جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 229)

ربما يقال بأنّه حيث لا يكون التغرير من العناوين القصدية التي يتوقّف تحققها على قصد عنوانها كالتعظيم مثلا ، بل من العناوين المتحققة بنفس الفعل ، كعنوان الضرب ; حيث لا يتوقّف تحقّقه على قصد عنوانه ، فالظاهر حينئذ تحققه وإن كان الغارّ جاهلا ، ولازمه عدم قصد إيقاعه في الضرر المترتّب على ذلك الفعل ; لكونه جاهلا بالترتّب ، بل معتقداً بثبوت نفع له مكان الضّرر (1) .

أقول : الظاهر أنّ صدق الغرور الذي هو بمعنى الخدعة في صورة الجهل مشكل ; فإنّه كيف تتحقّق الخدعة من الرجل مع فرض جهله؟ فهل يكون الطبيب الحاذق في المثال المتقدّم خادعاً ومدلّساً؟ وقد عرفت نفي عنوان التدليس عن الوليّ الجاهل بعيب المرأة في بعض الروايات المتقدّمة(2) الواردة في عيوبها . نعم ، لا يلزم أن يكون العالم في مقام إراءَة غير الواقع وإخفائه ، بل يكفي مجرّد العلم والسكوت وعدم البيان .

ومنه يظهر أنّ دعوى مدخليّة العلم في معنى الغرور والتدليس لا تكون مستلزمة لكون هذا العنوان من العناوين القصديّة ; فإنّ دخالة العلم في المعنى أمر ، ولزوم قصد العنوان أمر آخر ، وعليه : فيظهر الخلل في ما أفاده المحقّق البجنوردي في هذا المقام ، فتدبّر .

هذا بالإضافة إلى معنى كلمة «الغرور» المأخوذة في القاعدة ، وأمّا كلمة «يرجع» فظاهرها أنّ المغرور أيضاً ضامن ، وللمضمون له الرجوع إليه ; سواء كان له الرجوع إلى الغارّ أيضاً، كما في مورد تعاقب الأيدي في العين المغصوبة ، أو لم يكن له الرجوع إليه ، كما في مورد المرأة المعيوبة المدلّسة المدخول بها ; فإنّ الظاهر أنّه لايكون لها الرجوع ابتداءً إلى وليّها الذي أنكحها ، بل كان لها الرجوع إلى الزوج

  • (1) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي : 1 / 278 ـ 279 .
    (2) في ص 221 .

(الصفحة 230)

فقط ، وعلى أيّ حال فيستفاد من هذه الكلمة أمران :

أحدهما : كون المغرور ضامناً يجب عليه تدارك الضرر والخسارة التي أوقعه بالغير .

ثانيهما : أنّ رجوعه إلى الغارّ إنّما هو بعد تدارك الضرر ; لعدم صدق الرجوع بدونه . هذا كلّه بالنسبة إلى الكلمات المأخوذة في القاعدة .

وأمّا بلحاظ الحكم ; وهو جواز الرجوع ، فالظاهر أنّه يختلف باختلاف الاُمور المتقدّمة المذكورة في مدرك القاعدة ومستندها ; فإنّه إن كان المستند هي الرواية النبويّة المعروفة(1) ، فإن قلنا بعموم لفظ الغرور لصورة الجهل ، فمقتضى عموم الرواية وإطلاقها الشمول لهذه الصّورة أيضاً ، فالمغرور يرجع حينئذ إلى الغارّ مطلقاً ; سواء كان عالماً أو جاهلا ، وإن قلنا باختصاص الغرور بخصوص صورة العلم ، فلا مجال حينئذ للحكم بجواز الرجوع إلى الغارّ بمقتضى الرواية الواردة ، كما لا يخفى .

وإن كان المستند هو الإجماع ، فالقدر المتيقّن من معقده خصوص صورة العلم ، من دون فرق بين القول بعموم لفظ الغرور لصورة جهل الغارّ ، وبين القول باختصاصه بصورة العلم ; وذلك لأنّ الإجماع دليل لبيّ يقتصر في مورده على القدر المتيقّن ، خصوصاً مع وجود الخلاف في صورة الجهل .

