(صفحه276)
مسألة 26: لا يجوز لأحد أن يبني بناءً على حائط جاره، أو يضع جذوع سقفهعليه إلاّ بإذنه ورضاه، وإن التمس ذلك منه لم يجب عليه إجابته وإن استُحبّ لهمؤكّداً، ولو بنى أو وضع الجذوع بإذنه ورضاه، فإن كان ذلك بعنوان ملزم ـ كالشرطوالصلح ونحوهما ـ لم يجز له الرجوع. وأمّا لو كان مجرّد الإذن والرخصة، فجازالرجوع قبل البناء والوضع، والبناء على الجذع قطعاً. وأمّا بعد ذلك، فلا يتركالاحتياط بالتصالح والتراضي، ولو بالإبقاء مع الاُجرة أو الهدم مع الأرش، وإن كانالأقرب جواز الرجوع بلا أرش1.
1ـ لا يجوز لأحد أن يبني بناءً على حائط جاره، أو يضع جذوع سقفهعليه من دون إذنه ورضاه؛ لأنّ الحائط ملك للجار، والبناء أو وضع الجذوععليه تصرّف في ملك الغير؛ وإن كان يستحبّ للجار مؤكّداً الإجابة مع التماسذلك منه، لكنّه غير واجب.
وإن أذن ورضي بذلك، فتارةً: يكون بسبب واحد من العناوين الملزمة،كالشرط في ضمن معاملة لازمة، أو الصلح الّذي هو لازم بنفسه كما مرّ(1)،واُخرى: لا يكون إلاّ مجرّد الإذن والرخصة.
أمّا في الفرض الأوّل: فلا يجوز شرعاً للجار الرجوع؛ لفرض اللزوم.
وأمّا في الفرض الثاني: فإن كان قبل البناء والوضع على الجذوع،فلا إشكال في جواز رجوع الجار حينئذٍ؛ لأنّه لا يكون ملزماً من ناحية،ولم يتحقّق العمل بعد من ناحية اُخرى، فيجوز له الرجوع عن إذنه.
وإن كان بعد البناء والوضع، فقد نهى عن ترك الاحتياط بالتصالح
(صفحه277)
والتراضي، إمّا بالإبقاء مع الاُجرة، وإمّا بالهدم مع تحمّل الجار الأرشوإن استقرب جواز الرجوع بلا ارش.
ولعلّ الوجه فيه: أنّ المفروض أنّه لم يتحقّق ملزم بالإضافة إليه، بل كانمجرّد الإذن والرخصة، ويجوز الرجوع فيه، والتصرّف في ملك الغير غير جائزحدوثاً وبقاءً، بل اللاّزم التخلية بينه وبين ملكه بنحو كان عليه، فالرجوعوإن كان موجباً للضرر على الباني والواضع في هذه الصورة، إلاّ أنّ هذالضرر ناش من قبل نفسه؛ لاكتفائه بمجرّد الإذن والرخصة مع القابليّةللرجوع، فتدبّر.
(صفحه278)
مسألة 27: لا يجوز للشريك في الحائط التصرّف فيه ـ ببناء، أو تسقيف،أو إدخال خشبة، أو وتد، أو غير ذلك ـ إلاّ بإذن شريكه أو إحراز رضاه ولو بشاهدالحال، كما هو كذلك في التصرّفات اليسيرة، كالاستناد إليه، ووضع يده، أو طرحثوب عليه، أو غير ذلك، بل الظاهر أنّ مثل هذه الاُمور اليسيرة لا يحتاج إلى إحرازالإذن والرضا، كماجرت به السيرة. نعم، إذا صرّح بالمنع وأظهر الكراهة لم يجز1.
1ـ لا يجوز للشريك في الحائط التصرّف فيه بأنواع التصرّفات المذكورة فيالمتن وغيرها إلاّ مع سبق الإذن من الشريك، أو إحراز رضاه من أيّ طريقولو بشاهد الحال، كما هو مقتضى الشركة في جميع الموارد.
نعم، في التصرّفات اليسيرة كالاستناد إلى الحائط، والاعتماد عليه، ووضعيده، أو طرح ثوبه عليه، وأمثال ذلك، يكون شاهد الحال موجوداً غالباً،كما نراه من المتشرّعة المبالين بالدقائق، المعتنين بالاُمور الجزئيّة أيضاً،بل استظهر أنّ مثل هذه الاُمور اليسيرة لا يحتاج إلى الإذن والرضا؛ نظرإلى جريان السيرة به.
