(الصفحة 442)
ومنها : مورد عتق أوّل مملوك(1) .
ومنها : مورد اشتباه المعتق بغيره(2) .
ومنها : مورد عتق العبيد في مرض الموت ولا مال له سواهم(3) .
ومنها : مورد اشتباه الغنم الموطوءة(4) .
ومنها : مورد قسمة أمير المؤمنين (عليه السلام) المال الذي اُتي من أصبهان ، المذكور في كتاب الجهاد(5) .
ومنها : قضية مساهمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قريشاً في بناء البيت(6) .
ومنها : استعلام موسى (عليه السلام) النمام بالقرعة بتعليم الله تعالى(7) .
- (1) تهذيب الأحكام : 8 / 225 ح 810 و 811 ، الاستبصار : 4 / 5 ح 16 و 17 ، الفقيه : 3 / 53 ح 179 ، المقنع : 462 ـ 463 ، وعنها وسائل الشيعة : 23 / 92 ـ 93 ، كتاب العتق ب 57 ح 1 ـ 3 و ج 27 / 261 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 13 ح 15 .
(2) الكافي : 6 / 197 ح 14 ، تهذيب الأحكام : 8 / 230 ح 830 ، وعنهما وسائل الشيعة : 23 / 61 ، كتاب العتق ب 34 ح 1 .
(3) صحيح مسلم : 3/1043 ، كتاب الأيمان ب12 ح1668 ، سنن أبي داود : 602 ح3961 ، سنن الترمذي : 3/645 ، كتاب الأحكام ب 27 ح1368 ، حلية الأولياء : 10/215 ، الأمان من أخطار الأسفار والأزمان : 96 .
(4) تهذيب الأحكام : 9 / 43 ح 183 ، تحف العقول : 480 ، وعنهما وسائل الشيعة : 24 / 169 و 170 ، كتاب الأطعمة والأشربة ، أبواب الأطعمة المحرمة ب 30 ح 1 و 4 .
(5) الغارات : 34 ـ 35 ، وعنه وسائل الشيعة : 15 / 114 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد العدو وما يناسبه ب 41 ح 13 و 14 ، وبحار الأنوار : 34 / 349 و ج 100 / 60 ح 10 . وأخرجه في البحار : 41 / 118 عن مناقب ابن شهر آشوب : 2 / 112 نقلا من فضائل الصحابة لابن حنبل : 1 / 549 ح 913 وحلية الأولياء : 7 / 300 . ورواه في الاستيعاب في معرفة الأصحاب : 533 وتاريخ مدينة دمشق : 42 / 476 .
(6) الكافي : 4 / 218 ح 5 ، الفقيه : 2 / 161 ح 696 ، وعنهما وسائل الشيعة : 13 / 216 ، كتاب الحجّ ، أبواب مقدّمات الطواف ب 11 ح 11 ، وبحار الأنوار : 15 / 339 ح 9 ومستدرك الوسائل : 17 / 376 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 11 ح 10 .
(7) الزهد : 9 ح 15 ، وعنه بحار الأنوار : 13 / 353 ح 47 و ج 75 / 266 ح 15 و ج 104 / 325 ح 7 ، ووسائل الشيعة : 12 / 310 ، كتاب الحج ، أبواب أحكام العشرة ب 164 ح 13 ، ومستدرك الوسائل : 17 / 375 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 11 ح 5 .
(الصفحة 443)
ومنها : مساهمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أزواجه إذا أراد سفراً(1) .
ومنها : اقتراعه (صلى الله عليه وآله) بين أهل الصّفة للبعث إلى غزوة ذات السّلاسل(2) .
ومنها : اقتراعه (صلى الله عليه وآله) في غنائم حنين(3) .
ومنها : اقتراع بني يعقوب ليخرج على واحد ، فيحبسه يوسف (عليه السلام) عنده(4) .
هذه هي الـموارد الـتي تتبّعها سيّدنا الاُستـاذ الأعظم الخميني دام ظلّه العالي(5) . ولعلّ المتتبّع يجد أزيد من ذلك موارد اُخر أيضاً .
وقد ظهر من جميع ذلك دلالة الروايات المتكثّرة على مشروعية القرعة في الجملة . وإن كانت مختلفة بحسب الظّاهر من حيث السعة والضيق ، وسيأتي التحقيق في مفادها إن شاء الله تعالى .
