(صفحه 87)
مسألة 10: لو كان سكوت علماء الدين ورؤساء المذهب ـ أعلى اللّه كلمتهم موجباً لجرأة الظلمة على ارتكاب سائر المحرّمات وإبداع البدع، يحرم عليهمالسكوت، ويجب عليهم الإنكار وإن لم يكن مؤثّراً في رفع الحرام الّذي يرتكب1.
1ـ لو كان سكوت العلماء المذكور موجباً لجرأة الظلمة على ارتكابهم سائرالمحرّمات، وإبداعهم البدعة كذلك، يحرم عليهم السكوت، ويجب عليهمالإظهار مطلقاً ولو لم يكن مؤثّراً في الاجتناب عن الحرام الّذي يرتكبه.
وذلك لما عرفت من أنّ وقوعهم في محلّ مخصوص ومرتبة خاصّة أوجبلهم تكاليف خاصّة لا تكون هذه التكاليف ثابتة بالإضافة إلىغيرهم؛ لأنّسكوتهم يصير موجباً للتزلزل في العقائد الإسلاميّة، وتضعيف الشريعة الحقّة؛لتبعيّة عقائد الملّة لأعمالهم وأفعالهم نفياً وإثباتاً، كما ذكرنا.
(صفحه88)
مسألة 11: لو كان سكوت علماء الدين ورؤساء المذهب ـ أعلى اللّه كلمتهم موجباً لإساءة الظنّ بهم وهتكهم، وانتسابهم إلى ما لا يصحّ ولا يجوز الانتسابإليهم، ككونهم ـ نعوذ باللّه ـ أعوان الظلمة، يجب عليهم الإنكار لدفع العار عنساحتهم ولولم يكن مؤثّراً في رفع الظلم1.
1ـ الوجه في وجوب الإنكار عليهم في الصورة المفروضة في المسألة،ما أشار إليه في المتن من دفع العار عن ساحتهم؛ لكون السكوتموجباً لإساءة الظنّ بهم، وانتسابهم إلى ما لا يصحّ ولا يجوز الانتسابإليهم، وتطبيق بعض العناوين عليهم، ككونهم أعوان الظلمة، مع لزومالتحفّظ على شأنهم وموقعيّتهم الخاصّة في المجتمع الإسلامي، واتّصالهمبعقائد المسلمين، سيّما الضعفاء منهم، الذين هم الغالبيّة في جميعالأزمنة والأمكنة.
وبالجملة: علماء الدين ورؤساء المذهب حيث إنّهم جلسوا مجلس النبيّوالإمام صلوات اللّه عليه وعليهم، واعتمدوا على مسندهما، كما في المَثَلالمعروف بين العوام، فلذا عليهم تكاليف خاصّة ووظائف مخصوصة لا يُقاسبهم غيرهم، ويلزم عليهم التحفّظ على هذا العنوان لئلاّ يقع الخلل في الدينوفي عقائد المتديِّنين الموجب لتزلزلها، وخلاف ما كانوا يعتقدونه بالإضافةإليهم، وينتظرون من مثلهم.
والإنصاف أنّ هذه المرحلة خطيرة جدّاً؛ لثبوت تكاليف خاصّة، والتوجّهإليها مشكل، ولأجله يلزم أن يتوكّل على اللّه ويستعين منه في تشخيصالوظيفة والعمل بها.
(صفحه89)
وقد رأينا الإمام الماتن قدسسره في هذه المرحلة في كمال التوجّه وشدّة الخلوص،وحتّى رفع اليد عمّا كان ملازماً له طول عمره من البحث والتدريس، ومعذلك كان مشتغلاً في ضمن العمل بالوظيفة بالتأليفات القيّمة والكتب المفيدةالّتي منها المتن، حشره اللّه مع أجداده الطيّبين والطاهرين.
(صفحه90)
مسألة 12: لو كان ورود بعض العلماء مثلاً في بعض شؤون الدول موجباً لإقامةفريضة أو فرائض، أو قلع منكر أو منكرات، ولم يكن محذور أهمّ ـ كهتك حيثيّةالعلم والعلماء، وتضعيف عقائد الضعفاء ـ وجب على الكفاية، إلاّ أن لا يمكن ذلكإلاّ لبعض معيّن لخصوصيّات فيه، فتعيّن عليه1.
1ـ في مفروض المسألة الّذي تكون فيه خصوصيّتان:
إحداهما: كون الورود موجباً لإقامة فريضة أو قلع منكر.
ثانيتهما: عدم وجود محذور أهمّ كالمثالين المذكورين في المتن، يظهر وجهالوجوب الكفائي؛ لتوقّف الإقامة والقلع عليه وعدم ما هو أهمّ، كما أنّه يظهرالوجوب العيني إذا لم يكن ذلك إلاّ لبعض خاصّ لأجل الخصوصيّات،أو الخصوصيّة الموجودة فيه، فيجب عليه عيناً الورود، كما هو ظاهر.
(صفحه91)
مسألة 13: لا يجوز لطلاّب العلوم الدينيّة الدخول في المؤسّسات الّتي أسّسهالدولة باسم المؤسّسة الدينيّة، كالمدارس القديمة الّتي قبضتها الدولة وأجرى علىطلاّبها من الأوقاف، ولا يجوز أخذ راتبها؛ سواء كان من الصندوق المشترك، أو منموقوفة نفس المدرسة أو غيرهما؛ لمفسدة عظيمة يُخشى منها على الإسلام1.
1ـ المراد بالدولة هي الدولة الظالمة الجائرة الّتي كانت تنتحل الإسلام بلالتشيّع إلى نفسها. وأمّا في الباطن وبحسب الأعمال والأفعال، فهي ضدّالإسلام، وتعمل على قلعه اُصولاً وفروعاً؛ لاستعانتها بالأجنبي الّذي يسعىجاهداً لذلك.
ووجه عدم جواز الدخول في المؤسّسات المذكورة أمران:
أحدهما: أنّ الغرض من التأسيسات المذكورة توجيه أعمال الطاغوت،وتربية الطلاّب الغافلين لأجل ذلك، مع أنّ المدارس الدينيّة موقوفة علىالطلاّب المشتغلين بالعلوم الإسلاميّة المروّجين لمذهب التشيّع وأحكامالإسلام.
ثانيهما: أنّ مثل المدارس ـ سواء كان له متولّ خاصّ، أم لم يكن ـ لايجوزلغير المجتهد الجامع للشرائط التصرّف فيها بإسكان الطلاّب الواقعيّة؛ ووجهعدم جواز أخذهم الرواتب الّتي ينفقها الطاغوت على الطلاّب ـ سواء كان منالصندوق المشترك (بودجه عمومى موقوفات) أو من موقوفة نفس المدرسة،أو غيرهما ـ هي المفسدة العظيمة الّتي يخشى منها على أساس الإسلام وأصله.
وأسوء من الصورة المفروضة في المسألة، التشكيلات الّتي كانت في زمنالطاغوت باسم دار الترويج، وكان مديرها ممّن ينتحل الروحانيّة إلى نفسه،