، وقد حصل منها القطع بذلك، فلا شبهة فيسقوط الوجوب، كما عرفت، ويقوم مقام القطع الاطمئنان الّذي مرّ(1) مكرّرأنّه حجّة عقلائيّة. وأمّا البيّنة القائمة على الترك في الاستقبال، ففي المتن: أنّ فيهتفصيلاً، فإن كان مستندها المحسوس أو القريب من المحسوس ـ مثل العدالةالّتي هي قريبة من الحسّ وإن كانت هي عبارة عن الملكة الكذائيّة، كما قرّر فيمحلّه(2) ـ فلا إشكال في حجّيتها. وأمّا إذا لم تكن كذلك فلا؛ لعدم ثبوتالإطلاق في دليل حجّيتها.
وذكر في الذيل، وكذا ـ يعنى مثل البيّنة ـ لو أظهر الندامة والتوبة، والظاهرلزوم تقييده بما إذا لم يعلم كون إظهاره وتوبته مخالفاً لقلبه واعتقاده؛ ضرورةأنّه في هذه الصورة يصدق عليه الإصرار، كما لا يخفى.
- (2) مختلف الشيعة 8 : 501 ذ مسألة 76، تحرير الأحكام 5: 246، الرقم 6621، ذكري الشيعة 4: 101، جامعالمقاصد 2: 372، مجمع الفائدة والبرهان 2: 351، وج12: 311، مدارك الأحكام 4: 67، ذخيرة المعاد:303 س18 وص305 س12، بحار الأنوار 88 : 32، الحدائق الناضرة 10: 13، مصابيح الظلام 1: 428،رسالة في العدالة للشيخ الأنصاري، رسائل فقهيّة (تراث الشيخ الأنصاري رحمهالله ): 5 ـ 6، تفصيل الشريعة فيشرح تحرير الوسيلة، كتاب الاجتهاد والتقليد: 303 ـ 307.
(صفحه66)
مسألة 2: لو ظهرت منه أمارة ظنّية على الترك، فهل يجب الأمر أو النهي،أو لا؟ لا يبعد عدمه. وكذا لو شكّ في استمراره وتركه. نعم، لو علم أنّه كان قاصدللاستمرار والارتكاب، وشكّ في بقاء قصده، يحتمل وجوبه على إشكال1.
1ـ لو ظهرت منه أمارة مفيدة للظنّ الشخصي، ولكنّها لم تكن معتبرة علىترك المنكر وفعل المعروف في الاستقبال والآتي من الزمان، فهل يجب الأمرأو النهي، أو لا؟ قد نفى في المتن البعد عن عدم الوجوب؛ ولعلّه لعدم إحرازالإصرار، بل قام الظنّ الشخصي على الخلاف. وكذا لو كان هناك مجرّد الشكّفي الاستمرار والترك من دون أمارة ظنّية؛ لعدم إحراز الإصرار، مضافإلى أنّ مقتضى الاستصحاب العدم.
واستدرك ما لو علم أنّه كان قاصداً للاستمرار والارتكاب ومصرّاً عليه،وشكّ في بقاء قصده وعدمه، فقد احتمل الوجوب على إشكال؛ ولعلّ الوجهفيه: أنّ مقتضى الاستصحاب في هذه الصورة بقاء القصد وعدم زواله،كما لا يخفى.
(صفحه67)
مسألة 3: لو قامت أمارة معتبرة على استمراره وجب الإنكار، ولو كانت غيرمعتبرة ففي وجوبه تردّد، والأشبه عدمه1.
مسألة 4: المراد بالاستمرار الارتكاب ولو مرّة اُخرى، لا الدوام، فلو شربمسكراً وقصد الشرب ثانياً فقط، وجب النهي2.
1ـ لو قامت أمارة معتبرة غير مفيدة للظنّ الشخصي ـ كما هو الشأن فيالأمارات المعتبرة ـ على الاستمرار والعود ولو مرّة اُخرى، فالواجب الإنكار،كما عرفت(1) فيما لو قامت البيّنة عليه فيما إذا كانت مستندة إلى الحسّ أوقريبمنه. وأمّا لو كانت الأمارة الكذائيّة غير معتبرة، فقد تردّد في الوجوب وجعلالأشبه العدم؛ لعدم تحقّق الإصرار الّذي يكون اللاّزم القطع أو الاطمئنان به،أو قيام أمارة معتبرة عليه.
2ـ قد أشرنا(2) آنفاً إلى أنّ المراد بالاستمرار الارتكاب ولو مرّة اُخرى،لا الدوام والإتيان دفعات، ففي مثال شرب المسكر المذكور في المتن، لوشربهوقصد الشرب ثانياً، ولو علم أنّه لا يشرب بعدها أبداً يجب النهي عن المنكر؛لعدم الفرق فيه بين المرّة والمرّات، كما هو الظاهر، وقد مرّ في بعض المسائلالسابقة أنّه لو همَّ بإتيان محرّم ولو لم يفعله أصلاً يجب النهي عنه مع احتمالالتأثير، فراجع(3).