(صفحه16)
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ ليبغض المؤمن الضعيف الّذي لا دين له،وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وهما من أسمى الفرائض وأشرفها(1)، وبهما تقام الفرائض، ووجوبهما منضروريّات الدِّين(2). ومنكره مع الالتفات بلازمه والالتزام به من الكافرين.
وقد ورد الحثّ عليهما في الكتاب العزيز والأخبار الشريفة بألسنة مختلفة، قالاللّه ـ تعالى ـ : «وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِوَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـآلـءِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»(3).
وقال ـ تعالى ـ : «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَعَنِ الْمُنكَرِ...»(4) إلى غير ذلك(5).
وعن الرضا عليهالسلام : كان رسولاللّه صلىاللهعليهوآله يقول: إذا اُمّتي تواكلت الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من اللّه(6).
- (1) المهذّب البارع 2: 322.
- (2) مفاتيح الشرائع 2: 50.
- (3) سورة آلعمران 3: 104.
- (4) سورة آلعمران 3: 110.
- (5) سورة التوبة 9: 67، 71 و 112، سورة الحج 22: 41، سورة لقمان 31: 17.
- (6) الكافي 5: 59 ح13، تهذيب الأحكام 6: 177 ح358، عقاب الأعمال: 304 ح1، وعنها وسائل الشيعة16: 118، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب1 ح5.
(صفحه17)
عظيمة بها تقام الفرائض، هنالك يتمّ غضب اللّه ـ عزّ وجلّ ـ عليهم فيعمّهم بعقابه،فقيل: وما المؤمن الضعيف الّذي لا دين له؟ قال: الّذي لا ينهىعن المنكر(1).
وعنه صلىاللهعليهوآله أنّه قال: لا تزال اُمّتي بخير ما اُمروا بالمعروف، ونهوعن المنكر، وتعاونوا على البرّ والتقوى، فإذا لم يفعلوا ذلك نُزعتمنهم البركات، وسُلّط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الأرضولا في السماء(2).
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه خطب فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّه إنّمهلك من كان قبلكم حيثما عملوا من المعاصي، ولم ينههم الربّانيّون والأحبار عنذلك، وإنّهم لما تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربّانيّون والأحبار عن ذلك نزلتبهم العقوبات، فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، واعلموا أنّ الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر لن يقرّبا أجلاً ولن يقطعا رزقاً، الحديث(3).
وعن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال: يكون في آخر الزمان قوم يتّبع فيهم قوم مراؤون،فيتقرّؤن ويتنسّكون حدثاء سفهاء، لا يوجبون أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر إلإذا أمنوا الضرر، يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير.
ثمّ قال: ولو أضرّت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها،كمارفضوا أسمى الفرائض وأشرفها، إنّالأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر فريضة
- (1) الكافي 5: 59 ح15، وعنه وسائل الشيعة 16: 122، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبوابالأمر والنهي ب1 ح13.
- (2) المقنعة: 808 ، تهذيب الأحكام 6: 181 ح373، وعنهما وسائل الشيعة 16: 123، كتاب الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب1 ح18.
- (3) الكافي 5: 57 ح6، الزهد: 105 ح288، وعنهما وسائل الشيعة 16: 120، كتاب الأمر بالمعروف والنهيعن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب1 ح7.
(صفحه18)
فيهلك الأبرار في دار الأشرار، والصغار في دار الكبار(1).
وعن محمّد بن مسلم قال: كتب أبو عبد اللّه عليهالسلام إلى الشيعة: ليعطفنّ ذوو السنّمنكم والنّهى على ذوي الجهل وطلاّب الرئاسة، أو لتصيبنّكم لعنتي أجمعين(2).إلى غير ذلك من الأحاديث(3)1.
1ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسمى الفرائض وأشرفها، كما فيالرواية عن أبي جعفر عليهالسلام المنقولة في المتن، ولعلّه ما أفاده فيه أيضاً من أنّ بهمتقام سائر الفرائض، والمراد من الفرائض أعمّ من فعل الواجبات والاجتنابعن المحرّمات وإن مرّت(4) الإشارة مراراً في هذا الشرح، وقرّرناه فيالاُصول(5) أنّ الواجب ليس فيه حرمة الترك بحيث كان الحكمان مجتمعين فيه؛لأنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي ولو عن الضدّ العامّ، كما أنّ الحرام ليس فيهوجوب الترك كذلك، إلاّ أنّ المراد من الفرائض ـ خصوصاً مع تناسب الحكموالموضوع ـ هو الأعمّ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّ وجوب الأمرين: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من ضروريّاتالدِّين، ومن الفروع الثمانية الّتي هي اُصول الإيمان. وعليه: فإنكار واحد منهم
- (1) الكافي 5: 55 ح1، تهذيب الأحكام 6: 180 ح372، وعنهما وسائل الشيعة 16: 119 و 129، كتاب الأمربالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب1 ح6 وب2 ح6.
- (2) الكافي 8 : 158 ح152، وعنه وسائل الشيعة 16: 120، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبوابالأمر والنهي ب1 ح8 .
- (3) وسائل الشيعة 16: 117 ـ 125، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب1.
- (4) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الحجّ 1: 172، وج2: 89 ، وج3: 45، وكتابالإجارة: 475.
- (5) دراسات في الاُصول 1: 691 ـ 711، سيرى كامل در اصول فقه 6: 98 ـ 104.
(صفحه19)
إنكار للنبوّة والرسالة، والمنكر كافر إذا التفت إلى ما ذكر، وسيأتي أنّ في بعضالآيات جُعلا في رديف الصلاة والزكاة، بل في بعض الروايات المنقولة في المتنسلب الإيمان عن تاركهما.
ويدلّ على وجوبهما الآيات الكثيرة والروايات الّتي لا تحصى، ومن الآياتما هو أشدّ انطباقاً علينا بحسب الزمان الخاصّ والمكان كذلك؛ وهو قولهـ تعالى ـ : «الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـهُمْ فِى الاْءَرْضِ أَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَ ءَاتَوُاْ الزَّكَوةَوَ أَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْاْ عَنِ الْمُنكَرِ...»(1) الآية، والنكتة في أشدّية الانطباقوجود القدرة الكاملة بيد المسؤولين الذين هم من الروحانيّين، قدرة لم يكنلها سابقة في عالم الإسلام، وكانت مسبوقة بالقدرة المستظهرة بالقدرةالمنحصرة البشريّة، وكانت بصدد هدم الإسلام وقطع اُصوله وفروعه.
ففي هذه الشرائط أنعم اللّه علينا ببركة الإمام الماتن قدسسره ، ومكّنّا بالثورةالإسلاميّة من دون اتّكاء على إحدى الحكومات البشريّة، بل باعتقاد الاُمّةوهدايتها. وعليه: فالواجب علينا شديداً ما أفاده ـ تعالى ـ في الآية من إقامةالصلاة وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقد أورد في المتن جملة من الروايات الواردة في هذا المجال، لكن يوجد هنبعض ما يوجب اضطراب الإنسان من أهميّة هذا الأمر، مثل:
رواية مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : كيف بكمإذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عنالمنكر؟ فقيل له: ويكون ذلك يا رسولاللّه؟ فقال: نعم وشرّ من ذلك، كيف
(صفحه20)
بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ فقيل له: يا رسولاللّه ويكونذلك؟ قال: نعم، وشرّ من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكرمعروفاً؟!(1).
- (1) الكافي 5: 59 ح14، تهذيب الأحكام 6: 177 ح359، قرب الإسناد 54 ح178، وعنها وسائل الشيعة16: 122، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب1 ح12.