(الصفحة 163)
جعلها المالك على رؤوس الموقوف عليهم حتى تمطر لهم ، فالظاهر أنّه أيضاً مثل الحقّ ، فيجب الردّ إليهم عيناً أو بدلا ، وقد مرّ البحث في هذه الجهة فراجع .
الأمر الرابع : هل حديث «على اليد . . .» يشمل اليد المركّبة كما يشمل اليد المنفردة المستقلّة ، أم لا؟ والمراد باليد المركبّة أن تكون في البين يدان لا يستولي أحد منهما على جزء من المال بالمرّة ، بل يكون استيلاء كلّ منهما مرتبطاً بالآخر ; بمعنى أنّ كلاّ منهما لو لم يكن ، لم يكن للآخر استيلاء بالمرّة ، لا على الجزء ولا على الكلّ ، فيكون استيلاء كلّ منهما بانضمام الآخر ، ويكون المجموع المركّب مستولياً على المجموع المركّب . وربما يشكل في الشمول ; نظراً إلى أنّ يد كلّ منهما عارضيّ خال عن الاستقلال ، وإنّما المستقل هو المجموع المركّب ، فلا يصدق على أحدهما الاستيلاء وإثبات اليد ، فلا وجه للضمان .
هذا ، ولكنّ الظاهر الشمول ; لأنّ الملاك في الضمان هو الاستيلاء ، وهو متحقّق هنا ، غاية الأمر أنّ المستولى هو المجموع ، فالضمان على المجموع ، ومرجعه إلى ضمان كلّ واحد منهما النصف ; لأنّه لازم ثبوت الضمان على اثنين وعدم ثبوت ترجيح في البين ، فكلّ واحد منهما ضامن لنصف العين كما هو ظاهر .
الأمر الخامس : كما يجري الحديث في اليد غير المنضمّة ، فهل يشمل اليد المنضمّة أم لا؟ والمراد باليد المنضمّة هي اليد المجتمعة مع المالك ، بحيث يكون المجموع المركّب من المالك والغاصب مستولياً على العين ، والمالك لو ارتفع لم يكن للغاصب التسلّط ، كما أنّه لو ارتفع الغاصب لم يكن للمالك تسلّط ، فيكون المركب منهما مسلّطاً على المجموع ، وربما يشكل الحكم بالضمان هنا وإن قيل بثبوته في الفرض المتقدم في الأمر الرابع ; لأنّه لا معنى لضمان المجموع المركب بعد كون المالك جزءاً من هذا المجموع وبعضاً له ، ولا معنى لضمان المالك .
وبعبارة اُخرى : لو كان مفاد الحديث الحكم بضمان كلّ واحد منهما مستقلاًّ ،
(الصفحة 164)
فالمفروض أنّ كلّ واحد منهما لا يكون مستولياً على المال ، وإنّما المستولي هو المجموع ، ولو كان مفاده الحكم بضمان المجموع ، فلا مجال للحكم بضمانه بعد كون بعضه هو المالك .
ولكنّ التحقيق شمول الحديث لهذا الفرض أيضاً ، بتقريب أنّ مقتضاه هو الحكم بضمان المجموع المركب ، غاية الأمر أنّ لازمه التبعّض على أجزاء المركّب والتبعّض على أجزاء المال ، فإذا لم يكن بعض الأجزاء قابلا لأن يكون ضامناً ، فذلك لا يمنع عن ثبوت الضمان بالنسبة إلى الآخر القابل لأن يكون ضامناً ، وليس المانع الابتدائي إلاّ كالمسقط بحسب الاستدامة ، فلو فرض أنّ المالك أبرأ إحدى اليدين في اليد المركّبة ، فكما لا يوجب ذلك براءة اليد الاُخرى أيضاً ، بل يبقى ضمانها بحالها ، فكذلك المقام ; فإنّ عدم صحّة انطباق المجموع على المالك لا يوجب عدم صحة انطباقه على الغاصب أيضاً ، فالحقّ شمول الحديث لليد المنضمّة كشموله لليد المركّبة .
الأمر السادس : الظاهر عدم اختصاص الحديث بما إذا كان الموصول عيناً معيّناً ، بل يشمل ما إذ كان مشاعاً ، فمن تسلّط على نصف دار بالإشاعة ; كما إذا أخرج أحد الشريكين في الدار شريكه الآخر منها واستقلّ بالتصرف في الدار ; فإنّه مع كونه مستولياً على النصف المشاع لفرض تحقّق الشركة يصدق الحديث بالإضافة إليه ويحكم بضمانه بمقتضاه .
ودعوى أنّ الإستيلاء لا يتحقّق إلاّ على الشيء المعيّن ، ممنوعة ، بل هو أمر عرفيّ متحقّق في المشاع كالمعيّن ، ولا ينافيه قوله : «حتى تؤدّي»; ضرورة إمكان تحقّق الأداء في مثل المشاع برفع المنع عن تصرّف الشريك ، كما لا يخفى .
هذا تمام الكلام في قاعدة ضمان اليد .
13 شوال المكرم 1408
(الصفحة 167)قاعدة الإلزام
وهي أيضاًمن القواعدالمشهورة ، بل المجمع عليها(1) ، والمراد بها إلزام المخالفين بما يعتقدونه ويدينون به ، ممّا يكون مخالفاً لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) كإلزامهم بأحكام الشفعة والميراث والطلاق وغيرها ، ممّا ينفردون به عنّا ، وفيها جهات من الكلام :
الجهة الاُولى : في مدرك القاعدةومستندها ، والظاهر ـ بعد عدم كون الإجماع على تقديره متّصفاً بالأصالة ; لاحتمال الاستناد إلى الروايات أو سائر الأدلّة ـ انحصار الدليل بالروايات الواردة عن العترة الطّاهرة صلوات الله عليهم أجمعين :
كرواية علي بن أبي حمزة ، أنّه سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن المطلّقة على غير السنّة أيتزوّجها الرجل؟ فقال :ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم ، وتزوّجوهن ّ، فلا بأس بذلك(2) . وفي موضع من الاستبصار عن نسخة : ألزموهم ما ألزموا به
- (1) جواهر الكلام : 32 / 87 والقواعد الفقهية للمحقق البجنوردي : 3 / 179 .
(2) تهذيب الأحكام : 8 / 58 ح 190 ، الاستبصار : 3 / 292 ح 1031 ، وعنهما وسائل الشيعة : 22 / 73 ، كتاب الطلاق ، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 30 ح 5 .