(صفحه20)
بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ فقيل له: يا رسولاللّه ويكونذلك؟ قال: نعم، وشرّ من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكرمعروفاً؟!(1).
- (1) الكافي 5: 59 ح14، تهذيب الأحكام 6: 177 ح359، قرب الإسناد 54 ح178، وعنها وسائل الشيعة16: 122، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب1 ح12.
(صفحه 21)
(صفحه22)
أقسامهما و كيفيّة وجوبهم
القول في أقسامهما و كيفيّة وجوبهم
مسألة 1: ينقسم كلّ من الأمر والنهي في المقام إلى واجب ومندوب، فموجب عقلاً أو شرعاً وجب الأمر به، وما قبح عقلاً أو حرم شرعاً وجب النهي عنه،وما ندب واستحبّ فالأمر به كذلك، وما كره فالنهي عنه كذلك1.
1ـ قال المحقّق في الشرائع: والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبانإجماعاً(1). ويدلّ عليه قبل الإجماع الآيات الكثيرة والروايات كذلك،وقدتقدّمت جملة منها، ولا إشكال في ذلك، إنّما الإشكال والاختلاف في أنّوجوبهما عقليّ أيضاً والشرع مؤكّد له، أو شرعيّ فقط مستفاد من الأدلّةالمتعدّدة المشار إليها؟
فعن جماعة كالشيخ والفاضل والشهيدين وبعض آخر: أنّ وجوبهما منالمستقلاّت العقليّة، من غير حاجة إلى ورود الشرع(2).
وعن جماعة كثيرة، بل عن المختلف: النسبة إلى الأكثر(3)، بل عن السرائر:
- (1) شرائع الإسلام 1: 341، وكذا في منتهي المطلب 15: 235، وجواهر الكلام 21: 358.
- (2) الاقتصاد للشيخ الطوسي: 237، قواعد الأحكام 12: 524، كشف المراد: 578، المسألة السادسة عشر،إيضاح الفوائد 1: 397 ـ 398، غاية المراد في شرح نكت الإرشاد 1: 505 ـ 507، الروضة البهية 2: 409،التنقيح الرائع 1: 591 ـ 592.
- (3) مختلف الشيعة 4: 471 مسألة 83 .
(صفحه23)
النسبة إلى جمهور المتكلِّمين والمحصِّلين من الفقهاء أنّه شرعيّ وسمعيّ(1).
وقد جعله صاحب الجواهر هو الأظهر؛ نظراً إلى عدم وصول العقل إلىقبحترك الأمر بذلك على وجه يترتّب عليه العقاب بدون ملاحظة الشرع، كقبحالظلم مثلاً، قال فيها: ودعوى أنّ إيجابهما من اللطف الّذي يصل العقلإلى وجوبه عليه جلّ شأنه، واضحة المنع، كوضوح الاكتفاء من اللّه ـ تعالى بالترغيب والترهيب ونحوهما ممّا يقرب معه العبد إلى الطاعة ويبعد عنالمعصية، دون الإلجاء في فعل الواجب وترك المحرّم(2).
وفي محكيّ المنتهى إقامة الدليل على عدم وجوبهما بالعقل(3).
وكيف كان، فلا خلاف ولا إشكال في وجوبهما الشرعي في المواردالمذكورة في المتن، كما أنّ المندوب يكون الأمر به كذلك، والمكروه يكون النهيعنه كذلك؛ إذ لا مجال لوجوبهما، كما لا يخفى.
- (2) جواهر الكلام 21: 358.
- (3) منتهى المطلب 2: 992 ـ 993، الطبعة الحجريّة.
(صفحه24)
مسألة 2: الأقوى أنّ وجوبهما كفائيّ، فلو قام به من به الكفاية سقط عنالآخرين، وإلاّ كان الكلّ مع اجتماع الشرائط تاركين للواجب1.
1ـ في وجوبهما على الكفاية بنحو سائر الواجبات الكفائيّة، أو على العينيّةخلاف، وقال المحقّق في الشرائع: ووجوبهما على الكفاية يسقط بقيام من فيهغناء وكفاية، وقيل: بل على الأعيان، وهو الأشبه(1). وقد قوّى في المتن الأوّلتبعاً لجماعة كثيرة من الفقهاء الأجلاّء، كالسيّد، والقاضي، والحلّي، والفاضل،والشهيدين(2)، والقول الثاني محكيّ عن الشيخ، وابن حمزة، والشهيد في بعضكتبه(3).
ويدلّ علىالثاني ـ مضافاً إلى أصالةالعينيّة فيالوجوب فيالدوران بين العينيوالكفائي، كما قد قرّر في الاُصول(4)، وإلى أنّ جعلهما في عداد الثمانية الّتي يكونالوجوب فيها عينيّاً، كالصلاة والزكاة والحجّ ومثلها، يدلّ على كونهما مثلها ظهور الروايات الكثيرة في ذلك، كالروايات الّتي تقدّمت في المتن والشرح.
لكن ربما يقال(5) بأنّ من المعلوم كون الغرض منهما حصول ذلك في
- (1) شرائع الإسلام 1: 341.
- (2) حكاه عن السيّد في السرائر 2: 22، وهو مختاره أيضاً، وكذا حكاه عن السيد في كشف الرموز 1: 432،وفي تذكرة الفقهاء 9: 442 مسألة 262، والمهذّب 1: 340، والجامع للشرائع: 242، وفي مختلف الشيعة4: 472 ـ 473 مسألة 83 ، وقواعد الأحكام 1: 524، وإيضاح الفوائد 1: 398، واللمعة الدمشقية: 46،والروضة البهية 2: 413، وكفاية الفقه، المشتهر بـ «كفاية الأحكام» 1: 404.
- (3) النهاية: 299، الاقتصاد: 237، للشيخ الطوسي، الوسيلة: 207، غاية المراد في شرح نكت الإرشاد 1: 507،وكذا المحقّق الكركي في حاشية إرشاد الأذهان، المطبوع ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره 9: 308.
- (4) سيرى كامل در اصول فقه 4: 31.
- (5) جواهر الكلام 21: 360 ـ 361.