(صفحه248)
من أجزاء الصلاة مثلاً ـ عند نسيان السورة ـ صدرت بداعي الأمر بالمركّب،إذ قلنا في المقدّمة الاُولى: داعويّة الأمر بالنسبة إلى بعض الأجزاءلا تتوقّف على داعويّته بالنسبة إلى بعض آخر، فإذا نسي السورةلا يكون الأمر بالصلاة داعياً إليها، لكنّه داعٍ إلى سائر الأجزاء، ولا يجب أنيكون دليل التقييد بلسان بيان الحكم الأوّلي، بل قد يكون بلسان الحكمالثانوي كما قلنا في المقدّمة الثانية، فلا محذور في تقييد إطلاق دليل الجزئيّةبحديث الرفع.
نظريّة المحقّق العراقي والنائيني في المسألة
لكنّ المحقّق النائيني والعراقي «أعلى اللّه مقامهما» ذهبا إلى عدم صحّةالتقييد.
ونحن نذكر ما أفاده المحقّق العراقي رحمهالله في مقام الاستدلال، لكونه أكمل فيالمقام، فنقول:
تشبّث المحقّق العراقي رحمهالله لإثبات مرامه بوجوه:
الأوّل: أنّ المرفوع بالحديث وإن كان هو المنسيّ، ورفعه بمعنى رفع آثاره،إلاّ أنّ المنسيّ فيما نحن فيه هو وجود الجزء، وأثر وجوده هو الصحّة، ورفعهذا الأثر يستلزم بطلان عمل الناسي ووجوب الإعادة.
ولا يمكن رفع الجزئيّة بالحديث، لأنّ الجزئيّة من آثار طبيعة السورة لوجودها(1). هذا حاصل ما أفاده رحمهالله في الوجه الأوّل.
وجوابه واضح، فإنّا قلنا في المقدّمة الأخيرة: إنّ النسيان يتعلّق بطبيعةالجزء والشرط لا بوجودهما، واُريد برفع الطبيعة رفع الجزئيّة والشرطيّة
- (1) نهاية الأفكار 3: 429.
ج5
اللتين هما أثرها.
الثاني: أنّه إن اُريد برفع الجزئيّة رفع الجزئيّة أو الشرطيّة عن الجزءوالشرط المنسيّين في مقام الدخل في الملاك والمصلحة، فلا شبهة في أنّ هذالدخل أمر تكويني غير قابل لأن يتعلّق به الرفع التشريعي، وإن اُريد رفعهمبلحاظ انتزاعهما عن التكليف الضمني المتعلّق بالجزء والتقيّد بالشرط، ففيه:أنّ الرفع في الحديث يختصّ برفع ما لولاه يكون قابلاً للثبوت تكليفاً أووضعاً، وعدم شموله للتكاليف المتعلّقة بالمنسيّ في حال النسيان، لارتفاعهبمحض تحقّق النسيان بملاك استحالة التكليف بما لا يطاق(1). هذا ما ذكره فيالوجه الثاني.
وفيه أوّلاً: أنّه خارج عن محلّ النزاع، فإنّ النزاع إنّما هو فيما إذا كان لدليلالجزئيّة إطلاق وشمول لحال النسيان لولا حديث الرفع.
وثانياً: أنّه مناقض لما تقدّم من قوله بإطلاق دليل الجزئيّة وشموله للناسي،وإن كان بلسان التكليف(2).
الثالث: أنّ غاية ما يقتضيه الحديث إنّما هو رفع إبقاء الأمر الفعلي والجزئيّةالفعليّة عن الجزء المنسيّ في حال النسيان، ولازمه سقوط الأمر الفعلي عنالبقيّة أيضاً، لأنّ التكليف ارتباطي، والحديث لا يقتضي كون الناقص المأتيّ بههو المأمور به للناسي، لأنّه لا يتكفّل الوضع، بل يتكفّل الرفع فقط، فمن أينثبت أنّ الناقص المأتيّ به يكون مأموراً به للناسي حتّى يكون صحيحاً وليجب عليه الإعادة؟!(3). هذا حاصل كلامه في الوجه الثالث.
ويرد عليه أنّ الجمع بين إطلاق دليل الجزئيّة وحديث الرفع ـ بتقييد الأوّل
- (3) نهاية الأفكار 3: 429.
(صفحه250)
بالثاني ـ ينتج اختصاص الجزئيّة بحال الذكر، وهذا يقتضي كون المأمور به فيحقّ الناسي هو بقيّة الأجزاء، فالناقص المأتيّ به يكون مأموراً به له، فلا يجبعليه الإعادة.
هذا تمام الكلام في ترك الجزء والشرط نسياناً.
ج5
(صفحه252)
في الزيادة العمديّة والسهويّة
المسألة الثانية: في الزيادة العمديّة والسهويّة
القول في تصوير الزيادة
وقبل الشروع في البحث لابدّ من ذكر أمر يبتني عليه المسألة، وهو أنّه هليتصوّر تحقّق الزيادة في المأمور به كما يتصوّر تحقّق النقيصة، أم لا؟
الحقّ أنّه لا تتصوّر زيادة الجزء أو الشرط بالدقّة العقليّة، فإنّ كون شيءجزءاً أو شرطاً للمأمور به، ومع ذلك زائداً عليه جمع بين المتنافيين، ولا فرقفي ذلك بين كون الجزء أو الشرط ملحوظاً لا بشرط بالنسبة إلى الزيادة أوبشرط لا.
نعم، تتصوّر زيادة الجزء والشرط عرفاً إذا كانا ملحوظين لا بشرط.
وأمّا النقيصة: فلا إشكال في إمكان تحقّقها عقلاً وعرفاً، فإنّ الركوع مثلاً إذترك في الصلاة يحكم العقل بأنّ الصلاة تكون ناقصة لأجل ترك جزئها، كميحكم به العرف.
كلام المحقّق العراقي رحمهالله في ذلك
لكنّ المحقّق العراقي رحمهالله قال بإمكان تحقّق الزيادة الحقيقيّة ـ أي العقليّة كالعرفيّة، وقرّبه بذكر مقدّمات ثلاث، حيث قال: