(صفحه402)
أقرب إلى اجتماع الحقيقيّين حيث إنّ أحد طرفيه حقيقي.
إن قلت: لا ضير في اجتماع وجودين في قولنا: «زيد لفظ» لأنّ بينهما بونبعيداً، إذ أحدهما مربوط بمفهوم «لفظ» والآخر بالمعنى كما ذكرتم.
قلت: استعمال اللفظ في أكثر من معنى أيضاً كذلك، فإنّا إذا قلنا: «رأيتعيناً» وأردنا بها معنيين كان أحدهما العين الباكية مثلاً والآخر العين الجارية.
والحاصل: أنّ استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ممكن عقلاً.
ج1
(صفحه404)
المقام الثاني: في ترخيصه من قبل الواضع
رأي المحقق القمي رحمهالله فيه ونقده
ذهب المحقّق القمي رحمهالله في القوانين إلى عدم الجواز، لأنّ اللفظ وضع للمعنىحال الانفراد(1)، ولابدّ عند الاستعمال من مراعاة حال الوضع(2).
ويرد عليه أوّلاً: أنّه لا دليل على لزوم رعاية حال الوضع عندالاستعمال، ولو وجب رعاية حال الوضع لكانت خصوصيّاته الزمانيّةوالمكانيّة وغيرها أيضاً كذلك، مع أنّ مراعاتها غير لازمة على المستعملينقطعاً.
وثانياً: أنّ الوضع للمعنى حال الانفراد لا يعمّ جميع موارد المشترك، فإنّمنها ما نعبّر عنه بالوضع العامّ والموضوع له الخاصّ(3)، إذ لا ريب في كوناللفظ مشتركاً لفظيّاً بين الخصوصيّات، ومع ذلك لم يلاحظ الواضع كلاًّ منهمنفرداً، بل لاحظها بوجهها وعنوانها الكلّي.
- (1) هذا غير ما ذهب إليه صاحب المعالم رحمهالله من كون الموضوع له كلّ واحد من المعاني مقيّداً بقيد الوحدة،فإنّ المحقّق القمي لا يقول بذلك، بل يقول بكون الموضوع له كلاًّ منها مجرّداً من قيد الوحدة، لكنّالواضع لاحظه حين الوضع منفرداً. منه مدّ ظلّه.
- (2) قوانين الاُصول 1: 67.
- (3) هذا على مذهب القوم، وإلاّ قال الاُستاذ«مدّ ظلّه» في مبحث أقسام الوضع باستحالة هذا القسم. م ح ـ ى.
ج1
فالحاصل: أنّه لا مانع عقلاً ولا وضعاً من استعمال اللفظ في أكثر من معنىواحد.
بل هو واقع في كلمات الاُدباء والشعراء، ولا يمكن تخطئتهم في ذلك.
(صفحه406)
كيفيّة استعمال المشترك في أكثر من معنى
ثمّ بعد إثبات إمكان استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد عقلاً وعدم منعالواضع عنه أيضاً يقع البحث في أنّ استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنىهل هو بنحو الحقيقة أو المجاز؟
رأي صاحب المعالم رحمهالله في المقام
ثالث الأقوال ما ذهب إليه صاحب المعالم رحمهالله من كونه مجازاً في المفردوحقيقةً في التثنية والجمع.
واستدلّ على الأوّل بأنّ ما وضع له اللفظ المشترك إنّما هو كلّ من المعانيمع قيد الوحدة، فكان استعماله في أكثر من واحد منها موجباً لإلغاء قيدالوحدة واختصاص اللفظ ببعض الموضوع له، فيكون من باب إطلاق اللفظالموضوع للكلّ وإرادة الجزء(1).
نقد نظريّة صاحب المعالم في المفرد
وفيه أوّلاً: منع اعتبار قيد الوحدة في الموضوع له، إذ لا دليل عليه، فإنّمعاجم اللغة التي هي الطريق الوحيد لمعرفة مثل هذا خالية عنه، فالظاهر
- (1) معالم الدِّين وملاذ المجتهدين: 39.