الأئمّة عليهمالسلام لوصل إلينا، لعدم الداعي على إخفاء مثله.
بل لو كان صلىاللهعليهوآله ينقل الألفاظ من المعاني اللغويّة إلى الشرعيّة باستعمالها فيغير ما وضعت له كما إذا وضعت له(1)، لنقل في التاريخ والآثار المنقولة عنالأئمّة عليهمالسلام .
إن قلت: لعلّ النقل وقع في لسان الأنبياء قبل الإسلام.
قلت: لو ثبت هذا، لنقل إلينا، على أنّه يستلزم أن لا يترتّب على البحثفائدة أصلاً، للزوم حمل كلام اللّه تعالى والنبيّ صلىاللهعليهوآله على المعاني المنقول إليها فيلسانهم عليهمالسلام .
3ـ أنّ الوضع لو تحقّق لكان بعدما كثر المسلمون بعد الهجرة إلى المدينة،وأمّا في مكّة، ولاسيّما في أوائل البعثة فلم يعقل وضع النبيّ صلىاللهعليهوآله لفظ الصلاة مثلللعبادة المخصوصة، لقلّة الابتلاء بها بقلّة المسلمين، فالوضع كان لغواً لخلوّهعن الغرض الذي هو سهولة التفهيم والتفهّم، مع أنّه تعالى قال في سورةالمزمّل المكّيّة النازلة في أوائل البعثة: «وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ»(1) وفيسورة الأعلى المكّيّة: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى»(2) وهكذغيرهما من الآيات المكّيّة، ولا ريب في أنّ المراد بالصلاة والزكاة في هذهالآيات العبادتان المخصوصتان.
إن قلت: لعلّ القرينة تدلّ على المراد منها.
قلت: لا قرينة في البين، أمّا المقاليّة فواضح، وأمّا الحاليّة فلأنّ القرآن كتابأبدي ومعجزة خالدة، ومثله لا يحتفّ بقرينة حاليّة لا يطّلع عليها إلالموجودون حال النزول.
فذكر ألفاظ العبادات في الآيات المكّيّة يدلّ على تحقّقها قبل الإسلام.
وأمّا قوله صلىاللهعليهوآله : «صلّوا كما رأيتموني اُصلّي»(3) فهو للدلالة على كيفيّة الصلاةفي الإسلام لا على ماهيّتها.
- (3) بحار الأنوار 82 : 279، كتاب الصلاة، باب التشهّد وأحكامه.
ج1
فيستنتج من هذه الاُمور الثلاثة انهدام أساس البحث عن الحقيقةالشرعيّة.
ولكن لا بأس بصرف عنان الكلام إلى البحث عن المسألة بطريقة القوماختصاراً، سيّما أنّك ستعرف أنّه لا يخلو عن الثمرة العمليّة، فنقول:
رأي صاحب الكفاية في مسألة الحقيقة الشرعيّة
ذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلى إمكان الاستعمال المحقّق للوضع ووقوعه فيلسان الشارع، فإنّه قال:
إنّ الوضع التعييني كما يحصل بالتصريح بإنشائه كذلك يحصل باستعمالاللفظ في غير ما وضع له كما إذا وضع له، بأن يقصد الحكاية عنه والدلالة عليهبنفسه لا بالقرينة، وإن كان لابدّ حينئذٍ من نصب قرينة إلاّ أنّه للدلالة علىذلك لا على إرادة المعنى كما في المجاز...
إذا عرفت هذا فدعوى الوضع التعييني في الألفاظ المتداولة في لسانالشارع هكذا قريبة جدّاً، ومدّعي القطع به غير مجازف قطعاً(1).
كلام المحقّق النائيني في الإستعمال المحقّق للوضع
واستشكل عليه المحقّق النائيني رحمهالله بأنّ الاستعمال المحقّق للوضع مستلزمللجمع بين اللحاظين الآلي والاستقلالي في اللفظ، فإنّ اللفظ إذا استعمل فيالمعنى كان ملحوظاً بنحو التبعيّة والآليّة، إذ الملحوظ بالأصالة والاستقلال هوالمعنى المستعمل فيه حتّى كأنّه هو الملقى إلى المخاطب من دون وساطة اللفظ،