الثالث : الإجماع(6) المنقول بل المحصّل من تتبّع الفتاوى والكلمات ; فإنّ الظاهر أنّه لم ينقل عن أحد من الأصحاب إنكار مشروعيّة القرعة بنحو الإطلاق وإن وقع بينهم الاختلاف في موارد متعدّدة ، لكن أصل اعتبار القرعة بنحو الإجمال لم يقع مورداً للإنكار والخلاف بوجه ، ولكنّ الظاهر أنّه بعد دلالة الكتاب والسنّة المستفيضة بل المتواترة إجمالا على مشروعية القرعة لا يبقى للإجماع أصالة ، ولا يكون دليلا مستقلاًّ في عرض الكتاب والسنّة ; لأنّه من المحتمل بل المقطوع أن
- (1) الاختصاص : 118 ، وعنه بحار الأنوار : 32 / 163 قطعة من ح 128 ، ومستدرك الوسائل : 17 / 377 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى ب 11 ح 13 .
(2) الإرشاد للمفيد : 162 ، وعنه بحار الأنوار : 21 / 77 ح 5 .
(3) إعلام الورى : 239 ـ 240 ، وعنه بحار الأنوار : 21 / 172 ـ 173 .
(4) الأمالي للصدوق : 320 قطعة من ح 375 ، وعنه بحار الأنوار : 12 / 257 قطعة من ح 23 .
(5) الرسائل في الاُصول : 1 / 338 ـ 345 .
(6) السرائر : 3 / 417 ، مسالك الأفهام : 15 / 481 ـ 482 ، عوائد الأ يّام : 651 ، العناوين : 1 / 349 .
(الصفحة 444)
يكون مستند المجمعين الكتاب والسنّة ، فالإجماع حينئذ لا يكون حجّة برأسه .
الرّابع : بناء العقلاء على الرجوع إلى القرعة في بعض الموارد ، وقد أشرنا(1)إلى أنّ المساهمة المحكيّة في الكتاب في موردين لعلّها كانت هي المساهمة العقلائية الجارية في مثل الموردين ، من اشتباه العبد الآبق على نقل ، أو إشرافهم على الغرق ، فرأوا طرح واحد منهم لنجاة الباقين على نقل آخر ، ومن يتكفّل مريم من الأشخاص المتعدّدين ، فالظاهر ثبوت هذا البناء وعدم الردع عنه في الشريعة ، بل تحقّق الإمضاء بمقتضى الكتاب والسنّة ، لكنّ الكلام في ضابط المورد الذي يرجع فيه العقلاء إلى القرعة ، وسيأتي بيان الضابط في تحقيق مفاد الرّوايات .
المقام الثاني : في بيان مقدار دلالة الأدلّة الورادة في مشروعيّتها ، سيّما مُفاد الطوائف الثلاث من الروايات الواردة فيها .
فنقول : إنّ الذي يظهر بعد التتبّع والتأمّل في غير الطائفة الاُولى من الطائفتين الأخيرتين أنّ مورد القرعة ومحلّ جريانها هو موارد تزاحم الحقوق وعدم ثبوت المرجّح لأحدها على الآخر ، وهذا هو الجامع بين جميع الموارد التي حكم فيها بالقرعة . نعم ، مورد التخلّف فيما ذكرنا إنّما هي مسألة الغنم الموطوءة التي حكم فيها بالقرعة ، مع عدم تحقّق الجامع المذكور فيها .
ولكن يمكن الجواب عنه ـ مضافاً إلى أنّه يمكن فرض تزاحم الحقوق فيها أيضاً ، بأن كان القطيع مركّباً من أغنام أزيد من مالك واحد ، كما كان هو الشائع في تلك الأزمنة ، بل في زماننا هذا أيضاً ـ بأن يقال : إنّ الرواية الدالّة على ثبوت القرعة في المورد المفروض مشعرة بكون هذا المورد أيضاً من موارد تزاحم الحقوق ; لأنّه قد عبّـر فيها ـ بعد الحكم بالقرعة واستخراج الموطوءة بها ـ بأنّه «قد نجت سائرها»; فإنّ نجاة السائر إنّما هي مع التزاحم، كما لا يخفى .
(الصفحة 445)
نعم ، لابدّ من ملاحظة الطائفة الاُولى الدالّة بظاهرها على أنّ كلّ مجهول ففيه القرعة ، ونقول : إنّ عمدة ما يمكن أن يكون مستنداً للعموم هي رواية محمد بن حكيم المتقدّمة(1) ، وحيث إنّ السؤال فيها ناقص ; ضرورة أنّ السؤال عن الشيء لا ينطبق عليه الجواب بثبوت القرعة لكلّ أمر مجهول ، بل نفس هذا السؤال لا يكاد يصدر من عاقل ، فهذا يكشف عن أنّ السؤال كان عن أمر لم ينقل إلينا ، وحينئذ يبقى احتمال أنّه لو كان السؤال مذكوراً لكان من الممكن أن يكون قرينة على عدم شمول الجواب لجميع الموارد .