وإن كان المستند هو بناء العقلاء ، فالظاهر اختصاص مورده بصورة العلم ; فإنّهم لا يرون الجاهل ضامناً بوجه ، كما يظهر من مثال الطبيب الحاذق ، بل لا يرون مثله غارّاً ومدلّساً وخادعاً أصلا .

وإن كان المستند هي الروايات الخاصّة الواردة في موارد مختلفة التي قد تقدّم بعضها ; مثل ما ورد في باب تدليس المرأة المعيوبة ، ورجوع شاهد الزور عن

  • (1) تقدّمت في ص 219 .

(الصفحة 231)

شهادته(1) ، فالظاهر بل المصرّح به في بعضها أنّ موردها صورة العلم ، وقد صرّح في رواية أبي عبيدة المتقدّمة بأنّه إن لم يكن وليّها علم بشيء من ذلك فلا شيء عليه(2) . وكذا رواية رفاعة وبعض الروايات الاُخر(3) .

وهكذا الروايات الواردة في شاهد الزور(4) ; فإنّ موردها صورة العلم بالكذب باعتبار لفظ التوبة الواقع في بعضها ، وباعتبار طرح شهادتهم وعدم الحكم على طبقها في ما إذا لم يكن قضي على وفقها ، وكذا باعتبار الحكم بأنّه يضرب الشاهدان الحدّ ، مع أنّه لا حدّ في صورة الجهل .

نعم ، في مرسلة ابن محبوب(5) ثبوت الحدّ ; أي حدّ القذف في صورة الوهم وعدم التعمّد ، وكذا لزوم غرامة الدية ، ولكنّها من جهة الحدّ معارضة ببعض الروايات الاُخر الدالّ على عدم الثبوت ، ومن جهة غرامة الدية يكون للمورد خصوصية ; وهي خصوصية القتل ; حيث تثبت الدّية بسببه في قتل الخطأ ، مع أنّ مورد هذه الروايات لا يكون من مصاديق قاعدة الغرور ; لما عرفت من أنّ موردها ما إذا كان الرجوع أوّلا إلى المغرور ، غاية الأمر أنّ المغرور يرجع إلى الغارّ ، ومورد هذه الروايات من مصاديق قوّة السبب بالإضافة إلى المباشر ، حيث يكون الضمان ثابتاً بالإضافة إلى السبب فقط ، كما لا يخفى .

وأمّا رواية جميل بن درّاج المتقدّمة(6) الواردة في الأمة المبيعة المستحقة للغير ، فظاهرها وإن كان هو الإطلاق من جهة علم البائع باستحقاق الغير إيّاها وجهله ، خصوصاً مع كونه سوقيّاً ، إلاّ أنّه باعتبار كون البائع عالماً بخصوصيات الأمة نوعاً

  • (1) في ص 221 ـ 225 .
    (2 ، 3) في ص 221 .
    (4 ، 5) تقدمت في ص 223 ـ 224 .
    (6) في ص 224 ـ 225 .

(الصفحة 232)

لا مجال للاتّكال على هذا الإطلاق ، فتدبّر .

وإن كان المستند هو أقوائية السبب من المباشر ، فالظاهر أنّه لا فرق بين صورة علم الغارّ وجهله ، ويدلّ عليه الروايات الواردة في شهود الزور الدالّة على الضمان مع الجهل أيضاً كما عرفت . نعم ، قد مرّ منّا المناقشة في صدق الأقوائيّة في صورة الجهل(1) .

