(الصفحة 236)
ومنها : غير ذلك من الموارد التي تظهر للمتتبع في أبواب الفقه(1) .
هذا تمام الكلام في قاعدة الغرور .
12 ذي القعدة الحرام 1408 هـ
- (1) كالاستناد بهذه القاعدة في كتاب الجعالة من الجواهر : 35 / 200 وكتاب الغصب من الجامع المقاصد : 6 / 226 ـ 228 .
(الصفحة 239)قاعدة نفي السبيل
وهي أيضاً من القواعد الفقهية المشهورة التي يستند اليها في مختلف أبواب الفقه في فروع كثيرة ; في باب المعاملات والنكاح والولايات والإرث وغيرها على ما سنبيّنه إن شاء الله تعالى في مقام تطبيق القاعدة ، والكلام فيها يقع في مقامات :
المقام الأوّل : في مدرك القاعدة ومستندها ، وما قيل في هذا المجال اُمور :
الأوّل : الإجماع على أنّه لم يجعل في الشريعة حكم موجب لوجود السبيل للكافر على المسلم وثبوت السّلطة له عليه ، ولم يظهر من أحد إنكار هذا الأمر ، كما يظهر بالتتبع في موارد هذه القاعدة ; كمسألة تزويج المؤمنة من الكافر(1) ، وبيع العبد المسلم من الكافر(2) ، وغيرهما من الموارد(3) ، وبالجملة : الظاهر تحقّق
- (1) مسائل الناصريات : 327 ـ 329 ، الخلاف : 4 / 271 ـ 272 مسألة 27 ، غنية النزوع : 343 ، الروضة البهيّة : 5 / 234 ، كشف اللّثام : 7 / 82 .
(2) غنية النزوع : 210 ، شرائع الإسلام : 2 / 16 ، تذكرة الفقهاء : 10 / 19 ـ 20 مسألة 6 ، مسالك الأفهام : 3 / 166 ـ 167 ، جواهر الكلام : 22 / 334 ـ 335 .
(3) مثل القصاص في قتل العمد بأ نّه يشترط أن لا يكون القاتل مسلماً والمقتول كافراً ، غنية النزوع : 404 ومثل اشتراط كون الآخذ بالشفعة مسلماً ، تذكرة الفقهاء : 12 / 212 ـ 213 ، راجع العناوين : 2 / 350 ـ 351 عنوان 49 .
(الصفحة 240)
الإجماع ، وقد بلغ نقل الإجماع إلى حدّ الاستفاضة بل التواتر ، كما يظهر بمراجعة كلمات الأصحاب (رضي الله عنهم) .
ولكن مع ذلك كلّه لا يكون الإجماع متصفاً بالأصالة ولا يكون حجة مستقلة ; لأنّه من المحتمل جدّاً أن يكون مستند المجمعين في هذه القاعدة بعض الأدلّة الآتية ، فلا يكون كاشفاً عن رأي المعصوم (عليه السلام) ، بل اللازم النظر في تلك الأدلّة من جهة التمامية وعدمها .
الثاني : قوله تعالى : {وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا}(1)حيث إنّ الظاهر من الآية أنّ المراد منها أنّه تعالى لم يجعل ولن يجعل بالجعل التشريعي حكماً موجباً لتحقّق السبيل والسلطة للكافر على المؤمن ، خصوصاً بعد ملاحظة أنّ الجعل التكويني بمعنى الغلبة الخارجية التكوينية أمر متحقق مشاهد بالوجدان ، وقد أخبر به تعالى في بعض الآيات الحاكية عن ظفر الكفّار ومغلوبية المسلمين(2) ، فسبيل الآية حينئذ سبيل آية نفي الحرج(3) المشتملة على نفي جعل حكم حرجي في الدّين ، فكما أنّ آية نفي الحرج حاكمة على الأدلّة الأولّيّة الظاهرة في ثبوت الحكم في مورد الحرج أيضاً ، ويتصرّف فيها بالحمل على غير صورة الحرج ، غاية الأمر بلسان الحكومة لا بلسان التخصيص .
كذلك هذه الآية حاكمة على الأدلّة الأولّية الدالّة على ثبوت الحكم في مورد السبيل أيضاً ، فهي حاكمة على مثل : {أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ}(4) الدالّ بإطلاقه على نفوذ
- (1) سورة النساء 4: 141.
(2) كالآية 139 و140 من سورة آل عمران ، والآية 25 من سورة التوبة .
(3) سورة المائدة 5 : 6 ، و سورة الحج 22 : 78 .
(4) سورة البقرة 2 : 275 .