(صفحه216)
مسألة 16: لو كان الثمن مثليّاً، كالذهب والفضّة ونحوهما، يلزم على الشفيعدفع مثله، وأمّا لو كان قيميّاً، كالحيوان والجواهر والثياب ونحوها، ففي ثبوتالشفعة ولزوم أداء قيمته حين البيع، أو عدم ثبوتها أصلاً وجهان، بل قولان، ثانيهمهو الأقوى1.
1ـ لا إشكال في أنّ الثمن إذا كان مثليّاً ـ كالذهب والفضّة ونحوهما ـ يلزمعلى الشفيع دفع مثله؛ لأنّه المتيقّن ممّا دلّ من الروايات على الأخذ بالثمن، بعدوضوح عدم كون المراد نفس الثمن الّذي قد ملكه البائع، ولا ارتباط لهبالشفيع، إنّما الكلام والاختلاف فيما إذا كان الثمن قيميّاً، كالأمثلة المذكورة فيالمتن، فالمحكيّ عن جماعة، كالشيخ، وابن حمزة، والعلاّمة، والمحقّق الكركي،والمحقّق الخراساني ـ قدس اللّه أسرارهم ـ سقوط الشفعة(1).
وقد قوّاه في المتن؛ لتعذّر المثليّة المعتبرة في الشفعة، ولخبر عليّ بن رئاب،بأسناد مختلفة بعضها صحيح، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام في رجل اشترى داراً برقيقومتاع وبزّ(2) وجوهر؟ قال: ليس لأحد فيها شفعة(3).
وقال الشيخان في المقنعة والمبسوط وجمع كثير(4): لا تسقط الشفعة، بل
- (1) الخلاف 3: 432 مسألة 7، الوسيلة: 258، مختلف الشيعة 5: 358 مسألة 329، جامع المقاصد 6: 405،حاشية إرشاد الأذهان، المطبوع ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره 9: 428، كفاية الفقه، المشتهر بـ «كفايةالأحكام» 1: 546، وكذا الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان 9: 30 ـ 31، والحاكي هو العاملي في مفتاحالكرامة 18: 571 ـ 572، والنجفي في جواهر الكلام 37: 333.
- (2) البزُّ: الثياب، وقيل: ضرب من الثياب (لسان العرب 1: 203).
- (3) تهذيب الأحكام 7: 167 ح740، الفقيه 3: 47 ح164، قرب الإسناد: 165 ح603، وعنها وسائل الشيعة25: 406 كتاب الشفعة ب11 ح1.
- (4) المقنعة: 619، قال في المبسوط 3: 108: إن كان الثمن له مثل، أخذه بمثله، وإن لم يكن له مثله أخذهبقيمته. غنية النزوع: 232، السرائر 2: 385، شرائع الإسلام 3: 259، المختصر النافع: 372، كشف الرموز2: 394، تذكرة الفقهاء 12: 257 مسألة 745، إرشاد الأذهان 1: 386، تبصرة المتعلّمين: 104، الدروسالشرعيّة 3: 367 ـ 368، اللمعة الدمشقيّة: 99، التنقيح الرائع 4: 89 ـ 90، المقتصر: 346 ـ 347، مسالكالأفهام 12: 315 ـ 316، الروضة البهيّة 4: 403، مفاتيح الشرائع 3: 81 ، مفتاح الكرامة 18: 570 ـ 571،رياض المسائل المسائل 12: 321، مغني المحتاج 2: 301، المغني لابن قدامة 5: 507.
(صفحه217)
يأخذها بقيمة العرض وقت العقد؛ والظاهر أنّ الوجه هو القول الأوّلوإن جعل المحقّق في الشرائع القول الثاني أشبه(1).
- (1) شرائع الإسلام 3: 259.