ثمّ إنّه ربما يقال بأنّ الأدلّة الواردة في باب ضمان الطبيب تدلّ على ضمان الغارّ وإن كان جاهلا(2) ، ولكنّا حقّقنا في كتاب الإجارة أنّ المستفاد من مجموع الروايات الواردة فيه هو ثبوت الضمان في ما إذا كان استناد الإتلاف والإفساد إلى الطبيب وإن لم يتحقّق منه المباشرة ، كما في التطبيب على النحو المتعارف ، فإنّ الإسناد إلى الطبيب فيه أمر عرفيّ . نعم ، لا يتحقق الاستناد في توصيف الدواء ومثله ، فلا يكون فيه ضمان(3) ، كما صرّح به سيّدنا الاُستاذ الإمام ـ مدّ ظلّه العالي ـ في كتاب الإجارة(4) ، وعليه : فترتبط مسألة الطبيب أيضاً بمسألة أقوائيّة السبب من المباشر ، ولا ترتبط بالقاعدة .

المقام الثالث : أنّه كما يتحقق في باب «اليد» الموجبة للضمان التركّب والاشتراك ; كما إذا اشتركا في غصب عين بحيث لو لم يكن اشتراك لما كان يتحقّق الغصب ، وقد عبّرنا عنه في «قاعدة ضمان اليد» باليد المركّبة(5) ، كذلك يتحقّق الاشتراك في باب الغرور أيضاً ; كما إذا شهدا على مال بأنّه ماله فأخذه وأتلفه ، ثمّ بان أنّه ملك للغير ، وأنّ إتلافه إتلاف لمال الغير ; فإنّ شهادة كلّ واحد جزء سبب

  • (1) في ص 228 .
    (2) قاله المحقق البجنوردي في قواعد الفقهيّة : 1 / 280 .
    (3) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الإجارة : 629 ـ 630 .
    (4) تحرير الوسيلة : 1 / 556 مسألة 41 .
    (5) في ص 163 .

(الصفحة 233)

في الغرور ، وهو قد تحقّق بمجموع الشهادتين .

ضرورة عدم كفاية شهادة واحدة في جواز التصرّف في مال ، وفي هذه الصّورة يتحقق الاشتراك في الضمان ، ويمكن فرض الإجتماع على أن يكون فعل كلّ منهما علّة تامّة في الغرور ; كما لو فرض صدور السبب من كلّ منهما دفعة ، بحيث لو لم يكن أحدهما لكفى الآخر ، فيكون كلّ منهما علّة مستقلّة بهذا المعنى ، ولازم ذلك أيضاً الاشتراك في الضّمان .

المقام الرّابع : ظاهر كلام الفقهاء في مسألة تعاقب الأيدي في باب ضمان اليد أنّ الأيدي وإن كانت كلّها ضامنة ، ويجوز للمالك الرجوع إلى أيّة واحدة منها شاء ، إلاّ أنّ قرار الضمان واستقراره على من تحقّق التلف بيده بإتلافه أو بسبب آخر ، فاستقرار ضمان الغصب على الغاصب المتلف(1) مثلا ، وظاهر كلماتهم في هذا المقام ـ أي : قاعدة الغرور ـ أنّ قرار الضمان على الغارّ ، وأنّ المغرور يرجع إليه .

وحينئذ لو فرض غارّ ومغرور ومتلف لم يكن مغروراً ، كما إذا أخذ العين المغصوبة من يد المغرور قهراً عليه ثمّ أتلفها ; فإنّه يجوز للمالك الرجوع إلى كلّ واحد منهم ، فإذا رجع إلى المتلف وأخذ المثل أو القيمة منه ، فلا يجوز له الرجوع إلى واحد من الأوّلين ; لأنّ المفروض عدم كونه مغروراً من واحد منهما ، وكون الثاني مغروراً من قبل الأوّل لا يستلزم كون الثالث مغروراً بوجه ، بعد فرض أخذ العين من يده قهراً عليه .

ودعوى أنّه لو كان يعلم بأنّ المال لغيره ربما لا يقدم على الأخذ كذلك ، مدفوعة بأنّ مثل ذلك لا يوجب تحقق الغرور ، مع أنّ لازمه كون الثاني غارّاً بالإضافة إلى الثالث ، ولا مجال للالتزام به بوجه .

  • (1) شرائع الإسلام : 3 / 236 ـ 245 ـ 246 ، قواعد الأحكام : 2 / 224 ـ 245 ، مسالك الأفهام : 12 / 155 ـ 156 و 223 ـ 228 .