ج1
ثمّ قال: إنّ الإطلاقات المتعارفة ظاهراً من قبيل الثاني(1) لا الأوّل كما ليخفى، وفيها ما لا يكاد يصحّ أن يراد منه الاحتمال الأوّل ممّا كان الحكم فيالقضيّة لا يكاد يعمّ شخص اللفظ كما في مثل «ضَرَبَ فعل ماضٍ»(2).
هذا حاصل كلام المحقّق الخراساني رحمهالله .
وأنكر سيّدنا الاُستاذ الحاج آقا حسين البروجردي رحمهالله صدق الاستعمالعلى هذين القسمين أيضاً(3)، وهو يناسب ما تقدّم منه في توجيه عدم صدقهفيما إذا اُطلق اللفظ واُريد به مثله، فإنّه حيث أنكر الاستعمال هناك فلابدّ له منإنكاره هاهنا بطريق أولى كما لا يخفى.
المختار في المقام
ومقتضى التحقيق تحقّق الاستعمال في هذين القسمين قطعاً كالقسم الثالث،ولا وجه للاحتمال الآخر المذكور في الكفاية أصلاً، لأنّ التشخّصات الفرديّة فياللفظ اُمور واقعيّة لا اعتباريّة، فلا يمكن تجريده عنها وإلقائه إلى المخاطبمجرّداً عنها، فإنّ الاعتباريّات يكون وضعها ورفعها بيد المعتبر لا الواقعيّات،وماهيّة الفرد والجزئي غير ماهيّة طبيعيّه وكلّيّه كما عرفت سابقاً.
فهنا اُطلق اللفظ الخاصّ المتشخّص واُريد به طبيعته النوعيّة أو الصنفيّة،فيصدق أنّه استعمل فيها، ولا يجري فيه احتمال آخر أصلاً.
لا يقال: إذا كان اللفظ الملفوظ به ممّا قد حكم في القضيّة بما يعمّه مثل «زيدلفظ» فالاستعمال وإن كان صادقاً بالنسبة إلى سائر الأفراد إلاّ أنّه لا يصدق
- (1) فيصدق عليها الاستعمال. م ح ـ ى.
(صفحه254)
بالنسبة إلى نفسه، لاستلزامه اتّحاد الدالّ والمدلول.
فإنّه يقال: إنّ اللفظ هنا لم يستعمل في الأفراد أصلاً، بل في الكلّي الذيينطبق على الأفراد، ومنها شخص اللفظ الملفوظ به، فكلّ فرد سواء كان هذالشخص أو الأفراد الاُخرى مصداق للمستعمل فيه لا نفسه.
فتحصّل من جميع ما ذكرناه: أنّ إطلاق اللفظ صحيح في جميع الأقسامالأربعة وإن لم يصدق عليه الحقيقة ولا المجاز، لكن لا يتحقّق الاستعمال فيما إذاُطلق واُريد به شخصه ويتحقّق في سائر الأقسام.
ج1
(صفحه256)
في دخل الإرادة في معاني الألفاظ
الأمر الخامس
في دخل الإرادة في معاني الألفاظ
اختلفوا في أنّ تعلّق الإرادة بالمعنى هل هو داخل فيما وضع له الألفاظشطراً أو شرطاً أم لا؟
ولابدّ قبل الورود في البحث من بيان أقسام الإرادة وأنّ محلّ النزاع أيّقسم منها، فنقول: الإرادة على أربعة أقسام:
1ـ مفهوم الإرادة وماهيّتها، وهو «الشوق المؤكّد المحرّك للعضلات نحوالمراد».
2ـ وجودها الذهني.
3ـ وجودها العيني، وهو الوصف القائم بنفس المريد المؤثّر في تحريكالأعضاء والجوارح، فإنّه موجود في الخارج، لأنّ الوجود الخارجي في كلّشيء بحسبه، وهذا القسم من الإرادة من المعاني الحرفيّة والوجودات الرابطة،لتعلّقها بالطرفين: المريد والمراد.
4ـ وجودها الإنشائي بناءً على اتّحاد الطلب والإرادة، إذ الطلب الإنشائيـ بناءً عليه ـ يكون بعينه هو الإرادة الإنشائيّة.
والظاهر أنّ محلّ النزاع دخلها في المعنى بوجودها الخارجي.
ج1
بيان ما هو الحقّ في المسألة
والحقّ ما ذهب إليه المحقّقون منهم المحقّق الخراساني صاحب الكفاية، منعدم دخالتها فيما وضع له الألفاظ أصلاً.
واستُدِلّ عليه بوجوه:
الأوّل: التبادر، فإنّا إذا سمعنا لفظ «الإنسان» مثلاً يتبادر منه إلى الذهننفس معناه، وهو «الحيوان الناطق» لا هو مع كونه مراداً للاّفظ(1).
الثاني: صحّة الحمل في الجمل، مثل «زيد قائم» بلا تصرّف في ألفاظالأطراف، مع أنّه لو كانت موضوعة لها بما هي مرادة لما صحّ بدونه، لأنّالإرادة المأخوذة في الموضوع غير الإرادة المأخوذة في المحمول(2)، وحيث إنّالتغاير في الجزء أو القيد يوجب التغاير في الكلّ أو المقيّد، فلا يتحقّق بينالموضوع والمحمول الهوهويّة التي هي ملاك الحمل، فلو كانت الإرادة داخلةًفيما وضع له الألفاظ فلابدّ في القضايا الحمليّة إمّا من القول بعدم صحّتها وهوخلاف الضرورة، أو القول بتجريد ألفاظها من الإرادة، وهو أيضاً خلافالوجدان(3).
الثالث: أنّ الإرادة لو كانت داخلةً في المعنى الموضوع له لكان الوضع فيعامّة الألفاظ عامّاً والموضوع له خاصّاً، لمكان اعتبار خصوص إرادةاللافظين فيما وضع له اللفظ، وهو خلاف الوجدان، وخلاف ما صرّحوا به منأنّ الموضوع له في أسماء الأجناس عامّ كالوضع(4).
- (1) نهاية الأفكار للمحقّق العراقي 1 و 2: 64.
- (2) لكونهما شخصين من الإرادة: أحدهما متعلّق باللاّفظ وزيد، والآخر به وبالقائم. م ح ـ ى.