(الصفحة 197)
وتحقّق الغصب ، وهذه هي الفتوى التي قال الإمام (عليه السلام) في تلك الرواية في شأنها : «في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءَها ، وتحبس الأرض بركتها» . وأمّا نحن فنقول بضمانها ، خصوصاً إذا كانت مستوفاة(1) ، وعلى ما ذكر لو كان المغصوب منه حنفيّاً يجوز إلزامه بمقتضى قاعدة الإلزام بذلك ، ومنعه عن أخذ قيمة منافع العين المغصوبة مطلقاً .
ومنها : ضمان المجهول ، أي : ضمان الدين الذي لا يعلم مقداره ، وأنّه قليل أو كثير ، فإنّه باطل عندنا(2) ، والمحكي عن أبي حنيفة ومالك(3) صحّة هذا الضمان ، وعليه : فلو كان الضامن حنفيّاً أو مالكيّاً ، يجوز إلزامه ـ بمقتضى قاعدة الإلزام ـ بصحة الضمان ولو كان الدين مجهولا ، وهكذا ضمان ما لم يجب بناءً على بطلانه عندنا(4) .
ومنها : موارد اُخرى كثيرة متفرّقة في أبواب الفقه تظهر لمن تتبّعها .
هذا تمام الكلام في قاعدة الإلزام .
23 شوال المكرم 1408 هـ
- (1) غنية النزوع : 281 ، شرائع الإسلام : 3 / 243 ـ 244 ، تذكرة الفقهاء : 2 / 381 (ط .ق) .
(2) المبسوط : 2 / 335 ، الخلاف : 3 / 319 مسألة 13 ، السرائر : 2 / 72 .
(3) المغني لابن قدامة : 5 / 72 ، البحر الزخّار : 6 / 76 ، المجموع شرح المهذّب : 14 / 270 ـ 271 .
(4) الخلاف : 3 / 319 مسألة 13 ، تذكرة الفقهاء : 2 / 89 (ط . ق) .
(الصفحة 201)قاعدة من ملك شيئاً ملك الإقرار به
وهي أيضاً من القواعد الفقهية المشهورة التي اشتهرت من زمان الشيخ الطوسي (قدس سره) إلى زماننا هذا(1) ، والكلام فيها يقع في مقامات :
المقام الأوّل : في مورد هذه القاعدة ، وبيان النسبة بينها وبين قاعدة «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» التي تقدّم البحث عنها مفصّلا .
فنقول : إنّ النسبة بين الموردين هي العموم من وجه ، ولازمه وجود مادّة الاجتماع ومادّتي الافتراق . أمّا مادّة الاجتماع ، فهي مثل ما إذا أقرّ الشخص بأنّه وهب ماله لزيد مثلا ; فإنّه بمقتضى كونه إقراراً من عاقل على نفسه تنطبق عليه قاعدة الإقرار ، وبمقتضى كونه مالكاً ومسلّطاً على هبة ماله ـ لأنّ الناس مسلّطون على أموالهم ـ تنطبق عليه قاعدة من ملك .
وأمّا مادّة الافتراق من ناحية قاعدة «من ملك» فهي كما إذا أقرّ الوكيل أو
- (1) رسائل فقهية (تراث الشيخ الأعظم) : 180 ـ 181 .