(صفحه29)
مسألة 6: لو قطع أو اطمأنّ بقيام الغير لا يجب عليه القيام. نعم، لو ظهر خلافقطعه يجب عليه، وكذا لو قطع أو اطمأنّ بكفاية من قام به لم يجب عليه، ولو ظهرالخلاف وجب1.
1ـ لو حصل له القطع الّذي هي حجّة عقليّة، أو الاطمئنان الذي هو حجّةعقلائيّة؛ بأنّ غير الكافي قام بإتيان هذين الواجبين، لا يجب عليه القيام بعدفرض كون الواجب كفائيّاً وقام به من به الكفاية والغناء. نعم، لو ظهر كونقطعه جهلاً مركّباً، وأنّ اطمئنانه كان مخالفاً للواقع، يجب عليه القيام بالوظيفةالشرعيّة.
ولو حصل له القطع أو الاطمئنان بكفاية من قام به في مقام الإتيانبالواجب، لا يجب عليه القيام أيضاً في هذه الصورة، لكن لو ظهر له الخلافوجب عليه القيام مع الكفاية أو إمكان الجمع؛ لعين ما ذكرنا في الفرع السابق،كما لا يخفى.
(صفحه30)
مسألة 7: لا يكفي الاحتمال أو الظنّ بقيام الغير أو كفاية من قام به، بل يجبعليه معهما. نعم، يكفي قيام البيّنة1.
مسألة 8 : لو عدم موضوع الفريضة، أو موضوع المنكر سقط الوجوب وإن كانبفعل المكلّف، كما لو أراق الماء المنحصر الّذي يجب حفظه للطهارة، أو لحفظنفس محترمة2.
1ـ لا يكفي مجرّد الاحتمال أو الظنّ غير البالغ مرتبة الاطمئنان بقيام الغيربهذه الوظيفة، أو كفاية من قام بها، بل الواجب عليه القيام مع الاحتمالأو الظنّ المذكورين، إلاّ أن يكون هناك حجّة شرعيّة على القيام أو الكفاية،كالبيّنة التي هي معتبرة شرعاً في مثل المورد.
2ـ لو انعدم موضوع الفريضة أو موضوع المنكر سقط الوجوب؛ لفرضانعدامه ولو كان الانعدام ناشئاً عن فعل المكلّف، وكان ذلك الفعل محرّماً،كما يظهر من المثال الّذي أفاده في المتن، ولا مانع من اجتماع الحرام أو غيرالجائز مع سقوط الوظيفة المبحوث عنها في المقام؛ لعدم الارتباط بين الأمرين،فأيّ ارتباط بين عدم جواز إراقة الماء المنحصر، الّذي يجب حفظه للطهارة،أو لحفظ نفس محترمة، وبين بقاء الوظيفة المبحوث عنها في المقام بعد انعدامموضوعها، كما هو المفروض، فتدبّر.
(صفحه31)
مسألة 9: لو توقّفت إقامة فريضة أو قلع منكر على ارتكاب محرّم أو تركواجب، فالظاهر ملاحظة الأهمّية1.
1ـ لو توقّفت إقامة فريضة أو إقلاع منكر على ارتكاب محرّم أو تركواجب، فقد استظهر في المتن لزوم ملاحظة الأهمّية؛ فإنّ الواجبات لا تكونفي مرتبة واحدة، والمحرّمات أيضاً كذلك، وقد اشتهر أنّ المعاصي على قسمين:كبيرة، وصغيرة(1).
وربما يقال: إنّ كلّ كبيرة صغيرة بالإضافة إلىمافوقها، وكبيرة بالنسبةإلى ما تحتها(2).
وببالي أنّ في الروايات(3) الواردة في هذا المجال: أنّ أكبر الكبائر سبع،وفي رأسها الشرك باللّه تبارك وتعالى «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِىوَيَغْفِرُ مَادُونَ ذَ لِكَ لِمَن يَشَآءُ»(4)؛ فإنّ مدلوله أنّ المعاصي الاُخر واقعةدون الشرك.
وقد ذكرنا نظير ذلك بالنسبة إلى مسألة الإكراه، والّتي ربما يقال: إنّه يحلّلما دون القتل من المحرّمات، وإجماله: أنّه لابدّ في ذلك من ملاحظة الأهميّة؛ فإنّ
- (1) مجمع الفائدة والبرهان 12: 318 ـ 320، مصابيح الظلام 1: 444، جواهر الكلام 13: 501، وهو خيرةالمبسوط 8 : 217، والوسيلة: 230، تحرير الأحام 5: 247، الرقم 6621، وإيضاح الفوائد 4: 420 ـ 421،والدروس الشرعيّة 2: 125 وغيرها.
- (2) أوائل المقالات (سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) 4: 83 ـ 84 ، العدّة في اُصول الفقه 1: 139، المهذّب 2:556، كما في مسالك الأفهام 14: 166، السرائر 2: 118، مجمع البيان في تفسير القرآن 3: 67.
- (3) تهذيب الأحكام 4: 149 ح417، الفقيه 3: 366 ح1745، الخصال: 363 ح56، علل الشرائع: 392 ح2،وعنها وسائل الشيعة 15: 326، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح20 و 22.
(صفحه32)
التوعيد بالقتل يوجب حلّية الزنا عن إكراه في الجملة. وأمّا التوعيد بمثل هتكالعرض للزنا بالمحارم النسبيّة، فلا يوجب مثل هذا الإكراه حلّيته، بل لا مجاللتوهّمها، وقد أشرنا إلى هذا الأمر في بعض المباحث(1).
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الطلاق: 19 ـ 21، وكتاب الحدود: 27 ـ 28، وكتابالقصاص: 69 ـ 70.
(صفحه 33)
مسألة 10: لو كان قادراً على أحد الأمرين: الأمر بالمعروف الكذائي، أو النهيعن المنكر الكذائي، يلاحظ الأهمّ منهما، ومع التساوي مخيّر بينهما1.
1ـ لو كان قادراً على أحد الواجبين فقط دون الجمع بينهما، فهو يقدر إمّعلى الأمر بالمعروف الكذائي، وإمّا على النهي عن المنكر الكذائي على سبيلالمنفصلة مانعة الخلوّ، فاللازم ملاحظة الأهمّ منهما، وقد عرفت أنّ الواجباتلا تكون في رتبة واحدة، وكذا المحرّمات لا تكون في عرض واحد، فاعلم أنّمقايسة الأمرين أيضاً كذلك، فربّ محرّم يكون مقدّماً على واجب، أترى أنّالزنا المحرّم يساوي في الدرجة مع ترك الجواب عن السلام الواجب؟!
وهكذا الحال في عكس المسألة، أترى أنّ ترك الصلاة مع وقوعها في أعلىدرجة العبادات، إن قبلت قُبل ما سواها وإن ردّت رُدَّ ماسواها(1)، هل يمكنأن تقع في رتبة محرّم لا يساويه في الدرجة أصلاً؟! فاللازم أوّلاً ملاحظةالأهمّ من المعروف والمنكر، وبعد ثبوت التساوي يكون مخيّراً بين الأمروالنهي لفرض التساوي.
- (1) اقتباس ممّا ورد في الكافي 3: 268 ح4، والفقيه 1: 134 ح626 و 627، وتهذيب الأحكام 2: 239 ح46،وعنها وسائل الشيعة 4: 34، كتاب الصلاة أبواب أعداد الفرائض ب8 ح10، و ص108 أبواب المواقيتب1 ح2، وفي أمالي الصدوق: 730 ـ 731، أنّه في دين الإماميّة.