(صفحه342)
بعرضه العريض، ولكنّ الغرض متوجّه إلى الهيئة الخضوعيّة التي تصدق علىفاقد الحمد والتشهّد وغيرهما من الأجزاء مع بقاء ما يحفظ به صورتها(1).
إنتهى كلامه«مدّ ظلّه».
نقد نظريّة الإمام«مدّ ظلّه» حول الجامع
ويمكن المناقشة فيه بأنّه كيف يمكن القول بعدم كون صلاة الغريق صلاةًوالالتزام بإعمال العناية والتجوّز في إطلاقها عليها؟!
على أنّ تصوير الجامع بهذه الكيفيّة لو تمّ لانطبق على مقالة الأعمّي كماعترف به نفسه«مدّ ظلّه».
التحقيق حول مسألة الجامع
والحقّ: أنّه لابدّ من تحقّق جامع في البين يتصوّره الشارع، لكن تصويرهوالعلم به بالنسبة إلينا ليس بلازم(2)، إذ لا يترتّب عليه غرض أصلاً، فإنّالغرض المذكور في كلام المحقّق الخراساني رحمهالله إنّما هو إثبات قول الصحيحيوإبطال قول الأعمّي، حيث إنّ الصحيحي على زعمه يقدر على تصويرالجامع، بخلاف الأعمّي، فيعلم أنّ الموضوع له خصوص الصحيح.
وفيه أوّلاً: أنّ ما ذكره القائلون بالصحيح من تصوير الجامع أيضاً كانمخدوشاً كما عرفت.
- (1) تهذيب الاُصول 1: 106.
- (2) لا يخفى الفرق بين كلام الاُستاذ«مدّ ظلّه» وما تقدّم من المحقّق النائيني رحمهالله ، فإنّه قال بعدم لزوم تصويرالجامع حتّى بالنسبة إلى الشارع، بخلاف الاُستاذ، فإنّه«مدّ ظلّه» ذهب إلى لزوم تصويره بالنسبة إليه، إلاّ أنّهبالنسبة إلينا غير لازم. م ح ـ ى.
ج1
وثانياً: أنّ إثبات الحقيقة والموضوع له متوقّف على علائم الحقيقة، كالتبادروعدم صحّة السلب، ولا يمكن إثباتها من طريق تصوير الجامع، فلو تبادرالمعنى الصحيح علم وضع اللفظ له، سواء تمكّن الصحيحي من تصوير الجامعبين الأفراد الصحيحة أم لا.
نعم، لو تبادر الصحيح مثلاً لاستكشف منه بضميمة ما تقدّم من كونألفاظ العبادات مسانخة لأسماء الأجناس في عموميّة الوضع والموضوع له أنّبين الأفراد الصحيحة قدراً جامعاً تصوّره الشارع عند الوضع أو الاستعمال،فالجامع معلوم للشارع الواضع غير معلوم لنا، ولا ملزم لأن يكون معلوماً لنبحقيقته أو بآثاره وخواصّه.
إن قلت: كيف يمكن تبادر المعنى المجهول رأساً؟
قلت: بعض المفاهيم بيّنة واضحة لنا، ومع ذلك لا علم لنا بكنهها، كمفهومالوجود، فلا مانع من أن يكون مفهوم الصلاة أيضاً كذلك.
وبالجملة: تصوير الجامع غير مفيد في المقام، إذ الحقّ يدور مدار التبادرونحوه، فإن تبادر الصحيح ثبت قول الصحيحي وإن لم يتمكّن من تصويرالجامع وتمكّن الأعمّي منه، وإن تبادر الأعمّ ثبت قول الأعمّي وإن لم يقدرعلى تصوير الجامع وقدر الصحيحي عليه، فتصوير الجامع لا يفيد وعدمهأيضاً لا يضرّ.
نظريّة امتناع تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة
هذا، ولكن اُورد على الصحيحي باستحالة تصوير الجامع بين الأفرادالصحيحة، لأنّه لا يكاد يكون أمراً مركّباً، إذ كلّ ما فرض جامعاً مركّباً يمكنأن يكون صحيحاً وفاسداً، ولا أمراً بسيطاً، لأنّه لا يخلو إمّا أن يكون هو
(صفحه344)
عنوان «المطلوب» أو ملزوماً مساوياً له، والأوّل غير معقول، لبداهة استحالةأخذ ما لا يتأتّى إلاّ من قبل الطلب في متعلّقه، مع لزوم الترادف بين لفظةالصلاة مثلاً والمطلوب، وعدم جريان البراءة مع الشكّ في أجزاء العباداتوشرائطها، لعدم الإجمال حينئذٍ في المأمور به، وإنّما الإجمال فيما يتحقّق به، وفيمثله لا مجال لها كما حقّق في محلّه(1)، مع أنّ المشهور القائلين بالصحيح قائلونبها في الشكّ فيها.
