إمّا جنس المعروض الذي يعبّر عنه بالجزء الأعمّ، أو فصله الذي يعبّر عنهبالجزء المساوي.
ولا يمكن تصوّر جزء أخصّ للماهيّة، لأنّه يستلزم إمكان وجودها بدونهذا الجزء، وهو مستحيل.
فالعارض بواسطة الجزء الأعمّ، كعروض المشى على الإنسان لكونهحيواناً، وبواسطة الجزء المساوي كعروض العلم عليه لكونه ناطقاً(1).
وقد يكون عروضه بواسطة أمر خارج عن ماهيّة المعروض، وهو علىخمسة أنواع.
لأنّ هذا الأمر الخارج تارةً يكون مساوياً للمعروض، واُخرى أعمّ، وثالثةأخصّ ورابعة مبايناً له.
والمباين قد يكون واسطة في انتقال العرض إلى ذي الواسطة حقيقةً، وقديكون هو متّصفاً بالعرض فقط، وإسناده إلى ذي الواسطة بنحو من المجازوالعناية.
صدق عليه الماشي، ولا عكس، إذ بعض ما صدق عليه أنّه ماش لم يصدقعليه أنّه إنسان.
3ـ البصيرة العارضة على الحيوان(1) بواسطة كونه ناطقاً، فإنّ الناطقيّة أمرخارج عن ماهيّة الحيوان(2) أخصّ منه مصداقاً، لأنّ كلّ من يصدق عليهالناطق يصدق عليه الحيوان، ولكن بعض ما صدق عليه الحيوان لم يصدقعليه الناطق.
4ـ الحرارة العارضة على الماء بواسطة النار، فإنّ النار أمر خارج عن الماء،لعدم كونها جزءاً مقوّماً له، وبينهما تباين كلّي، لعدم تصادقهما على شيء منالأشياء كما هو واضح، والنار واسطة في انتقال الحرارة إلى الماء حقيقةً، فإنّالماء بعد مجاورته لها يتّصف بأنّه حارّ واقعاً.
ويعبّر عن هذا النوع من الواسطة بالواسطة في الثبوت.
5ـ الحركة التي تعرض على الجالس في السفينة بواسطتها، فإنّ السفينة أمرخارج عن حقيقة الجالس، لعدم كونها داخلة في ماهيّته جنساً أو فصلاً،وبينهما تباين كلّي، لعدم وجود مادّة اجتماع لهما، والحركة صفة للسفينة حقيقةً،ولا يتّصف بها الجالس إلاّ بالمجاز والمسامحة.
ويعبّر عن هذا النوع من الواسطة بالواسطة في العروض.
والحاصل: أنّ العرض على ثمانية أقسام:
1ـ ما لا واسطة بينه وبين معروضه.
2ـ ما يعرضه بواسطة الجزء الأعمّ.
- (1) لصحّة قولنا: «الحيوان ذو بصيرة» بنحو القضيّة المهملة. منه مدّ ظلّه.
- (2) لا يخفى عليك أنّ الناطق وإن كان جزءً مقوّماً للإنسان، إلاّ أنّه بالنسبة إلى الحيوان أمر خارج عنه، لعدمكونه جنساً ولا فصلاً له. منه مدّ ظلّه.
(صفحه26)
3ـ ما يلحقه بواسطة الجزء المساوي.
4ـ ما إذا توسّط بينهما أمر خارج مساوٍ للمعروض.
5ـ العرض اللاحق للشيء بواسطة الخارج الأعمّ.
6ـ ما إذا كان العروض لأجل الخارج الأخصّ.
7ـ ما يعرضه بواسطة أمر مباين بنحو الواسطة في الثبوت.
8 ـ ما يلحقه لأجل أمر مباين بنحو الواسطة في العروض.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّهم اختلفوا في العرض الذاتي والغريب على أقوال:
كلام صاحب الكفاية والمحقّق السبزواري رحمهماالله في ذلك
ذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلى أنّ العرض الذاتي ما يلحق الشيء بلا واسطةفي العروض(1)، أي مايلحقه حقيقةً، من دون تجوّز وعناية.
وعليه فالقسم الأخير يكون عرضاً غريباً، وسائر الأقسام السبعة جميعهتكون أعراضاً ذاتيّة.
وهذا ما ذهب إليه الحكيم السبزواري رحمهالله قبل صاحب الكفاية، حيث قالفي حاشية الأسفار:
والحقّ في معنى العرض الذاتي أن يقال: هو ما يكون عارضاً للشيءووصفاً له بالحقيقة بلا شائبة مجاز أو كذب، أي يكون من قبيل ما يقال لهعند أهل العربيّة: الوصف بحال الشيء، لا الوصف بحال متعلّق الشيء،وبعبارة اُخرى: العرض الذاتي ما لا يكون له واسطة في العروض(2).
- (2) الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة 1: 32.