(صفحه78)
بالمعروف والنهي عن المنكر، وما وقع من خصوص مؤمن آل فرعون وأبيذرّومثلهما، فلاُمور خاصّة لا يقاس عليها غيرها، كما في الجواهر(1).
- (1) جواهر الكلام 22: 636.
(صفحه 79)
مسألة 2: لا فرق في توجّه الضرر بين كونه حاليّاً أو استقباليّاً، فلو خاف توجّهذلك في المآل عليه أو على غيره سقط الوجوب1.
مسألة 3: لو علم أو ظنّ أو خاف للاحتمال المعتدّ به وقوعه أو وقوع متعلّقيهفيالحرج والشدّة علىفرض الإنكار لميجب، ولايبعد إلحاق سائر المؤمنين بهم2.
1ـ لا فرق في توجّه الضرر ـ علماً أو ظنّاً أو خوفاً ـ بين كونه حاليّأو استقباليّاً؛ لاشتراكهما في الأدلّة المتقدّمة الواردة في هذا الشرط. وعليه:فلوخاف توجّه ذلك في المآل عليه، أو على غيره من المؤمنين سقط الوجوبالمبحوث عنه في المقام، ويقوم مقامه الحرمة في بعض موارده، كما سيأتىإن شاء اللّه تعالى في بعض المسائل الآتية، وفي بعض الموارد لا يكون في البينإلاّ سقوط الوجوب دون ثبوت الحرمة.
2ـ لو علم أو ظنّ أو خاف للاحتمال المعتدّ به عند العقلاء وقوع نفسهأو وقوع متعلّقيه في الحرج والشدّة على فرض الإنكار والأمر أو النهي يسقطالوجوب، ونفى البعد عن إلحاق سائر المؤمنين بهم.
وليعلم أنّ موضوع الحرج هنا يغاير الحرج في سائر الموارد المسقط للحكمالإلزامي؛ فإنّه يعتبر في الحرج هناك ملاحظة الشخص أوّلاً دون المتعلّقينأوالمؤمنين، وإحراز الحرج ثانياً دون مجرّد الخوف، لكنّ المستفاد من الأدلّةالمتقدّمة(1) هنا عدم خصوصيّة للشخص، بل يعمّ المتعلّقين، بل سائر المؤمنين.وكذا يكفي مجرّد الخوف والوقوع في الشدّة، ولا يعتبر الإحراز، كما لا يخفى.
(صفحه80)
مسألة 4: لو خاف على نفسه أو عِرضه، أو نفوس المؤمنين وعرضهم حرمالإنكار، وكذا لو خاف على أموال المؤمنين المعتدّ بها. وأمّا لو خاف على مالهبل علم توجّه الضرر المالي عليه، فإن لم يبلغ إلى الحرج والشدّة عليه، فالظاهر عدمحرمته، ومع إيجابه ذلك فلا تبعد الحرمة1.
1ـ لو خاف على نفسه أو عِرضه أو نفوس المؤمنين أو عِرضهم، فكما أنّهيسقط وجوب الإنكار، كذلك يثبت الحرمة مكانه؛ للزوم التحفّظ على هذهالاُمور. وكذا لو خاف على أموال المؤمنين فيما إذا كان المال كثيراً معتدّاً بها؛فإنّه في هذه الصورة أيضاً يحرم الإنكار.
وأمّا لو خاف على مال شخصه، بل كان مكان العلم الخوف المذكور، ففيهتفصيل بين ما إذا لم يبلغ الضرر المعلوم، أو ما يخاف منه حدّ الحرج والشدّة،فالظاهر حينئذٍ مجرّد سقوط الوجوب لا ثبوت الحرمة، وبين ما إذا بلغ الضررالمذكور حدّه، فقدنفى البُعد عن ثبوت الحرمة هنا، ولعلّه لما ذكرناه في القواعدالفقهيّة من أنّ قاعدة نفي الحرج عزيمة لا رخصة، والتحقيق في محلّه(1).
