(صفحه239)
ما ذكرنا، ذكر(1) أنّ من طرق التخلّص عن الشفعة إذا أراد البائع أو المشتريالفرار عنها إيقاع الصلح مع العوض المفيد فائدة البيع؛ فإنّه لا شفعة حينئذٍ.
وكيف كان، فالظاهر في الصلح هو الاستقلال وإن أفاد فائدة الاُمورالاُخر، ويؤيّد الاستقلال ـ مضافاً إلى ما ذكر(2) من أنّ مجرّد إفادة عقد فائدةعقد آخر لا يوجب دخول عنوانه فيه، كالهبة المعوّضة الّتي تكون مشتركة معالبيع في التمليك بعوض، مع أنّه لم يقل أحد بكونها بيعاً في هذه الصورة ـ أنّهلا يعتبر في عقد الصلح إلاّ قصد عنوانه، لا قصد سائر العناوين الّتي ربملا يلتفت إليها؛ ضرورة أنّه لو كان عبارة عن تلك العقود، لكان اللاّزم قصدعناوينها، مع وضوح عدم تعلّق القصد بها، كما لا يخفى.
- (1) أي الماتن قدسسره في ص231 مسألة 24 من كتاب الشفعة.
- (2) كما ذكر في مفتاح الكرامة 17: 20 ـ 21، وجواهر الكلام 26: 212.
(صفحه240)
مسألة 2: الصلح عقد يحتاج إلى الإيجاب والقبول مطلقاً، حتّى فيما أفاد فائدةالإبراء والإسقاط على الأقوى، فإبراء الدين وإسقاط الحقّ وإن لم يتوقّفا علىالقبول، لكن إذا وقعا بعنوان الصلح توقّفا عليه1.
1ـ قد عرفت أنّ الصلح أمر مستقلّ بنفسه وعنوان برأسه، وعرفت أيضأنّه عبارة عن التراضي والتسالم، ومن المعلوم توقّف التراضي والتوافق علىالطرفين، فاعلم أنّه ممّا يترتّب على الأمرين كونه من العقود المتوقّفة علىالإيجاب والقبول في جميع أنواعه.
أمّا فيما أفاد فائدة العقود كالبيع والإجارة، فواضح. وأمّا فيما أفاد فائدةالإبراء والإسقاط، فالظاهر أنّ الأمر كذلك؛ فإبراء الدين وإسقاط الحقّوإن لم يتوقّفا على القبول من الطرف الآخر، لكنّهما إذا وقعا بعنوان الصلحالّذي له أحكامه الخاصّة توقّفا عليه، ولا يتحقّقان بدون القبول.
(صفحه241)
مسألة 3: لا يعتبر في الصلح صيغة خاصّة، بل يقع بكلّ لفظ أفاد التسالم علىأمر؛ من نقل، أو قرار بين المتصالحين، لـ «صالحتك عن الدار أو منفعتها بكذا»أو مايفيد ذلك1.
1ـ لا دليل على اعتبار صيغة خاصّة ولا لغة خاصّة؛ من العربيّة والماضويّةوغيرهما، بل يقع بكلّ لفظ ـ ولو لم يكن عربيّاً ـ أفاد التسالم على أمر؛ مننقل، أو قرار بين المتصالحين، كالمثالين المذكورين في المتن، إنّما المعتبر قصدالعنوان في مقابل سائر العناوين الاُخر. نعم، يعتبر فيه ماسيأتي(1) إن شاء اللّهتعالى من البلوغ، والعقل، والاختيار، فانتظر.
(صفحه242)
مسألة 4: عقد الصلح لازم من الطرفين، لا يفسخ إلاّ بالإقالة أو الخيار حتّىفيماأفاد فائدة الهبة الجائزة، والظاهر جريان جميع الخيارات فيه إلاّ خيار المجلسوالحيوان والتأخير؛ فإنّها مختصّة بالبيع، وفي ثبوت الأرش لو ظهر عيب في العينالمصالح عنها أو عوضها إشكال، بل لا يخلو عدم الثبوت من قوّة، كما أنّ الأقوىعدم ثبوت الردّ من أحداث السنة1.
1ـ عقد الصلح لازم من الطرفين؛ لجريان أصالة اللزوم أوّلاً، ولأنّمبنى الصلح على قطع الأمر مع التراضي والتسالم ثانياً. نعم، يجري فيهالإقالة الّتي يمكن أن يقال بأنّ مرجعها إلى صلح جديد، وقد استظهر اللزومحتّى فيما أفاد فائدة الهبة الجائزة؛ لمغايرته معها كما عرفت(1) من أنّه عنوانمستقلّ برأسه.
كما أنّه استظهر جريان جميع الخيارات فيه إلاّ ما كان دليله واردفي مورد البيع خاصّة، كالخيارات الثلاثة المذكورة في المتن، وقد أشرنا(2)إلى جملة منها.
وفي صورة ظهور العيب في العين المصالح عنها، أو عوضها استشكل فيثبوت الأرش الجاري في البيع، بل نفى خلوّ عدم الثبوت عن قوّة؛ والظاهر أنّالوجه فيه: أنّ الأدلّة الواردة في العيب ـ الدالّد على ثبوت الأرش ـ قد وردتفي مورد البيع، حيث يكون من انتقل إليه المعيب مخيّراً بين الردّ والأرش.
وأمّا غيره، فلا دليل فيه على ثبوت الأرش، مع كونه مخالفاً للأصل
(صفحه243)
والقاعدة، وهذا بخلاف خياري الشرط والغبن ومثلهما؛ لأنّ دليل الأوّل«المؤمنون عند شروطهم»(1) وهو مطلق، ودليل الثاني يجري في غير البيعأيضاً. نعم، بالإضافة إلى الردّ أيضاً لابدّ من التفصيل بين أحداث السنة،فدليلها يختصّ بالبيع، وبين غيرها، فالظاهر هو الثبوت.
- (1) تهذيب الأحكام 7: 371 ذ ح1503، الاستبصار 3: 232 ذ ح835 ، وعنهما وسائل الشيعة 21: 276، كتابالنكاح، أبواب المهور ب20 ذ ح4.