(صفحه218)
مسألة 17: لو اطّلع الشفيع على البيع فله المطالبة في الحال، وتبطل شفعتهبالمماطلة والتأخير بلا داع عقلائيّ، وعذر عقليّ، أو شرعيّ، أو عاديّ، بخلافما إذا كان عدم الأخذ بها لعذر. ومن الأعذار عدم اطّلاعه على البيع وإن أخبر به غيرمن يوثق به، وكذا جهله باستحقاق الشفعة، أو عدم جواز تأخير الأخذ بها بالمماطلة،بل من ذلك لو ترك الأخذ لتوهّمه كثرة الثمن فبان خلافه، أو كونه نقداً يصعب عليهتحصيله ـ كالذهب ـ فبان خلافه، وغير ذلك1.
1ـ لو اطّلع الشفيع بالبيع الواقع من الشريك بالإضافة إلى الحصّةالمشتركة، وكان عالماً بثبوت حقّ الشفعة له، ولم يكن له داع عقلائيّ أو عذرشرعيّ، أو عقليّ، أو عاديّ، تبطل شفعته بالمماطلة، خصوصاً بعد كون أصلالشفعة على خلاف الأصل والقاعدة.
قال المحقّق في الشرائع: إذا علم بالشفعة، فله المطالبة في الحال، فإن أخّرلعذر عن مباشرة الطلب وعن التوكيل فيه لم تبطل شفته، وكذا لو ترك لتوهّمهكثرة الثمن فبان قليلاً، أو لتوهّم الثمن ذهباً فبان فضّة، أو حيواناً فبان قماشاً(1).
ويظهر من مثله أنّ المراد من المماطلة ليست هي الفوريّة، ولذا قلنا(2) بجوازالتأخير فيما إذا اعتذر بتوقّف الوصول إلى الثمن إلى مدّة ثلاثة في الحضر،وما زاد عليها في السفر، مع أنّه قد وردت هناك روايات(3) بالإضافة إلىالشفيع الغائب حال البيع غير المطّلع عليه، وأنّه يأخذ بالشفعة بعد الحضور.
وكيف كان، فالمستفاد من المجموع أنّ التأخير لا لعذر من الأعذار
- (1) شرائع الإسلام 3: 259.
(صفحه219)
المذكورة، ومثلها يوجب بطلان الشفعة، ولذا حكي عن مبسوط الشيخ أنّهقال: وجملته أنّ الشفيع متى بلغته الشفعة، فلم يأخذ لغرض صحيح، ثمّ بانخلاف ذلك لم تسقط شفعته(1). وعن الشهيد في المسالك(2): أنّ التأخير لغرضصحيح أو عذر مقبول لا يخلّ بالفوريّة.
- (2) مسالك الأفهام 12: 336.
(صفحه220)
مسألة 18: الشفعة من الحقوق تسقط بإسقاط الشفيع، بل لو رضي بالبيع منالأجنبي من أوّل الأمر، أو عرض عليه شراء الحصّة فأبي، لم تكن له شفعة منالأصل، وفي سقوطها بإقالة المتبايعين أو ردّ المشتري إلى البائع بعيب أو غيرهوجه وجيه1.
1ـ لا ريب في أنّ الشفعة من الحقوق، وأقلّ آثار الحقّ السقوط، بل فيالمتن أنّه لو رضي بالبيع من الأجنبي من أوّل الأمر، أو عرض عليه شراءالحصّة فأبى، لم تكن شفعة من الأصل، فهي غير ثابتة أصلاً، لا أنّ حقّهساقط؛ والوجه فيه: أنّ ثبوت الشفعة في مورده إنّما هو لأجل رعاية حالالشفيع، فإذا أعلن الرضا بالبيع من الثالث، أو استنكف عن الشراء مع العرضعليه، فهو يرجع عرفاً إلى الإغماض عن رعاية حاله، كما هو المتفاهم عندالعرف.
كما أنّه لو تحقّق التقايل بين المتبايعين، وانتقلت الحصّة إلى البائع بالإقالة،أو تحقّق ردّ المشتري المبيع إلى البائع بعيب أو غيره تسقط الشفعة؛ لصيرورةالأمر كالأوّل، وكون المبيع كأنّه لم يتحقّق البيع بالإضافة إليه، خصوصاً إذقلنا بأنّ الإقالة انفساخ مبنيّ على تراضي الطرفين، وكذا الفسخ بالعيب ونحوه،فتدبّر.