(صفحه 27)
مسألة 3: لو توقّف إقامة فريضة أو إقلاع منكر على اجتماع عدّة في الأمرأو النهي، لايسقط الوجوب بقيام بعضهم، ويجبالاجتماع فيذلك بقدرالكفاية1.
1ـ لو توقّفت إقامة فريضة أو إقلاع منكر على اجتماع أزيد من الواحد فيالأمر والنهى، لا يوجب ذلك سقوط الوجوب بقيام البعض، بل اللاّزم وجوبالاجتماع في ذلك بقدر الكفاية؛ لأنّ الوجوب وإن كان كفائيّاً، كما عرفت فيالمسألة المتقدّمة، إلاّ أنّ مقتضى ذلك السقوط بفعل البعض وإن كان واحداً.
أمّا لو فرض توقّف التحقّق على أزيد من واحد، فاللاّزم بهذا النحوالاجتماع لتحقّقه، كما في سائر الواجبات الكفائيّة غير الممكنة بإتيان البعض،أو غير الكافية، كتغسيل الميّت وتدفينه، الذين لا يتحقّقا غالباً بفعل الواحد.
وهكذا مفروض المسألة في المقام، مثلاً لو فرض وجوب صلاة الجمعة فيعصر الغيبة وجوباً تعيينيّاً مطلقاً غير مشروط بما إذا تحقّق النداء لها، وقد قرّرفي كتاب الصلاة أنّ صلاة الجمعة لا تتحقّق بأقلّ من خمسة من المأمومين معالإمام(1)، فالواجب حينئذٍ بنحو الكفاية الاجتماع بالمقدار اللاّزم ليتحقّق العددالمعتبر فيصحّتها، فإقاته هذهالفريضة على هذاالتقدير غير ممكنة بقيام البعض.
وهكذا الأمر بالنسبة إلى المنكر، فإذا توقّف إقلاعه على اجتماع أزيد منالواحد، فاللازم الاجتماع بنحو الكفاية لحصول الإقلاع المذكور، كما هو ظاهر.
- (1) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) 3: 41، الإشراف سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد 9: 25،المقنعة: 164، السرائر 1: 290، شرائع الإسلام 1: 94، نهج الحقّ وكشف الصدق: 446، تبصرةالمتعلّمين: 46، الألفيه: 74، الموجز الحاوي (الرسالة العشر): 87 ، السرالة الجعفريّة (رسائل المحقّقالكركي) 1: 130، كنز العرفان في فقه القرآن 1: 243 ـ 244، زبدة البيان في براهين أحكام القرآن 1: 171،مفتاح الكرامة 8 : 322 ـ 324، جواهر الكلام 11: 330.
(صفحه28)
مسألة 4: لو قام عدّة دون مقدار الكفاية، ولم يجتمع البقيّة، ولم يمكن للقائمجمعهم، سقط عنه الوجوب، وبقي الإثم على المتخلّف1.
مسألة 5: لو قام شخص أو أشخاص بوظيفتهم ولم يؤثّر، لكن احتمل آخرأو آخرون التأثير، وجب عليهم مع اجتماع الشرائط2.
1ـ في مفروض المسألة المتقدّمة، لو قام عنده دون مقدار الكفاية ولميجتمعالبقيّة، ولم يمكن الجمع بذلك المقدار، يسقط التكليف عن القائم؛ لعدم تقصيرهفي المخالفة بعد عدم الاجتماع، وعدم إمكان الجمع، بل الإثم الذي يستحقّه تاركالواجب ـ وإن كان كفائيّاً ـ يبقى على المتخلّفين القادرين، كمالا يخفى.
2ـ لو قام شخص أو أشخاص بوظيفتهم من هذه الجهة، ولكن لم يؤثّرالقيام بوجه، لكن احتمل بعض آخر أو آخرون التأثير إذا تحقّق القيام، وجبعليهم مع اجتماع الشرائط الآتية في وجوب الأمرين(1)؛ لأنّ المفروض أنّ تركالمعروف أو فعل المنكر باقٍ بحاله، فاللاّزم ذلك.
(صفحه29)
مسألة 6: لو قطع أو اطمأنّ بقيام الغير لا يجب عليه القيام. نعم، لو ظهر خلافقطعه يجب عليه، وكذا لو قطع أو اطمأنّ بكفاية من قام به لم يجب عليه، ولو ظهرالخلاف وجب1.
