فكما أنّ الحكم بتحقّق الضمان بالبيع الفاسد باستناد «كلّ ما يضمنبصحيحه يضمن بفاسده» يكون من قبيل تطبيق الكلّي على مصاديقه، فكذلكالحكم بطهارة الكحول(1) باستناد «كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر».
فما يرد على بعض الأعلام عكس ما في كلام هذا المستشكل، وهو أنّ مثلقاعدة الطهارة مع كونها مسألة اُصوليّة يكون استفادة الأحكام منها من بابالتطبيق لا الاستنباط.
وقيل: إنّ المايز بينهما أنّ القاعدة الاُصوليّة جارية في أكثر أبواب الفقه،بخلاف الفقهيّة، فإنّها تجري في باب منها دون الأبواب الاُخرى، ألا ترى أنّ
قاعدة «ما يضمن» تجري في العقود المعاوضيّة فقط، ولا يجري في مثل النكاح،ولا في سائر أبواب الفقه.
وفيه: أنّ قاعدة الحلّيّة والطهارة مع كونهما من المسائل الاُصوليّة لا يجريكلّ منهما إلاّ في باب واحد من الفقه.
4ـ كلام الإمام الخميني«مدّ ظلّه» في المقام
وأحسن المقال أن يُقال: إنّ الفارق بين القاعدة الاُصوليّة والفقهيّة هو الآليّةوالاستقلاليّة كما يستفاد من كلام الإمام«مدّ ظلّه» في تعريف علم الاُصول(1).
فإنّ المسائل الاُصوليّة قواعد آليّة ينظر بها، والقواعد الفقهيّة مقصودةبالأصالة والاستقلال، حتّى فيما إذا كانت كلّيّة ذات أنواع كالمسائل الاُصوليّة.
وعليه يدخل الاُصول العمليّة الجارية في الشبهات الموضوعيّة أيضاً فيمسائل علم الاُصول، فإنّ قوله: «لا تنقض اليقين بالشكّ» مثلاً كما يكونحكماً آليّاً بالنسبة إلى إثبات وجوب صلاة الجمعة عند الشكّ في بقائه، يكونكذلك أيضاً بالنسبة إلى إثبات نجاسة هذا القميص مثلاً عند الشكّ في بقائها.
والحقّ أيضاً كونها من مسائل علم الاُصول، لعدم تناسب بحثها في الفقه.
نعم، يلزمه خروج قاعدة الطهارة والحلّيّة عن مسائله، ودخولهما في الفقهكما عرفت(2)، مع أنّ الحقّ كونهما أيضاً من الاُصول.
لكنّه مع ذلك أحسن ما قيل في ملاك التمايز بين المسألة الاُصوليّة والقاعدةالفقهيّة.
هذا تمام الكلام في الأمر الأوّل من المقدّمة.
(صفحه110)
في كيفيّة الربط بين اللفظ والمعنى
الأمر الثاني
في الوضع
وفيه جهات من البحث:
الجهة الاُولى: في كيفيّة الربط بين اللفظ والمعنى
اختلفوا في أنّ الربط بين اللفظ والمعنى هل هو ذاتي أو يحصل بالوضع؟
ربما يقال بكونه ذاتيّاً، لكنّه لم يعلم أنّهم هل أرادوا جميع الألفاظ والمعانيأو المفاهيم الكلّيّة فقط دون الأعلام الشخصيّة؟
وكيف كان، فالقول بالربط الذاتي يمكن أن يتصوّر بوجوه، لأنّه إمّا بمعنىالعلّيّة التامّة بين اللفظ والمعنى أو بمعنى الاقتضاء، وفي كلّ منهما إمّا أن يرادالربط بين نفس اللفظ والمعنى، أو بين سماع اللفظ وانتقال ذهن السامع إلىالمعنى، فهذه احتمالات أربع وكلّها باطلة.
لأنّه إن اُريد بالربط الذاتي العلّيّة التامّة بمعنى كون اللفظ علّة تامّة لتحقّقالمعنى ووجوده، أو الناقصة بمعنى أنّ اللفظ مقتضٍ لوجود المعنى فبطلانه فيغاية الوضوح، ضرورة أنّ علّيّته التامّة أو الناقصة لوجود المعنى يستلزم أنيكون لفظ الماء مثلاً علّة أو مقتضياً لتحقّق حقيقته، وهل يمكن الالتزام بهذا