وبهذا الإشكال الأخير يشكل لو كان البسيط هو ملزوم المطلوب أيضاً.
ولا يخفى أنّ هذا الإيراد لو تمّ لبطل قول الصحيحي، فلابدّ من القولبالأعمّ، إذ مع استحالة تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة لا مجال إلىالصحيح، لأنّ تصوير الجامع وإن لم يكن لازماً علينا، إلاّ أنّه لازم علىالشارع، لكونه واضعاً، ولا يمكن الوضع لمعنى بدون تصوّره، فلابدّ من إمكانتصويره.
كلام صاحب الكفاية في تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة
وأجاب المحقّق الخراساني رحمهالله عنه بأنّا نختار الشقّ الثالث، وهو أنّ الجامعأمر بسيط ملزوم لعنوان «المطلوب» ولا يرد عليه الإشكال، إذ ليس المقام منقبيل الشكّ في المحصّل، لأنّ الشكّ في المحصّل إنّما هو فيما إذا كان المأمور به أمرمسبّباً عن مركّب مردّد بين الأقلّ والأكثر، كالطهارة المسبّبة عن الغسلوالوضوء فيما إذا شكّ في أجزائهما على فرض كون الطهارة أمراً نفسانيّاً غيرهممتحصّلاً عنهما، وما نحن فيه ليس كذلك، لأنّ الجامع موجود بعين وجود
- (1) وبعبارة اُخرى: لو كان الجامع عنوان «المطلوب» لكان المقام من قبيل الشكّ في المحصّل، ولا تجريالبراءة فيه كما حقّق في محلّه. م ح ـ ى.
ج1
أفراده، لا بوجود آخر مسبّب عنها، فلا محذور في الجمع بين القول بالصحيحوإجراء البراءة فيما إذا دار الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين كما في المقام(1).
هذا حاصل كلام المحقّق الخراساني رحمهالله في الجواب عن القول بامتناع تصويرالجامع بين الأفراد الصحيحة.
(صفحه346)
في ثمرة نزاع الصحيح والأعمّ
ثمرة نزاع الصحيح والأعمّ(1)
وبه أجاب في مبحث «ثمرة النزاع» عن جعلها الرجوع إلى البراءة علىالأعمّ والاشتغال على الصحيح، وقال بعدم تفرّع تلك المسألة على ما نحن فيه،بل كلّ من الصحيحي والأعمّي يتمكّن من الرجوع إلى البراءة أو الاشتغال،ولذا ذهب المشهور إلى البراءة مع ذهابهم إلى الصحيح(2).
رأي المحقّق النائيني في ثمرة النزاع
وردّه المحقّق النائيني رحمهالله بأنّ الإشارة إلى الجامع بين الأفراد الصحيحة الذيهو المسمّى لا تخلو إمّا أن تكون من ناحية العلل والمصالح، أو من ناحيةالآثار والتوابع، وعلى كلا التقديرين لابدّ للصحيحي من اختيار القولبالاشتغال في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين.
أمّا على الأوّل، فلأنّ الجامع المأمور به في الصلاة مثلاً لو كان ما اُشير إليه
- (1) لم يتعرّض الاُستاذ«مدّ ظلّه» لما قيل في تصوير الجامع على الأعمّ، لأنّ تصويره لا يفيد والجهل به ليضرّ كما مرّ، فشرع في النزاع في الثمرة، وذهب بعضهم إلى أنّها جريان البراءة في دوران الأمر بين الأقلّوالأكثر الارتباطيّين على الأعمّ وجريان الاشتغال فيه على الصحيح، فتلك المسألة ليست مستقلّة، بلمتفرّعة على النزاع في مسألة الصحيح والأعمّ، وأشار إلى مناقشة المحقّق الخراساني رحمهالله في ترتّب هذهالثمرة بقوله: وبه أجاب إلخ. م ح ـ ى.