1ـ لو حصل له القطع الّذي هي حجّة عقليّة، أو الاطمئنان الذي هو حجّةعقلائيّة؛ بأنّ غير الكافي قام بإتيان هذين الواجبين، لا يجب عليه القيام بعدفرض كون الواجب كفائيّاً وقام به من به الكفاية والغناء. نعم، لو ظهر كونقطعه جهلاً مركّباً، وأنّ اطمئنانه كان مخالفاً للواقع، يجب عليه القيام بالوظيفةالشرعيّة.
ولو حصل له القطع أو الاطمئنان بكفاية من قام به في مقام الإتيانبالواجب، لا يجب عليه القيام أيضاً في هذه الصورة، لكن لو ظهر له الخلافوجب عليه القيام مع الكفاية أو إمكان الجمع؛ لعين ما ذكرنا في الفرع السابق،كما لا يخفى.
(صفحه30)
مسألة 7: لا يكفي الاحتمال أو الظنّ بقيام الغير أو كفاية من قام به، بل يجبعليه معهما. نعم، يكفي قيام البيّنة1.
مسألة 8 : لو عدم موضوع الفريضة، أو موضوع المنكر سقط الوجوب وإن كانبفعل المكلّف، كما لو أراق الماء المنحصر الّذي يجب حفظه للطهارة، أو لحفظنفس محترمة2.
1ـ لا يكفي مجرّد الاحتمال أو الظنّ غير البالغ مرتبة الاطمئنان بقيام الغيربهذه الوظيفة، أو كفاية من قام بها، بل الواجب عليه القيام مع الاحتمالأو الظنّ المذكورين، إلاّ أن يكون هناك حجّة شرعيّة على القيام أو الكفاية،كالبيّنة التي هي معتبرة شرعاً في مثل المورد.
2ـ لو انعدم موضوع الفريضة أو موضوع المنكر سقط الوجوب؛ لفرضانعدامه ولو كان الانعدام ناشئاً عن فعل المكلّف، وكان ذلك الفعل محرّماً،كما يظهر من المثال الّذي أفاده في المتن، ولا مانع من اجتماع الحرام أو غيرالجائز مع سقوط الوظيفة المبحوث عنها في المقام؛ لعدم الارتباط بين الأمرين،فأيّ ارتباط بين عدم جواز إراقة الماء المنحصر، الّذي يجب حفظه للطهارة،أو لحفظ نفس محترمة، وبين بقاء الوظيفة المبحوث عنها في المقام بعد انعدامموضوعها، كما هو المفروض، فتدبّر.
(صفحه31)
مسألة 9: لو توقّفت إقامة فريضة أو قلع منكر على ارتكاب محرّم أو تركواجب، فالظاهر ملاحظة الأهمّية1.
1ـ لو توقّفت إقامة فريضة أو إقلاع منكر على ارتكاب محرّم أو تركواجب، فقد استظهر في المتن لزوم ملاحظة الأهمّية؛ فإنّ الواجبات لا تكونفي مرتبة واحدة، والمحرّمات أيضاً كذلك، وقد اشتهر أنّ المعاصي على قسمين:كبيرة، وصغيرة(1).
وربما يقال: إنّ كلّ كبيرة صغيرة بالإضافة إلىمافوقها، وكبيرة بالنسبةإلى ما تحتها(2).
وببالي أنّ في الروايات(3) الواردة في هذا المجال: أنّ أكبر الكبائر سبع،وفي رأسها الشرك باللّه تبارك وتعالى «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِىوَيَغْفِرُ مَادُونَ ذَ لِكَ لِمَن يَشَآءُ»(4)؛ فإنّ مدلوله أنّ المعاصي الاُخر واقعةدون الشرك.
وقد ذكرنا نظير ذلك بالنسبة إلى مسألة الإكراه، والّتي ربما يقال: إنّه يحلّلما دون القتل من المحرّمات، وإجماله: أنّه لابدّ في ذلك من ملاحظة الأهميّة؛ فإنّ
- (1) مجمع الفائدة والبرهان 12: 318 ـ 320، مصابيح الظلام 1: 444، جواهر الكلام 13: 501، وهو خيرةالمبسوط 8 : 217، والوسيلة: 230، تحرير الأحام 5: 247، الرقم 6621، وإيضاح الفوائد 4: 420 ـ 421،والدروس الشرعيّة 2: 125 وغيرها.
- (2) أوائل المقالات (سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) 4: 83 ـ 84 ، العدّة في اُصول الفقه 1: 139، المهذّب 2:556، كما في مسالك الأفهام 14: 166، السرائر 2: 118، مجمع البيان في تفسير القرآن 3: 67.
- (3) تهذيب الأحكام 4: 149 ح417، الفقيه 3: 366 ح1745، الخصال: 363 ح56، علل الشرائع: 392 ح2،وعنها وسائل الشيعة 15: 326، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح20 و 22.