- (1) ثلاث رسائل، للشارح المعظّم رحمهالله : 157 ـ 174.
(صفحه81)
مسألة 5: لو كانت إقامة فريضة أو قلع منكر موقوفاً على بذل المال المعتدّ بهلا يجب بذله، لكن حسن مع عدم كونه بحيث يقع في الحرج والشدّة، ومعه فلا يبعدعدم الجواز. نعم، لو كان الموضوع ممّا يهتمّ به الشارع ولا يرضى بخلافه مطلقيجب1.
1ـ لو كانت إقامة فريضة واجبة ولو بالإضافة إلى شخص خاصّ، أو قلعمنكر محرّم كذلك موقوفاً على بذل المال المعتدّ به، فقد فصّل فيه في المتن بينعدم كونه مع البذل واقعاً في الحرج والشدّة، فهو وإن لم يكن واجباً لكنّهحسن، وبين وقوعه في الحرج، فقد نفى البُعد عن عدم الجواز؛ وذلك لماعرفتمن أنّ مفاد قاعدة نفي الحرج عزيمة لا رخصة.
وقد استثنى في الذيل ما إذا كان الموضوع ممّا يهتمّ به الشارع ولا يرضىبخلافه مطلقاً، كقتل النفس المحترمة، الّذي لا يجوز مع الإكراه أيضاً ولو كانمقروناً بالتوعيد على القتل؛ فإنّه في هذه الصورة واجب، وهو ظاهر.
(صفحه82)
مسألة 6: لو كان المعروف والمنكر من الاُمور الّتي يهتمّ به الشارع الأقدس،كحفظ نفوس قبيلة من المسلمين، وهتك نواميسهم، أو محو آثار الإسلام ومحوحجّته بما يوجب ضلالة المسلمين، أو إمحاء بعض شعائر الإسلام، كبيت اللّه الحرامبحيث يُمحى آثاره ومحلّه، وأمثال ذلك، لابدّ من ملاحظة الأهمّية، ولايكون مطلقالضرر ـ ولو النفسي ـ أو الحرج موجباً لرفع التكليف، فلو توقّفت إقامة حججالإسلام بما يرفع بها الضلالة على بذل النفس أو النفوس، فالظاهر وجوبه، فضلعن الوقوع في ضرر، أو حرج دونها1.
1ـ لو كان المعروف المتروك والمنكر المفعول من الاُمور الّتي يهتمّ به الشارعالأقدس جدّاً، وكانا في مرتبة مهمّة لا يقاس بهما كثير من الاُمور، كالأمثلةالمذكورة في المتن، فلابدّ حينئذٍ من لحاظ الأهمّية، ولا يكون الضرر ـ ولو كانبالغاً حدّ الحرج، أو كان نفسيّاً ـ موجباً لرفع التكليف.
ولهذه الجهة بارز الإمام الماتن قدسسره الطاغوت في زمنه؛ لأنّه كان بصدد هدمالإسلام، وقطع اُصوله وفروعه بأمر من الأجنبي العنود، والاستكبار المستظهرباليهود. وقد استشهد في هذه المبارزة جمعٌ كثير من الروحانيّين وغيرهم،وأمر بإقصائه عن وطنه مدّة طويلة، ولكنّه مع اشتغاله بتحرير المتن أدامالمجاهدة معه، حتّى اضطرّ الطاغوت إلى الخروج من البلاد.
وبعد خروجه جاء الإمام إلى الوطن، وبنى الثورة الإسلاميّة باستعانة مناللّه، وتأييد جمع كثير من الروحانيّين وغيرهم، فتأسّست حكومة إسلاميّةشيعيّة ليس لها نظير في الأرض ـ مع سعتها ـ وفي التاريخ إلاّ زمن الإمامعليّ عليهالسلام ، الّذي كانت مدّة خلافته قليلة واشتغاله بالحروب الكثيرة المنبعثة منالمخالفين كثيراً.