(صفحه66)
مسألة 2: لو ظهرت منه أمارة ظنّية على الترك، فهل يجب الأمر أو النهي،أو لا؟ لا يبعد عدمه. وكذا لو شكّ في استمراره وتركه. نعم، لو علم أنّه كان قاصدللاستمرار والارتكاب، وشكّ في بقاء قصده، يحتمل وجوبه على إشكال1.
1ـ لو ظهرت منه أمارة مفيدة للظنّ الشخصي، ولكنّها لم تكن معتبرة علىترك المنكر وفعل المعروف في الاستقبال والآتي من الزمان، فهل يجب الأمرأو النهي، أو لا؟ قد نفى في المتن البعد عن عدم الوجوب؛ ولعلّه لعدم إحرازالإصرار، بل قام الظنّ الشخصي على الخلاف. وكذا لو كان هناك مجرّد الشكّفي الاستمرار والترك من دون أمارة ظنّية؛ لعدم إحراز الإصرار، مضافإلى أنّ مقتضى الاستصحاب العدم.
واستدرك ما لو علم أنّه كان قاصداً للاستمرار والارتكاب ومصرّاً عليه،وشكّ في بقاء قصده وعدمه، فقد احتمل الوجوب على إشكال؛ ولعلّ الوجهفيه: أنّ مقتضى الاستصحاب في هذه الصورة بقاء القصد وعدم زواله،كما لا يخفى.
(صفحه67)
مسألة 3: لو قامت أمارة معتبرة على استمراره وجب الإنكار، ولو كانت غيرمعتبرة ففي وجوبه تردّد، والأشبه عدمه1.
مسألة 4: المراد بالاستمرار الارتكاب ولو مرّة اُخرى، لا الدوام، فلو شربمسكراً وقصد الشرب ثانياً فقط، وجب النهي2.
1ـ لو قامت أمارة معتبرة غير مفيدة للظنّ الشخصي ـ كما هو الشأن فيالأمارات المعتبرة ـ على الاستمرار والعود ولو مرّة اُخرى، فالواجب الإنكار،كما عرفت(1) فيما لو قامت البيّنة عليه فيما إذا كانت مستندة إلى الحسّ أوقريبمنه. وأمّا لو كانت الأمارة الكذائيّة غير معتبرة، فقد تردّد في الوجوب وجعلالأشبه العدم؛ لعدم تحقّق الإصرار الّذي يكون اللاّزم القطع أو الاطمئنان به،أو قيام أمارة معتبرة عليه.
2ـ قد أشرنا(2) آنفاً إلى أنّ المراد بالاستمرار الارتكاب ولو مرّة اُخرى،لا الدوام والإتيان دفعات، ففي مثال شرب المسكر المذكور في المتن، لوشربهوقصد الشرب ثانياً، ولو علم أنّه لا يشرب بعدها أبداً يجب النهي عن المنكر؛لعدم الفرق فيه بين المرّة والمرّات، كما هو الظاهر، وقد مرّ في بعض المسائلالسابقة أنّه لو همَّ بإتيان محرّم ولو لم يفعله أصلاً يجب النهي عنه مع احتمالالتأثير، فراجع(3).
(صفحه68)
مسألة 5: من الواجبات: التوبة من الذنب، فلو ارتكب حراماً أو ترك واجبتجب التوبة فوراً، ومع عدم ظهورها منه وجب أمره بها، وكذا لو شكّ في توبته،وهذا غير الأمر والنهي بالنسبة إلى سائر المعاصي، فلو شكّ في كونه مصرّاً، أو علمبعدمه، لايجب الإنكار بالنسبة إلى تلك المعصية، لكن يجب بالنسبة إلى تركالتوبة1.
1ـ من الواجبات الّتي قد دلّت عليها الآيات الكثيرة(1) والرواياتالمستفيضة بل المتواترة(2)، وممّا انعقد عليه الإجماع(3) بل الضرورة: التوبة منالذنب؛ سواء كان بارتكاب حرام، أو ترك واجب، ووجوبها فوريّ؛ بمعنى أنّهيجب فوراً ففوراً إلى أن تتحقّق.
وعليه: فلو ظهرت منه التوبة، وإلاّ فالواجب أمره بها، وكذا لو شكّ فيتوبته؛ لأنّ مقتضى الأصل العدم، وهذا غير الأمر والنهي بالنسبة إلى سائرالمعاصي، فلو شكّ في كونه مصرّاً، أو علم بعدمه لا يجب الإنكار بالنسبةإلى تلك المعصية، كما عرفت(4)، لكن يجب بالنسبة إلى ترك التوبة؛ لما مرّ
- (1) سورة النساء 4: 17 و 18، سورة هود 11: 3، 52، 61، 90، سورة النور 24: 31، سورة التحريم 66: 8 ،وغيرها.
- (2) الكافي 2: 430 ـ 436 باب التوبة، وسائل الشيعة 16: 71 ـ 76، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس ب86 .
- (3) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 566، المسألة الحادية عشر، شرح اُصول الكافي لملاّ صدرا،1: 524، ذخيرة المعاد: 303 س37، مناهج الأحكام للميرزا القميّ: 68، رسالة في العدالة للشيخالأنصاري، رسائل فقهيّة (تراث الشيخ الأعظم): 58، مصباح الهدى 5: 314، مستمسك العروة الوثقى4: 3، التنقيح في شرح العروة الوثقى، موسوعة الإمام الخوئي 8 : 253، وفى مرآة العقول 11: 327،لاخلاف في وجوب التوبة في الجملة.
(صفحه69)
من وجوبها.
وقد تقدّم(1) أنّ مجرّد الإظهار لا يكفي ما لم يكن مطابقاً لاعتقاده، إلأن يقال: إنّ التوبة أمر باطنيّ لا يعرف إلاّ بالإظهار نوعاً، ومنه يعلمأنّ المعصية المرتكبة لابدّ وأن لا يكون لها محمل صحيح شرعاً، فإذا ادّعىأنّ شرب المسكر إنّما هو لقطعه بعدم كونه مسكراً، وأنّه تخيّل كونه ماءً،أولتوقّف رفع عطشه الّذي يخاف معه الهلاك عليه، فلا مجال لنهيه، كما هوغيرخفيّ.
(صفحه70)
مسألة 6: لو ظهر من حاله ـ علماً أو اطمئناناً أو بطريق معتبر ـ أنّه أراد ارتكابمعصية لم يرتكبها إلى الآن، فالظاهر وجوب نهيه1.
مسألة 7: لا يشترط في عدم وجوب الإنكار إظهار ندامته وتوبته، بل مع العلمونحوه على عدم الاستمرار لم يجب وإن علم عدم ندامته من فعله، وقد مرّ أنّوجوب الأمر بالتوبة غير وجوب النهي بالنسبة إلى المعصية المرتكبة2.
1ـ قد تقدّمت هذه المسألة في المسألة الحادية عشر المتقدّمة(1)، ولافرقبينهما إلاّ في مجرّد أنّ ظاهر الموضوع هناك صورة العلم، وهنا أعمّ منه، فتدبّر.
2ـ قد مرّ آنفاً في المسألة الخامسة أنّه يجب الأمر بالتوبة؛ لأنّها منالواجبات، وقد تقدّم أيضاً تغاير هذا مع الأمر أو النهي بالإضافة إلى المعصيةالخارجيّة المرتكبة، وأنّه لو علم مثلاً على عدم الاستمرار على المعصية لا يجبالنهي عنها وإن علم عدم ندامته عنها، غاية الأمر وجوب أمره بالتوبة،كما عرفت.