(الصفحة 432)
المباحث إلى محالّها من كتاب الشهادات ، وكتاب الطهارة وغيرهما فراجع .
هذا تمام الكلام في قاعدة أماريّة اليد .
11 محرّم الحرام 1409 هـ
(الصفحة 435)قاعدة القرعة
وهي أيضاً من القواعد الفقهية المشهورة التي تترتّب عليها ثمرات كثيرة ، وقد وقع الإشكال والخلاف في سعة دائرتها وضيقها ، ومنشؤه الإشكال فيما يستفاد من الأدلّة الواردة فيها ، وتحقيق البحث في هذه القاعدة يستدعي التكلّم في مقامات :
المقام الأوّل : في مدركها ومستندها ، وهو اُمور :
الأوّل : الكتاب ، فقد ورد فيه حكاية المساهمة في موردين :
أحدهما : ما ورد في قصّة النبيّ يونس من قوله تعالى : {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ}(1) . وقد ورد في الأخبار الاحتجاج على شرعية القرعة بهذه الآية(2) ، والمراد بالمساهمة المقارعة ، وبكونه من المدحضين صيرورته معلوماً بالقرعة
- (1) سورة الصافّات 37 : 141 .
(2) وسائل الشيعة : 27 / 261 ـ 262 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 13 ح 13 و 17 ، ومستدرك الوسائل : 17 / 373 ـ 375 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 11 ح 21618 و 21620 .
(الصفحة 436)
ممتازاً عن غيره ، وأصل الدحض : الزلق ، والإدحاض : الإزالة والإبطال ، وأصل المعنى كما عن المجمع : صار من المقروعين المغلوبين المقهورين(1) ، وكيفيّة الواقعة على ما في الخبر أنّه لمّا وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل أن يأمره الله تعالى به ، فركب السّفينة فوقفت ، فقالوا : هاهنا عبد آبق فاقترعوا له ، فخرجت القرعة على يونس ، فقال : أنا الآبق ورمى بنفسه في الماء ، فالتقمه الحوت(2) .
ودعوى أنّه لا دلالة للآية على المشروعية ; فإنّ غاية مفادها الحكاية ، وهي أعمّ من المشروعية ، مدفوعة ـ مضافاً إلى ما عرفت من أنّه ورد في الأخبار الاحتجاج على شرعية القرعة بهذه الآية ـ بأنّه لا مجال للمناقشة في دلالة الآية على قبول يونس للمقارعة لو لم نقل بأنّ ظاهرها تصدّي نفسه لها ، و هذا القبول إن كان منشؤه كونه أمراً تعبّدياً جاء به يونس ، فمقتضى الاستصحاب عند الشكّ في البقاء بقاؤه في هذه الشريعة ; لما تقرّر في محلّه من جريان استصحاب أحكام الشرائع السابقة(3) وإن كان منشؤه كونه أمراً عقلائيّاً كما هو الظاهر ، وقد أمضاه النبيّ يونس ، فاللازم ثبوته في هذه الشريعة لهذه الجهة ، كما لا يخفى .
ثانيهما : ما ورد في قصّة التخاصم في تكفّل مريم واقتراعهم لذلك من قوله تعالى : {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}(4) وكيفيّة الواقعة أنّ زكريّا (عليه السلام) قال لهم : أنا أحقّ بمريم ; أي من جهة التكفّل ; لأنّ عندي خالتها ، قالوا : لا حتى نقرع عليها ، فانطلقوا إلى نهر الاُردن ، فألقوا فيه أقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي ، على أنّ من ارتفع قلمه فوق الماء فهو أحقّ بها(5) . وقيل : إنّ أقلامهم
- (1) مجمع البحرين : 1 / 579 .
(2) أنوار التنزيل : 2 / 300 ، وعنه تفسير كنز الدقائق : 8 / 512 ـ 513 .
(3) سيرى كامل در اصول فقه : 15 / 107 ـ 132 .
(4) سورة آل عمران 3 : 44 .
(5) مجمع البيان : 1 / 282 ـ 283 ، وعنه بحار الأنوار : 14 / 196 .