(الصفحة 431)
الشريكين نقل حصّته إلى الغير بالبيع أو الهبة أو غيرهما ، ولو لم يطّلع الآخر ، بل لم يجز على تقدير اطّلاعه ، غاية الأمر ثبوت حقّ الشفعة للآخر في بعض الموارد ، وهذا معنى تمامية الاستيلاء وعدم نقصه .
نعم ، لا يجوز لكلّ منهما ـ مع قطع النظر عن رضا الآخر ـ التصرّف في العين بالتصرّفات العينيّة الخارجية ، ولكن ذلك ليس لأجل نقص في الاستيلاء أو قصور في الملكية ، بل لأجل استلزام التصرّف فيه التصرّف في مال الغير ، وهو حرام بدون إذنه ، كما ربما يمكن تصويره في المالين المفروضين اللذين كان أحدهما ملكاً لزيد والآخر لعمرو ، وكان التصرّف الخارجي في أحدهما مستلزماً للتصرف في الاخر ، كمصراعي باب غير مفتوح ; فإنّه لا إشكال في استقلال استيلاء كلّ منهما بالنسبة إلى ماله ، بحيث يجوز له النقل والانتقال ولو مع عدم رضا الآخر ، مع أنّ التصرّف الخارجي في أحدهما يستلزم التصرّف في مال الغير ، فإنّ حرمة التصرّف حينئذ ليس لأجل نقص أو قصور ، بل لمجرّد الاستلزام المزبور .
فانقدح من ذلك أنّه لا محيص عن الاحتمال الأوسط ، وهو استقلال كل واحد من الاستيلائين بالنسبة إلى النصف المشاع ، وكون كلّ منهما كاشفاً عن الملكية بالإضافة إليه ، فاشتراك اثنين في الاستيلاء على العين كاشف عن ملكية كلّ واحد منهما لواحد من النصفين ، ولازمها الاشتراك والإشاعة . وعليه : فلو ادّعى كلّ منهما ملكية التمام تكون دعواه بالإضافة إلى النصف مقبولة فيما إذا لم تكن هناك بيّنة ، ويترتّب على ذلك فروع كثيرة في باب القضاء .
بقي الكلام في قاعدة اليد في مباحث : مثل جواز الشهادة والحلف مستنِداً إلى اليد الظاهرة في الملكية ، وكذا حجّية قول ذي اليد بالنسبة إلى الطهارة والنجاسة ، وكذا حلّية اللحم المأخوذ منه إذا كان مسلماً ، ولكنّها لا ترتبط بما هو محطّ البحث في القاعدة ; وهي الأمارية والكاشفية عن الملكيّة ، فاللازم إرجاع البحث في تلك
(الصفحة 432)
المباحث إلى محالّها من كتاب الشهادات ، وكتاب الطهارة وغيرهما فراجع .
هذا تمام الكلام في قاعدة أماريّة اليد .
11 محرّم الحرام 1409 هـ
(الصفحة 435)قاعدة القرعة
وهي أيضاً من القواعد الفقهية المشهورة التي تترتّب عليها ثمرات كثيرة ، وقد وقع الإشكال والخلاف في سعة دائرتها وضيقها ، ومنشؤه الإشكال فيما يستفاد من الأدلّة الواردة فيها ، وتحقيق البحث في هذه القاعدة يستدعي التكلّم في مقامات :
المقام الأوّل : في مدركها ومستندها ، وهو اُمور :
الأوّل : الكتاب ، فقد ورد فيه حكاية المساهمة في موردين :
أحدهما : ما ورد في قصّة النبيّ يونس من قوله تعالى : {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ}(1) . وقد ورد في الأخبار الاحتجاج على شرعية القرعة بهذه الآية(2) ، والمراد بالمساهمة المقارعة ، وبكونه من المدحضين صيرورته معلوماً بالقرعة
- (1) سورة الصافّات 37 : 141 .
(2) وسائل الشيعة : 27 / 261 ـ 262 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 13 ح 13 و 17 ، ومستدرك الوسائل : 17 / 373 ـ 375 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 11 ح 21618 و 21620 .