كمفهوم «الشخص والفرد والمصداق» فهي تحكى في مقام اللحاظ عن الأفرادوالمصاديق بوجه وعلى نحو الإجمال، فإنّها وجه لها، وتصوّرها في نفسهتصوّر لها بوجه وعنوان، إذ لا يمكن أن يكون مفهوم منتزعاً من الأفراد وليكون حاكياً عنها في مقام اللحاظ والتصوّر.
وبتعبير آخر: إنّ مرآتيّة هذه العناوين للأفراد والأشخاص ذاتيّة لها،فتصوّرها لا محالة تصوّر لها إجمالاً بلا إعمال عناية في البين، فإذا تصوّرنمفهوم «ما ينطبق عليه مفهوم الإنسان» مثلاً، فقد تصوّرنا جميع أفراده بوجه.
ويؤيّده تعلّق الحكم في القضايا الحقيقيّة والخارجيّة على الأفراد لا الطبيعة،فإذا قيل: «المستطيع يجب عليه الحجّ» أو قيل: «كلّ طالب في المدرسة مجدّ»كان الموضوع في القضيّة الاُولى أفراد المستطيع، سواء كانت موجودةً بالفعلأو توجد في المستقبل، وفي القضيّة الثانية أيضاً أفراد الطالب في المدرسة، لكنخصوص الموجودة بالفعل منها، فلو لم يحك المفاهيم عن أفرادها أصللاستحال الحكم عليها في هذه القضايا، مع أنّ الاستحالة واضحة البطلان(1).
نقد ما أفاده المحقّق الخوئي«مدّ ظلّه» في المسألة
أمّا النقض: فهو أنّ مفهوم «ما ينطبق عليه مفهوم الإنسان» عبارة اُخرىعن «الإنسان الموجود»(2) فهو أيضاً مفهوم متأصّل جوهري لا يمكن أنيكون حاكياً عن أفراده على رأيكم.
وأمّا الحلّ: فهو أنّه من الواضحات أنّ التشخّصات الفرديّة من العلموالجهل والسواد والبياض وغيرها ليست داخلة في مفهوم «ما ينطبق عليهالإنسان» فكيف يكون حاكياً عنها؟!
وكذلك مفهوم الشخص والفرد والمصداق.
وأمّا مسألة القضايا الحقيقيّة والخارجيّة فإنّ المنطقيّين وإن قالوا: إنّ الحكمفيها تعلّق بالأفراد، لكن لابدّ من أن يكون مرادهم من الأفراد، الوجوداتالمتكثّرة، لا التشخّصات الفرديّة، فإنّ عدم كون خصوصيّات الأفراد منالزمان والمكان والعلم والجهل وأمثالها داخلةً في مفهوم موضوع القضايا منالواضحات، فكيف يمكن أن يكون حاكياً عنها؟!
والحاصل: أنّ ما ذكره للدفاع عن صاحب الكفاية بالنسبة إلى بعضالعناوين الكلّيّة باطل، لامتناع أن يكون الكلّي مرآةً للأفراد، سواء كان أصيلأو انتزاعيّاً.
2ـ واُجيب أيضاً عنه بأنّ الكلّيّات إذا كانت ملحوظة بنحو الإهمالوالجمود لم تكن حاكيةً عن الأفراد والمصاديق، وأمّا إذا كانت ملحوظة بنحوالسريان في الأفراد والجريان فيها فلا إشكال في كونها حاكية عنها ومرآةً لها،فيمكن الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ بهذا اللحاظ.
وفيه: أنّه لا تتحقّق الأفراد للطبيعة إلاّ بعد طيّ مراحل ثلاث:
أ ـ وجود الطبيعة، ب ـ تعدّد الوجود، ج ـ امتياز كلّ فرد عن غيره منالأفراد بالخصوصيّات والتشخّصات الفرديّة.
والماهيّة نسبتها إلى الوجود والعدم سواء، فإنّها من حيث هي ليست إلهي، لا موجودة ولا معدومة، فأصل الوجود ليس داخلاً فيها، فضلاً عنتعدّده والخصوصيّات الفرديّة.
ج1
إن قلت: فما معنى قولهم: إنّ المطلق هو الطبيعة السارية في الأفراد؟
قلت: هذا المعنى وإن تسالم عليه المشهور ومنهم المحقّق الخراساني رحمهالله ، إلاّ أنّالبرهان الذي ذكرناه يدلّ على خلافه، وسيجيئ في باب المطلق والمقيّد أنّللمطلق معنى آخر، وهو أنّ «تمام الموضوع هو الماهيّة».
نعم، لو لوحظ الأفراد مع لحاظ الماهيّة لأمكن الوضع للأفراد، لكنّه منقبيل الوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ، لا الوضع العامّ والموضوع لهالخاصّ.
والحاصل: أنّ ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمهالله من إمكان القسم الثالثغير تامّ.
ويبعّده أيضاً أنّا لو فرضنا إمكانه لكان من أقسام المشترك اللفظي، لتكثّرالموضوع له بتكثّر الأفراد، وهو يستلزم أن يكون لنا مشترك لفظي بين معانٍكثيرة غاية الكثرة، وهو بعيد من الأذهان.
إن قلت: بين المقام وبين المشترك اللفظي فرق من وجهين: أحدهما: أنّالوضع هناك متعدّد وفي المقام واحد، الثاني: أنّ المعاني في المشترك اللفظيمتغايرة من حيث الماهيّة، وهاهنا متّحدة، فليس المقام من قبيل المشتركاللفظي.
قلت: ما ذكر من الوجهين ليس بفارق، إذ لا دخل لتعدّد الوضع، أو تغايرالماهيّات في قوام المشترك اللفظي، بل الملاك فيه تعدّد المعاني الموضوع لهوتغايرها ولو بحسب الخصوصيّات الفرديّة، سواء كانت تحت ماهيّة واحدة أوتحت ماهيّات مختلفة، كان الوضع واحداً أو متعدّداً.
وبالجملة: لو فرض إمكان الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ لتعدّدالموضوع له بتعداد الأفراد، ويلزم منه أن يكون لفظ واحد ـ كلفظة «مِن» على