(صفحه40)
شرائط وجوبهم
القول في شرائط وجوبهم
وهي اُمور: الأوّل: أن يعرف الآمر أو الناهي أنّ ما تركه المكلّف أو ارتكبهمعروف أو منكر، فلا يجب على الجاهل بالمعروف والمنكر، والعلم شرطالوجوب كالاستطاعة في الحجّ1.
1ـ يشترط في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اُمور:
الأمر الأوّل: أن يعرف المعروف والمنكر، وبعبارة اُخرى: يعتبر العلم بهما فيالوجوب. قال المحقّق قدسسره في الشرائع: ولا يجب النهي عن المنكر مالميكملشروط أربعة؛ الأوّل: أن يعلمه منكراً ليأمن الغلط في الإنكار(1)، وجعلالمشروط النهي عن المنكر ليس لأجل الاختصاص، أو لرجوع الأمربالمعروف إلى النهي عن المنكر؛ لأنّ ترك المعروف منكر، فتدبّر.
وعن المنتهى: نفي الخلاف فيه(2).
وتنظير شرطيّة العلم في المقام بالاستطاعة في الحجّ ـ الّتي يراد بهالاستطاعات الأربع: الماليّة وهي العمدة ، والبدنيّة، والزمانيّة، والسربيّة يشعر بأنّه لا يجب تحصيل العلم، كما أنّه لا يجب تحصيل الاستطاعة؛ لأنّه
- (1) شرائع الإسلام 1: 342.
- (2) منتهى المطلب 2: 993 س12 ـ 13، الطبعة الحجريّة.
(صفحه41)
شرط الوجوب لا الواجب، فيصير هذا طريق الفرار عن موافقة هذالتكليف؛ لأنّه يسعى في أن لا يعلم المعروف والمنكر حتّى يجب عليه الأمروالنهي.
والظاهر أنّه لا فرق بينهما وبين سائر الواجبات، الّتي يلزم العلم بهوبكيفيّتها والشرائط المعتبرة فيها، فاللازم تحصيل العلم بالمعروف وبالمنكر.
(صفحه42)
مسألة 1: لا فرق في المعرفة بين القطع أو الطرق المعتبرة الاجتهاديّةأوالتقليد، فلو قلّد شخصان عن مجتهد يقول بوجوب صلاة الجمعة عيناً، فتركهواحد منهما، يجب على الآخر أمره بإتيانها، وكذا لو رأى مجتهدهما حرمة العصيرالزبيبي المغلّي بالنار فارتكبه أحدهما يجب على الآخر نهيه1.
1ـ لا فرق في المعرفة بين القطع أو الطرق المعتبرة الاجتهاديّة أوالتقليديّة،كالمثالين المذكورين في المتن. هذا بالإضافة إلى الأحكام، وأمّا بالنسبةإلى الموضوعات، فلو قامت البيّنة عند شخص على نجاسة مائع ولمتقم عندآخر، فشربه مستندا إلى أصالة الطهارة الجارية في المائع، لا يجب على الأوّلنهي الثاني عن الشرب؛ لعدم ارتكابه منكراً بعد عدم قيام البيّنة عنده،والاعتماد على أصاله الطهارة، كما لا يخفى.
(صفحه43)
مسألة 2: لو كانت المسألة مختلف فيها، واحتمل أنّ رأى الفاعل أو التاركأو تقليده مخالف له، ويكون ما فعله جائزاً عنده، لا يجب بل لا يجوز إنكاره، فضلعمّاً لو علم ذلك1.
1ـ لو كانت المسألة مختلف فيها، واحتمل المكلّف أنّ رأى الفاعل لمايراهمنكراً تقليداً أو اجتهاداً، أو التارك لما يراه معروفاً كذلك فيما إذا كان له رأيـ أو يكون ذلك مقتضى تقليده ـ مخالف له، وبالنتيجة: لا يكون تاركللمعروف باعتقاده، وفاعلاً للمنكر كذلك، لا يجب على المكلّف بل لا يجوز لهالأمر والنهي؛ لمنافاته لِعرض المؤمن وشأنه، فإذا علم بذلك يكون الحكمبطريق اُولى، كما لا يخفى.
(صفحه44)
مسألة 3: لو كانت المسألة غير خلافيّة، واحتمل أن يكون المرتكب جاهلبالحكم، فالظاهر وجوب أمره ونهيه، سيّما إذا كان مقصّراً، والأحوط إرشادهإلى الحكم أوّلاً، ثمّ إنكاره إذا أصرّ، سيّما إذا كان قاصراً1.
1ـ لو كانت المسألة اتّفاقيّة غير خلافيّة، واحتمل في حقّ المرتكب الصدورعن علم، واحتمل أن يكون جهلاً بالحكم الاتّفاقي، فقد استظهر في المتنوجوب أمره ونهيه، سيّما إذا كان جاهلاً مقصّراً، ولازمه عدم كونه معذوراً فيمخالفة التكليف. وأمّا إذا كان جاهلاً قاصراً غير ملتفت إلىوجوب المعروف،أو حرمة المنكر أصلاً، فالظاهر أيضاً وجوب الأمرين وإنكان معذوراً فيالمخالفة؛ للقطع بالخلاف مثلاً.
لكن مجرّد احتمال هذا المعنى لا يمنع عن الوجوب، ولكن احتاط بإرشادهإلى الحكم وبيان التكليف بالنسبة إلى الأمرين أوّلاً، ثمّ إذا أصرّ على عمله؛من ترك المعروف، وعدم الاجتناب عن المنكر، تصل النوبة إلى الواجب هنا،سيّما إذا كان قاصراً معذوراً على ما عرفت.
ووجه الاحتياط احتمال كون الإرشاد مؤثّراً في رفع جهله وعدم ارتكابه،فإن صار كذلك فبها، وإلاّ تصل النوبة إلى الواجب في المقام، وهذا الاحتياطاستحبابيّ يناسب مع شأن المؤمن وعرضه، كما هو ظاهر.