(الصفحة 235)
الذي بذله للبائع الفضولي لهذه الدار مثلا ، وهذه الخسارة حصلت له من ناحية البائع الفضولي ، وتغريره إيّاه ; بعدم ذكره أنّ المبيع ليس له .
وقد قال : إنّ رجوع المشتري إلى الفضولي في خساراته التي لم يحصل له نفع في مقابلها إجماعيّ للغرور ، فإنّ البائع مغرّر للمشتري وموقع إيّاه في خطرات الضمان ومتلف عليه ما يغرمه ، فهو كشاهد الزور ; أي يضمن كما يضمن شاهد الزّور(1) .
ومنها : ما ذكروه في باب الغصب من أنّه لو قدم الغاصب طعاماً إلى شخص بعنوان ضيافته له ، فتبيّن أنّه ملك الغير ، فالمالك الأصلي إذا رجع إلى الآكل نظراً إلى أنّه مباشر للإتلاف أو إلى وقوع يده على ماله والمفروض كونها يد ضمان ، فيجوز للآكل الرجوع إلى الغاصب لقاعدة الغرور ، بل ذكروا أنّ الغاصب لو قدّم مال المالك إليه بعنوان أنّه مال الغاصب لا المالك ، وكان المالك جاهلا بذلك ، يكون الغاصب ضامناً ; لهذه القاعدة (2) .
ومنها : ما ذكروه في باب الإجارة من أنّه لو قال للخياط مثلا : إن كان يكفي هذا قباءً فاقطعه ، فقال : يكفي ، وقطعه فلم يكف ، فسقط عن القيمة أو قلّت قيمته ، فيرجع صاحب الثوب إلى الخياط بما نقص ; لأنّه غرّه وقال : يكفي(3) .
ومنها : ما ذكروه في باب العارية من أنّه لو أعاره مال الغير بعنوان أنّه مال نفسه ، ثمّ تبيّن أنّه مال الغير ، ورجع ذلك الغير الذي هو المالك الى المستعير ببدل ما انتفع من ماله بعنوان العارية ، فللمستعير الرجوع إلى المعير ; لأنّه غرّه(4) .
- (1) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 3 / 493 ـ 494 .
(2) شرائع الإسلام : 3 / 242 ، مسالك الأفهام : 12 / 205 ـ 206 ، جواهر الكلام : 37 / 142 ـ 145 .
(3) المبسوط : 2 / 383 ، الخلاف : 3 / 506 ـ 507 مسألة 34 ، المهذّب : 1 / 493 ، السرائر : 2 / 474 ـ 475 .
(4) شرائع الإسلام : 2 / 172 ، مسالك الأفهام : 5 / 141 ـ 142 ، رياض المسائل : 9 / 182 ـ 183 .
(الصفحة 236)
ومنها : غير ذلك من الموارد التي تظهر للمتتبع في أبواب الفقه(1) .
هذا تمام الكلام في قاعدة الغرور .
12 ذي القعدة الحرام 1408 هـ
- (1) كالاستناد بهذه القاعدة في كتاب الجعالة من الجواهر : 35 / 200 وكتاب الغصب من الجامع المقاصد : 6 / 226 ـ 228 .
(الصفحة 239)قاعدة نفي السبيل
وهي أيضاً من القواعد الفقهية المشهورة التي يستند اليها في مختلف أبواب الفقه في فروع كثيرة ; في باب المعاملات والنكاح والولايات والإرث وغيرها على ما سنبيّنه إن شاء الله تعالى في مقام تطبيق القاعدة ، والكلام فيها يقع في مقامات :
المقام الأوّل : في مدرك القاعدة ومستندها ، وما قيل في هذا المجال اُمور :
الأوّل : الإجماع على أنّه لم يجعل في الشريعة حكم موجب لوجود السبيل للكافر على المسلم وثبوت السّلطة له عليه ، ولم يظهر من أحد إنكار هذا الأمر ، كما يظهر بالتتبع في موارد هذه القاعدة ; كمسألة تزويج المؤمنة من الكافر(1) ، وبيع العبد المسلم من الكافر(2) ، وغيرهما من الموارد(3) ، وبالجملة : الظاهر تحقّق
- (1) مسائل الناصريات : 327 ـ 329 ، الخلاف : 4 / 271 ـ 272 مسألة 27 ، غنية النزوع : 343 ، الروضة البهيّة : 5 / 234 ، كشف اللّثام : 7 / 82 .
(2) غنية النزوع : 210 ، شرائع الإسلام : 2 / 16 ، تذكرة الفقهاء : 10 / 19 ـ 20 مسألة 6 ، مسالك الأفهام : 3 / 166 ـ 167 ، جواهر الكلام : 22 / 334 ـ 335 .
(3) مثل القصاص في قتل العمد بأ نّه يشترط أن لا يكون القاتل مسلماً والمقتول كافراً ، غنية النزوع : 404 ومثل اشتراط كون الآخذ بالشفعة مسلماً ، تذكرة الفقهاء : 12 / 212 ـ 213 ، راجع العناوين : 2 / 350 ـ 351 عنوان 49 .