(صفحه69)
من وجوبها.
وقد تقدّم(1) أنّ مجرّد الإظهار لا يكفي ما لم يكن مطابقاً لاعتقاده، إلأن يقال: إنّ التوبة أمر باطنيّ لا يعرف إلاّ بالإظهار نوعاً، ومنه يعلمأنّ المعصية المرتكبة لابدّ وأن لا يكون لها محمل صحيح شرعاً، فإذا ادّعىأنّ شرب المسكر إنّما هو لقطعه بعدم كونه مسكراً، وأنّه تخيّل كونه ماءً،أولتوقّف رفع عطشه الّذي يخاف معه الهلاك عليه، فلا مجال لنهيه، كما هوغيرخفيّ.
(صفحه70)
مسألة 6: لو ظهر من حاله ـ علماً أو اطمئناناً أو بطريق معتبر ـ أنّه أراد ارتكابمعصية لم يرتكبها إلى الآن، فالظاهر وجوب نهيه1.
مسألة 7: لا يشترط في عدم وجوب الإنكار إظهار ندامته وتوبته، بل مع العلمونحوه على عدم الاستمرار لم يجب وإن علم عدم ندامته من فعله، وقد مرّ أنّوجوب الأمر بالتوبة غير وجوب النهي بالنسبة إلى المعصية المرتكبة2.
1ـ قد تقدّمت هذه المسألة في المسألة الحادية عشر المتقدّمة(1)، ولافرقبينهما إلاّ في مجرّد أنّ ظاهر الموضوع هناك صورة العلم، وهنا أعمّ منه، فتدبّر.
2ـ قد مرّ آنفاً في المسألة الخامسة أنّه يجب الأمر بالتوبة؛ لأنّها منالواجبات، وقد تقدّم أيضاً تغاير هذا مع الأمر أو النهي بالإضافة إلى المعصيةالخارجيّة المرتكبة، وأنّه لو علم مثلاً على عدم الاستمرار على المعصية لا يجبالنهي عنها وإن علم عدم ندامته عنها، غاية الأمر وجوب أمره بالتوبة،كما عرفت.
(صفحه71)
مسألة 8 : لو علم عجزه، أو قام الطريق المعتبر على عجزه عن الإصرار واقعاً،وعلم أنّ من نيّته الإصرار لجهله بعجزه، لا يجب النهي بالنسبة إلى الفعل غيرالمقدور؛ وإن وجب بالنسبة إلى ترك التوبة والعزم على المعصية لو قلنا بحرمته1.
1ـ لو علم عجزه، أو قام ما يقوم مقامه على عجزه عن الإصرار بحسبالواقع، لكنّه علم أنّ من قصده الإصرار والاستمرار لجهله بعجزه، واعتقادهالعدم، لا يجب النهي بالنسبة إلى الفعل غير المقدور يقيناً؛ لغرض عجزه علمأو ما يقوم مقامه، ولكن هنا أمران يجب الأمر بالإضافة إليهما: أحدهما: التوبةكما تقدّم(1)، وثانيهما: العزم على المعصية ونيّتها لو قلنا بالحرمة، وأنّه منهيّ عنه؛فإنّه يجب النهي عنه على هذا التقدير.
(صفحه72)
مسألة 9: لو كان عاجزاً عن ارتكاب حرام، وكان عازماً عليه لو صار قادراً،فلوعلم ولو بطريق معتبر حصول القدرة له، فالظاهر وجوب إنكاره، وإلاّ فلا، إلعلى عزمه على القول بحرمته1.
مسألة 10: لو اعتقد العجز عن الاستمرار وكان قادراً واقعاً، وعلم بارتكابه مععلمه بقدرته، فإن علم بزوال اعتقاده، فالظاهر وجوب الإنكار بنحو لا يعلمهبخطئه، وإلاّ فلا يجب2.
1ـ لو كان عاجزاً عن ارتكاب حرام فعلاً، ولكنّه كان عازماً علىالارتكاب لو صار قادراً، وخرج من العجز، وعلم ولو بطريق معتبر حصولالقدرة له وإطّلاعه على ذلك، فقد استظهر حينئذٍ وجوب الإنكار، وفي غيرهذا الفرض لا يجب الإنكار إلاّ على عزمه بناءً على القول بحرمته.
ووجه الاستظهار واضح؛ لأنّه حينئذٍ عازم على الحرام، والمفروضحصول القدرة له وعلمه بذلك، وهذا هو المراد من العبارة، لا مجرّد حصولالقدرة ولو مع عدم علمه به، كما لا يخفى.
2ـ لو اعتقد العجز عن الاستمرار مع ثبوت القدرة له واقعاً عليه،فإن لم يعلم زوال اعتقاده، فمقتضى الاستصحاب بقاء الاعتقاد، وإن علم بزوالاعتقاده ـ وقد عرفت أنّ المفروض ثبوت القدرة له واقعاً ـ فالظاهر حينئذٍوجوب الإنكار، لكن في المتن بنحو لا يعلمه بخطئه، وإلاّ فلا يجب.
(صفحه73)
مسألة 11: لو علم إجمالاً بأنّ أحد الشخصين أو الأشخاص مصرّ على ارتكابالمعصية، وجب ظاهراً توجّه الخطاب إلى عنوان ينطبق عليه؛ بأن يقول: من كانشارب الخمر فليتركه، وأمّا نهي الجميع أو خصوص بعضهم فلا يجب، بل لا يجوز،ولو كان في توجّه النهي إلى العنوان ـ المنطبق على العاصي ـ هتك عن هؤلاءالأشخاص، فالظاهر عدم الوجوب، بل عدم الجواز1.
1ـ لو علم إجمالاً بأنّ أحد الشخصين أو الأشخاص يكون مصرّاً علىارتكاب المعصية ولم يتعيّن بشخصه، فقد استظهر في المتن أنّ الواجب توجّهالخطاب إلى عنوان منطبق عليه، كأن يقول: من كان شارب الخمر مثلفليتركه.
وقيّده في الذيل بما إذا لم يكن توجّه النهي كذلك موجباً لهتك حرمة الجميع،وإلاّ فالظاهر عدم الوجوب، بل عدم الجواز؛ لهتك حرمة المؤمن الّذيلم يرتكب الحرام في هذه الصورة، وهو غير جائز ولو كان بنحو الإجمال.
كما أنّه في غير هذه الصورة لا يجب نهي الجميع أو نهي بعضهم الخاصّ،بل لا يجوز، أمّا نهي الجميع؛ فللدليل المتقدّم؛ وهو هتك عرض المؤمن الّذيلم يرتكب الحرام قطعاً. وأمّا نهي البعض، فلعدم إحراز مورد النهي عن المنكربالإضافة إليه؛ لاحتمال عدم كونه صادراً عنه المعصية، ومجرّد كونه طرفاً للعلمالإجمالي ـ كما هو المفروض ـ لا يجوِّز ذلك.