هذا ، مع أنّه لو اُغمض النظر عن ذلك نقول : قد عرفت أنّ القرعة ليست أمراً شرعيّاً اخترعه الشارع ، بل كانت معمولا بها عند العقلاء قبل الشرع أيضاً ، وقد عرفت أنّ المساهمة المحكية في الكتاب في موردين كانت هي المساهمة العقلائية ظاهراً ، ومن المعلوم أنّ مورد إجراء القرعة ومحلّها عند العقلاء لا يكون عامّاً شاملا لجميع موارد الاشتباه والجهل ، بل العقلاء يعملون بها في موارد مخصوصة ، والظاهر أنّ ضابطها تزاحم الحقوق ، وبعد ثبوت هذا البناء لا يكاد يفهم من مثل رواية محمد بن حكيم العموم لغير تلك الموارد .
ويؤيّد ما ذكرنا أنّه مع كون هذه الرواية بمرأى ومسمع من الأصحاب ـ بل ادّعي الإجماع على صدور مضمونها من الشيخ(2) والشهيد(3) وغيرهما(4) ، وتمسّكوا بها في غير مورد من مسائل القضاء وأشباهها ـ لم يظهر من أحد منهم التمسّك بها والفتوى بمضمونها في غير موارد تزاحم الحقوق . نعم ، حكي عن ابن
- (1) في ص 435 ـ 437 .
(2) الخلاف : 3 / 298 مسألة 8 و ج 6 / 234 مسألة 32 و ص 399 مسألة 24 ، النهاية : 345 ـ 346 .
(3) القواعد والفوائد : 2 / 22 ـ 23 قاعدة 4 و ص 183 قاعدة 213 .
(4) السرائر : 2 / 170 .
(الصفحة 446)
طاووس الفتوى بالقرعة في مورد اشتباه القبلة(1) ، ولكنّه من الشذوذ بمكان ، مضافاً إلى كونه مخالفاً للنصّ الوارد في تلك المسألة(2) .
ويؤيّد بل يدلّ على ما ذكرنا ما دلّ على أنّ أصل القرعة من الكتاب ; لأنّه ليس المراد دلالة الكتاب على شرعيّة القرعة ; لأنّه لم يرد فيه كما عرفت(3) إلاّ حكاية المساهمة في موردين ، والحكاية أعمّ ، بل المراد دلالة الكتاب على وجود هذا الأمر وثبوته بين العقلاء ، فلابدّ في تشخيص مورده ومجراه من الرجوع إليهم ، كما لا يخفى .
وأمّا قولهم في مطاوى كتبهم الفقهيّة : «القرعة لكلّ أمر مجهول» أو «مشتبه» فالظاهر أنّ المراد بالأمر فيه هو الأمر الذي يرجع إلى الحاكم ، على ما يشهد به استعمال هذه الكلمة في باب القضاء; فإنّه حيثما يطلق في كتاب القضاء لا يراد منه إلاّ ذلك ، كلفظ «الحكم» المعبّـر به في ذلك الكتاب . ومن هنا يظهر سرّ تقييد الحلّـي في السرائر مورد القرعة بما إذا كان الأمر المجهول مشتبه الحكم(4) ; فإنّ مراده من الأمر المجهول هو الأمر الذي يرجع إلى الحاكم ، ومن الحكم المشتبه هو الحكم الذي هو وظيفة القاضي لا الحكم الشرعي الكلّي .
ويؤيّد أيضاً ما ذكرنا ما ورد ممّا يدلّ على عدم جواز استخراج المجهول بالقرعة لغير الإمام(5) ، الذي يعنى به من يجوز له التصدّي للقضاء ; فإنّ تخصيص
- (1) الأمان من أخطار الأسفار والأزمان : 93 ـ 95 .
(2) الكافي : 3 / 285 ح 7 وص 286 ح 10 ، تهذيب الأحكام : 2 / 45 ح 144 ـ 146 ، الاستبصار : 1 / 295 ح 1085 ـ 1087 ، الفقيه : 1 / 179 و 180 ح 845 و 854 ، وعنها وسائل الشيعة : 4 / 307 ، كتاب الصلاة ، أبواب القبلة ب 6 ح 1 و ص 310 ـ 311 ح 1 ـ 5 .
(3) في ص 435 ـ 436 .
(4) السرائر : 2 / 173 .
(5) الكافي : 6/197 ح14 ، تهذيب الأحكام : 6/240 ح592 و ج8/230 ح830 ، وعنها وسائل الشيعة : 23/ 61 ، كتاب العتق ب 34 ح 1 و ج 27 / 259 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 13 ح 9 .