ج1
وبه ظهر عدم كونها التزاماً، فإنّ الدلالة الالتزاميّة أيضاً تابعة للدلالةالمطابقيّة.
فما ذهب إليه المشهور مستلزم لخروج المجاز عن الدلالات اللفظيّةبأقسامها الثلاثة، وليس لها قسم رابع.
وأمّا على المذهب الحقّ فهو داخل في المطابقة، لتعلّق الإرادة الاستعماليّةبالموضوع له.
إن قلت: على قول المشهور أيضاً تكون قرينيّة القرينة بالدلالة المطابقة.
قلت: نعم، لكنّه لا يستلزم كون دلالة ذي القرينة أيضاً مطابقةً، إذ لا ربطبينهما من هذه الجهة، على أنّ القرينة قد تكون حاليّة لا مقاليّة، فلا يتحقّق فيهالدلالة اللفظيّة أصلاً.
(صفحه242)
في إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله أو شخصه
الأمر الرابع
في إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله أو شخصه
إطلاق اللفظ وإرادة اللفظ منه(1) يتصوّر على أنحاء أربعة:
أ ـ إطلاقه وإرادة نوعه، وهو على قسمين، لأنّ شخص اللفظ قد يكونداخلاً في النوع المراد، كقولنا: «زيد لفظ» وقد لا يكون داخلاً، كقولنا:«ضرب فعل ماضٍ».
ب ـ إطلاقه وإرادة صنفه، وهو أيضاً على قسمين: لأنّ الصنف المرادأيضاً قد يشمل شخص اللفظ الملفوظ به، كما إذا قيل: «زيد إذا وقع في أوّلالجملة الاسميّة فهو مبتدأ» وقد لا يشمله، كما إذا قيل: «زيد في ضرب زيدفاعل».
ج ـ إطلاقه وإرادة فرد آخر مثله، كما إذا قال الاُستاذ لتلميذه: بيّن تركيبقولنا: «جاء زيد من السفر» فقال: جاء فعل ماضٍ، زيد فاعله، من السفرمتعلّق بجاء، فإنّه أراد بكلمات «جاء» و«زيد» و«من السفر» الألفاظالمستعملة في كلام الاُستاذ كما لا يخفى.
- (1) إطلاق اللفظ وإرادة اللفظ منه في مقابل استعماله في المعنى حقيقيّاً كان المعنى أو مجازيّاً. م ح ـ ى.
ج1
د ـ إطلاقه وإرادة شخصه، كما إذا قيل: «زيد لفظ» واُريد من «زيد»شخص اللفظ الموجود في نفس هذه الجملة.
ولابدّ من البحث هاهنا في مقامين: الأوّل: في صحّة هذه الإطلاقات،الثاني: في صدق الاستعمال عليها.
(صفحه244)
أمّا المقام الأوّل
فلا شبهة في صحّة الإطلاق وإرادة النوع أو الصنف أو المثل كما قال المحقّقالخراساني رحمهالله .
واستدلّ عليها بأنّ صحّة الإطلاق كذلك وحسنه إنّما كان بالطبع لبالوضع، وإلاّ كانت المهملات موضوعة لذلك، لصحّة الإطلاق كذلك فيها(1)،والالتزام بوضعها لذلك كما ترى(2).
أقول: نحن وإن لم نسلّم في البحث السابق كون الصحّة بمعنى الحسن، إلاّ أنّأصل دعواه هنا صحيح كدعواه هناك.
ويمكن أن يستدلّ عليها بوجهين آخرين:
الأوّل: كثرة هذه الإطلاقات في المحاورات العرفيّة بحيث لا يمكن القولبكون جميعها غلطاً.
الثاني: أنّه لا طريق إلى كثير من موارد التفهيم والتفهّم إلاّ هذه الإطلاقات،ألا ترى أنّا إذا أردنا تفهيم أنّ «ضرب فعل ماض» لابدّ من إطلاق اللفظوإرادة نوعه كما في المثال، وكذلك إذا أراد التلميذ تركيب كلام الاُستاذ لابدّ له
- (1) كما إذا قلنا: «ديز لفظ». م ح ـ ى.
ج1
من إطلاق اللفظ وإرادة مثله؟
إن قلت: فهل هذه الإطلاقات تسمّى حقيقةً أو مجازاً؟
قلت: لا تسمّى بها ولا به، ولا دليل على انحصار جميع الإطلاقاتفيهما، سيّما على القول بعدم صدق الاستعمال عليها، فإنّ الاستعمال هوالذي قد يكون حقيقيّاً وقد يكون مجازيّاً، فإطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفهأو مثله خارجة عن مقسم الحقيقة والمجاز، بناءً على عدم صدق الاستعمالعليها.
نظريّة صاحب الفصول في إطلاق اللفظ وإرادة شخصه
وأمّا القسم الأخير فاستشكل في صحّته صاحب الفصول بأنّه مستلزملاتّحاد الدالّ والمدلول إن اعتبر دلالة اللفظ على نفسه، ولتركّب القضيّة المحكيّةمن جزئين إن لم تعتبر، لأنّ القضيّة اللفظيّة على هذا مركّبة من ثلاثة أجزاء،لكنّها إنّما تكون حاكيةً عن المحمول والنسبة لا الموضوع، فتكون القضيّةالمحكيّة بها مركّبة(1) من جزئين، مع امتناع التركّب إلاّ من الثلاثة، ضرورةاستحالة ثبوت النسبة بدون المنتسبين(2).
نقد كلام صاحب الفصول من قبل صاحب الكفاية
وأجاب المحقّق الخراساني رحمهالله عنه على التقديرين بقوله:
قلت: يمكن أن يقال: إنّه يكفي تعدّد الدالّ والمدلول اعتباراً، وإن
- (1) وأيضاً تكون القضيّة المحكيّة مغايرة للقضيّة اللفظيّة، لاشتمال الثانية على الموضوع دون الاُولى، معلزوم التطابق بينهما وإلاّ لم تكن القضيّة اللفظيّة حاكيةً عن الواقع. منه مدّ ظلّه.