(صفحه220)
مسألة 18: الشفعة من الحقوق تسقط بإسقاط الشفيع، بل لو رضي بالبيع منالأجنبي من أوّل الأمر، أو عرض عليه شراء الحصّة فأبي، لم تكن له شفعة منالأصل، وفي سقوطها بإقالة المتبايعين أو ردّ المشتري إلى البائع بعيب أو غيرهوجه وجيه1.
1ـ لا ريب في أنّ الشفعة من الحقوق، وأقلّ آثار الحقّ السقوط، بل فيالمتن أنّه لو رضي بالبيع من الأجنبي من أوّل الأمر، أو عرض عليه شراءالحصّة فأبى، لم تكن شفعة من الأصل، فهي غير ثابتة أصلاً، لا أنّ حقّهساقط؛ والوجه فيه: أنّ ثبوت الشفعة في مورده إنّما هو لأجل رعاية حالالشفيع، فإذا أعلن الرضا بالبيع من الثالث، أو استنكف عن الشراء مع العرضعليه، فهو يرجع عرفاً إلى الإغماض عن رعاية حاله، كما هو المتفاهم عندالعرف.
كما أنّه لو تحقّق التقايل بين المتبايعين، وانتقلت الحصّة إلى البائع بالإقالة،أو تحقّق ردّ المشتري المبيع إلى البائع بعيب أو غيره تسقط الشفعة؛ لصيرورةالأمر كالأوّل، وكون المبيع كأنّه لم يتحقّق البيع بالإضافة إليه، خصوصاً إذقلنا بأنّ الإقالة انفساخ مبنيّ على تراضي الطرفين، وكذا الفسخ بالعيب ونحوه،فتدبّر.
(صفحه221)
مسألة 19: لو تصرّف المشتري فيما اشتراه، فإن كان بالبيع كان للشفيع الأخذمن المشتري الأوّل بما بذله من الثمن، فيبطل الشراء الثاني، وله الأخذ من الثانيبمابذله، فيصحّ الأوّل. وكذا لو زادت البيوع على اثنين، فله الأخذ من الأوّل بما بذله،فتبطل البيوع اللاّحقة، وله الأخذ من الأخير، فتصحّ البيوع المتقدّمة، ولهالأخذ من الوسط، فيصحّ ما تقدّم ويبطل ما تأخّر. وكذا إن كان بغير البيع، كالوقفوغير ذلك، فله الأخذ بالشفعة وإبطال ما وقع من المشتري، ويحتمل أن تكونصحّتها مراعاة بعدم الأخذ بها، وإلاّ فهي باطلة من الأصل، وفيه تردّد1.
1ـ قال المحقّق في الشرائع: ولو باع المشتري كان للشفيع فسخ البيعوالأخذ من المشتري الأوّل، وله أن يأخذ من الثاني. وكذا لو وقفه المشتري،أو جعله مسجداً، فللشفيع إزالة ذلك كلّه، وأخذه بالشفعة(1).
وكيف كان، ففي أصل المسألة فرعان:
أحدهما: تصرّف المشتري فيما اشتراه بالبيع الّذي هو مورد الشفعة، وفيهذه الصورة حيث يكون ملاك الشفعة موجوداً في البيع الثاني وما بعده أيضاً،يكون للشفيع الاختيار في أخذ الشفعة بالإضافة إلى ما شاء من البيع الأوّلأو الثاني وهكذا، غاية الأمر أنّ في البيعين إذا أُخذ بالشفعة بالنسبة إلىالبيعالأوّل، فمرجع ذلك إلى تصحيح الأوّل وبطلان الثاني، وإن اُخذ بها بالنسبةإلى البيع الثاني، فاللاّزم صحّة كلا البيعين.
وهكذا فيما لو زادت البيوع على اثنين، فله الأخذ من الأوّل بما بذله، فتبطلالبيوع اللاّحقة بجميعها، وله الأخذ من الأخير، فاللاّزم صحّة البيوع المتقدّمة،
- (1) شرائع الإسلام 3: 259.
(صفحه222)
وله الأخذ من الوسط، فيصحّ ما تقدّم عليه ويبطل ما تأخّر عنه؛ والوجه فيهواضح.
ثانيهما: تصرّف المشتري فيما اشتراه بغير البيع، كالوقف ونحوه، ففي المتنـ كعبارة الشرائع المتقدّمة ـ له الأخذ بالشفعة وإبطال ما وقع من المشتري،لكن احتمل في المتن أن تكون صحّة هذه التصرّفات غير البيعيّة مراعاةً بعدمالأخذ بها، وإلاّ فهي باطلة من الأصل، لا أنّها صحيحة، غاية الأمر عروضالبطلان لها بالإبطال والإزالة، وقد تردّد الماتن قدسسره في هذا الاحتمال.
والظاهر أنّ منشأ الترديد بل التضعيف أنّ ملكيّة المشتري للمبيع الّذيوقفه مثلاً لا تكون ملكيّة متزلزلة، غاية الأمر أنّ للشفيع الأخذ بالشفعةالمنافي لتصرّفه، الملازم لإبطاله وإزالته. وأمّا كون الصحّة مراعاة بعدم الأخذفلا، خصوصاً مع كون نفس الشفعة مخالفة للأصل، واعتبار الفوريّة لا يكونبمعناها العرفي، بل عدم جواز المماطلة في التأخير من دون عذر، كما عرفت.
ومن الممكن أن لا يأخذ الشفيع بالشفعة أصلاً. وهذا بخلاف حقّ الرهنالموجب لتوقّف صحّة البيع من الراهن على إذن المرتهن أو إجازته، فاللاّزمالحكم في المقام بأنّ الأخذ بالشفعة مستلزم لإبطال تصرّف المشتري منالشريك بمثل الوقف ونحوه.
(صفحه 223)
مسألة 20: لو تلفت الحصّة المشتراة بالمرّة ـ بحيث لم يبق منها شيء أصلاً سقطت الشفعة، ولو كان ذلك بعد الأخذ بها، وكان التلف بفعل المشتري، أو بغيرفعله مع المماطلة في التسليم بعد الأخذ بها بشروطه ضمنه. وأمّا لو بقي منها شيء،كالدار إذا انهدمت وبقيت عرصتها وأنقاضها، أو عابت لم تسقط، فله الأخذ بهوانتزاع ما بقي منها من العرصة والأنقاض مثلاً بتمام الثمن من دون ضمان علىالمشتري، ولو كان ذلك بعد الأخذ بها ضمنه قيمة التالف، أو أرش العيب إذا كانبفعله، بل أو بغير فعله مع المماطلة كما تقدّم1.
1ـ لو تلفت الحصّة المشتراة بالمرّة، بحيث لم يبق منها شيء أصلحتّىالعرصة في الدار ونحوها ـ ولازم تلف الحصّة تلف مجموع المال بينه وبينالشريك؛ لأنّ خصوصيّة تلف الحصّة المشتراة لا تجتمع مع اعتبار الشركة فيمورد حقّ الشفعة؛ لأنّ كلّ جزء مشترك ـ وكان ذلك التلف قبل الأخذبالشفعة، فالظاهر سقوطها حينئذٍ بالمرّة؛ لعدم وجود الموضوع لها،
والمفروض عدم كون التلف بفعل المشتري، وعدم أخذ الشفيع بالشفعة،فلا يكون هناك شيء حتّى يأخذ بالشفعة فيه، ولا يكون للمشتري عملأصلاً. نعم، لو أخذ الشفيع بالشفعة، وكان التلف بسبب فعل المشتري، أو بغيرفعله مع المماطلة في التسليم بعد الأخذ بها مع توفّر شروطه، يكون المشتريضامناً يجب عليه المثل أو القيمة بالأخذ بالشفعة؛ والوجه فيه واضح.
هذا كلّه مع التلف.
وأمّا لو بقي منها شيء، كالمثال المذكور في المتن، أو لم تتلف ولكن حدثلها العيب، لا يكون ذلك موجباً لسقوطها، فله الأخذ بها وانتزاع ما بقيمنها من العرصة والأنقاض مثلاً في مقابل تمام الثمن من دون أن يكون هناك
(صفحه224)
ضمان على المشتري.
نعم، لو كان ذلك بعد الأخذ بها، فقد فصّل في المتن أيضاً بين أن يكون تلفالبعض، أو عروض العيب بفعل المشتري، أو بغير فعله مع المماطلة في التسليمبعد الأخذ بالشفعة ـ فالمشتري ضامن لقيمة التالف أو أرش العيب ـ وبينغيره، فلا يكون هناك ضمان.