نعم، الصادق إنّما هو عنوان الزيادة على ما في الظرف بعنوان كونه مظروفاً،لا بعنوان كونه دهناً، فقوام الزيادة الحقيقيّة حينئذٍ في أجزاء المركّباتوشرائطها إنّما هو بكون الزائد من سنخ ما اعتبر جزءً أو شرطاً لها، فإذا كانالمركّب بنفسه من العناوين القصديّة، كالصلاة مثلاً على ما هو التحقيق من أنّحقيقتها عبارة عن الأفعال والأذكار الخاصّة الناشئة عن قصد الصلاتيّة، لأنّها عبارة عن(2) مجرّد الأفعال والأذكار والهيئات الخاصّة ولا مجرّدة عنقصد الصلاتيّة، بشهادة عدم حرمتها على الحائض إذا أتت بها على الكيفيّةالخاصّة لا بعنوان الصلاتيّة، يحتاج في صدق عنوان الزيادة فيها إلى قصدعنوان الصلاتيّة بالجزء المأتيّ به أيضاً، وإلاّ فمع فرض خلوّه عن قصدالصلاتيّة وعنوان الجزئيّة لها لا يكون المأتيّ به حقيقةً من سنخ الصلاة، فليرتبط حينئذٍ بالصلاة حتّى يصدق عليه عنوان الزيادة في الصلاة، إلاّ على نحومن العناية، للمشاكلة الصوريّة.
من أن يفرض للماء حدّ مخصوص، ككونه بالغاً إلى نقطة كذا ومقدار كذليكون الزائد موجباً لانقلاب حدّه الخاصّ إلى حدّ آخر، فيصدق عليه بهذالاعتبار عنوان الزيادة فيه، وإلاّ فبدون ذلك لا يصدق عليه العنوان المزبوروإن بلغ من الكثرة ما بلغ، وكذلك الأمر في المركّبات، ففيها أيضاً لابدّ مناعتبار حدّ خاصّ فيما اعتبر جزءً لها في مقام اختراع المركّب واختراعه(1)،ليتحقّق بذلك عنوان الزيادة في المكتوبة.
الثالث: أنّ أخذ الجزء أو الشرط في المركّب في مقام اعتباره واختراعهيتصوّر على وجوه ثلاثة:
أحدها: اعتبار كونه جزءً أو شرطاً على نحو بشرط لا من جهة الزيادة فيمقام الوجود والتحقّق.
وثانيها: اعتبار كونه جزءً على نحو لا بشرط من طرف الزيادة على معنىأنّه لو زيد عليه لكان الزائد خارجاً عن ماهيّة المركّب باعتبار عدم تعلّقاللحاظ بالزائد في مقام اعتباره جزءً للمركّب، كما لو فرض أنّه اعتبر في جعلماهيّة الصلاة الركوع الواحد لا مقيّداً كونه بشرط عدم الزيادة، ولا طبيعةالركوع، فإنّ في مثله يكون الوجود الثاني من الركوع خارجاً عن حقيقةالصلاة، لعدم تعلّق اللحاظ به في مقام جعل ماهيّة الصلاة.
الثالثة(2): اعتبار كونه جزءً على نحو لا بشرط بنحو لو زيد عليه لكانالزائد أيضاً من المركّب وداخلاً فيه، لا خارجاً عنه، كما لو اعتبر في جعلماهيّة الصلاة طبيعة الركوع في كلّ ركعة منها الجامعة بين الواحد والمتعدّد، لالركوع الواحد، كما في الصورة الثانية.
- (1) يعود الضمير إلى «ما اعتبر جزءً». م ح ـ ى.
- (2) حقّ العبارة أن يُقال: وثالثها. م ح ـ ى.
ج5
وبعدما عرفت ذلك نقول: إنّه على الاعتبار الأوّل لا شبهة في أنّه لا مجاللتصوّر تحقّق الزيادة، فإنّه من جهة اشتراطه بعدم الزيادة في مقام اعتباره جزءًللمركّب تكون الزيادة فيه موجبةً للإخلال بقيده، فترجع إلى النقيصة.
وكذلك الأمر على الاعتبار الثاني، فإنّه وإن لم ترجع الزيادة فيهإلى النقيصة، إلاّ أنّ عدم تصوّر الزيادة الحقيقيّة إنّما هو لكان(1)عدم كون الزائد من سنخ المزيد عليه، فإنّه بعد خروج الوجود الثاني عندائرة اللحاظ في مقام جعل ماهيّة الصلاة يستحيل اتّصاف الوجود الثانيبالصلاتيّة، فلا يرتبط حينئذٍ بالصلاة حتّى يصدق عليه عنوان الزيادة ويصدقعلى الصلاة أنّها تكون مزيداً فيها، بل يكون ذلك من قبيل ضمّ الدبسإلى الدهن.
وأمّا على الاعتبار الثالث: فالظاهر أنّه لا قصور في تصوّر الزيادةالحقيقيّة، فإنّ المدار في زيادة الشيء في الشيء على ما عرفت إنّما هوبكون الزائد من سنخ المزيد فيه مع كونه موجباً لقلب حدّه إلى حدّ آخر، ولريب في صدق ذلك وتحقّقه على هذا الاعتبار، من غير فرق بين أن يكونالجزء مأخوذاً في مقام الأمر والطلب بشرط لا، أو على نحو لا بشرط بالمعنىالأوّل الذي لازمه هو خروج الوجود الثاني عن دائرة المطلوبيّة، أو اللابشرطبالمعنى الثاني الراجع إلى كون المطلوب هو صرف وجود الطبيعي المتحقّقبأوّل وجوده.
وذلك على الأوّلين ظاهر، فإنّ الوجود الثاني من طبيعة الجزء ممّا يصدقعليه عنوان الزيادة بالنسبة إلى ما اعتبر في المأمور به من تحديد الجزءبالوجود الواحد، حيث إنّه يتعلّق الأمر بالصلاة المشتملة على ركوع واحد
- (1) هذه العبارة مخدوشة ظاهراً، والصحيح أن يقال: إنّما هو لأجل عدم... . م ح ـ ى.