نعم، لو صرّح الشريك بالمنع، وأعلن الكراهة في مثل تلك الاُمور، فالظاهرأنّها غير جائزة؛ لأنّ السيرة دليل لبّي لا يكون له إطلاق شامل لهذه الصورة،فاللاّزم فيها الرجوع إلى القاعدة المقتضية لعدم الجواز في موارد الشركة.
(صفحه279)
مسألة 28: لو انهدم الجدار المشترك وأراد أحد الشريكين تعميره، لم يجبرشريكه على المشاركة في عمارته، وهل له التعمير من ماله مجّاناً بدون إذن شريكه؟لاإشكال في أنّ له ذلك إذا كان الأساس مختصّاً به وبناه بآلات مختصّة به،كما لاإشكال في عدم الجواز إن كان الأساس مختصّاً بشريكه.
وأمّا إذا كان مشتركاً، فإن كان قابلاً للقسمة ليس له التعمير بدون إذنه. نعم،له المطالبة بالقسمة، فيبني على حصّته المفروزة، وإن لم يكن قابلاً لها، ولم يوافقهالشريك في شيء، يرفع أمره إلى الحاكم ليخيّره بين عدّة اُمور: من بيع، أو إجارة،أو المشاركة معه في العمارة، أوالرخصة في تعميره وبنائه من ماله مجّاناً.
وكذا الحال لو كانت الشركة في بئر، أو نهر، أو قناة، أو ناعور ونحو ذلك، ففيجميع ذلك يرفع الأمر إلى الحاكم فيما لا يمكن القسمة، ولو أنفق في تعميرها منماله فنبع الماء أو زاد، ليس له أن يمنع شريكه غير المنفق من نصيبه من الماء1.
1ـ لو انهدم الجدار المشترك ـ وسيأتي في هذه المسألة تفصيله ـ وأراد أحدالشريكين تعميره، لم يجبر الشريك الآخر على المشاركة في تعميره؛ لأنّه ربملا يريد عمارة ماله. وهل له التعمير من ماله مجّاناً بدون الشركة وبدون الإذنمن الشريك؟ قد فرض فيه فروضاً:
الأوّل: ما إذا كان أساس الجدار مختصّاً بهذا الشريك الّذي يريد تعميره،والبناء بآلات مختصّة به، وقد نفى الإشكال عن الجواز في هذه الصورة؛ لفرضاختصاص الأساس به وانهدام الجدار.
الثاني: عكس هذا الفرض؛ وهو ما إذا كان الأساس مختصّاً بالشريكالآخر، وقد نفى الإشكال عن عدم الجواز حينئذٍ؛ لفرض الاختصاص.
الثالث: ما إذا كان الأساس مشتركاً بينهما، كأن استأجرا معاً شخصاً
(صفحه280)
واحداً لبنائه، مع إعطاء كلّ واحد منهما نصف اُجرته مثلاً، وفي هذا الفرضتارة: يكون الأساس المشترك قابلاً للقسمة، واُخرى: لا يكون قابلاً لها.
ففي الصورة الاُولى: ليس له التعمير بدون إذن الشريك؛ لبقاء الأمرالمشترك، ولا يجوز لأحد الشريكين التصرّف في المال المشترك بدون إذنالشريك ورضاه.
نعم، له مطالبة القسمة؛ لفرض كونه قابلاً لها، فبعد التقسيم وصيرورةحصّته مفروزة يبني عليها باختياره.
وفي الصورة الثانية، الّتي لا يكون الأساس فيها قابلاً للقسمة حتّى يبنيعلى حصّته المفروزة، ولا يوافقه الشريك في شيء أصلاً، يرفع أمره إلىالحاكم،فيخيّره بين عدّة اُمور: من بيع، أو إجارة، أو المشاركة معه في العمارة،أو الرخصة في تعميره وبنائه من ماله مجّاناً.
وكذلك الحال لو كانت الشركة في بئر، أو نهر، أو قناة، أو مثلها، ففي الجميعمع عدم إمكان القسمة يرفع الأمر إلى الحاكم، فيخيّره بين الاُمور المذكورة،ولابدّ له من اختيار أحدها.
ولو أنفق في تعميرها من ماله بدون المراجعة إلى الشريك وموافقته معه،فنبع الماء بسبب التعمير، أو زاد على مائه الأوّل، ليس له أن يمنع شريكه غيرالمنفق من نصيبه من الماء الثابت له قبل ذلك، ولا أن يزيد على نصيبه فيمقابل الإنفاق الّذي صدر منه في تعميره.