ج5
وقت اليوميّة في الأثناء، فيدلّ الرواية على لزوم قطع صلاة الآيات والإتيانباليوميّة، ثمّ الرجوع إلى صلاة الآيات وإتمامها من حيث كان قطعها، ولا يجوزالتعدّي من مورد الرواية إلى عكسه، إذ يمكن أن يكون للمورد خصوصيّة،وهي عدم بطلان صلاة الآيات بفوات الموالاة إذا كان لأجل تحصيل واجبأهمّ، ولا ريب في كون الصلاة اليوميّة أهمّ منها، فما ذكره من الرواية تأييدلمذهبه لا يتمّ، لأنّه أخطأ في نقله أوّلاً، ولا يجوز التعدّي عن مورده إلىالعكس ثانياً.
هذا تمام الكلام في مسألة الزيادة.
(صفحه284)
ج5
في حكم الاضطرار إلى ترك أحد القيود
المسألة الثالثة: في حكم الاضطرار إلى ترك أحد القيود
إذا ثبت جزئيّة شيء أو شرطيّته للمأمور به في الجملة ولم يعلم أنّه جزء أوشرط له مطلقاً، فيسقط التكليف رأساً بالعجز عنه، لعدم القدرة حينئذٍ علىالمأمور به، أو في خصوص حال التمكّن، فلا يسقط، بل يجب عليه الإتيانبسائر الأجزاء والشرائط، فما مقتضى القواعد في المسألة؟
وهذا البحث يجري في الموانع والقواطع أيضاً، لأنّ عدم المانع أو القاطعيكون قيداً للمأمور به كما أنّ الجزء والشرط قيد له، فقد يشكّ في أنّ مانعيّةشيء أو قاطعيّته مطلقة أو مختصّة بحال التمكّن من تركه، فعلى تقدير كونهمانعاً أو قاطعاً مطلقاً يسقط التكليف بالمأمور به لو عجز المكلّف عن تركه،وعلى تقدير كونه مانعاً أو قاطعاً في خصوص حال التمكّن لا يسقط.
تحرير محلّ النزاع
اعلم أنّه لا إشكال في لزوم الإتيان بالمركّب المتعذّر قيده إذا كان لدليلهإطلاق دون دليل اعتبار القيد، كما أنّه لا إشكال في عدم لزوم الإتيان به إذكان لدليل اعتبار القيد إطلاق دون دليله، فلا يعمّ النزاع لهاتين الصورتين.
ولو كان كلاهما فاقدين للإطلاق فهو داخل في محلّ النزاع.
وأمّا لو كان لكليهما إطلاق فلابدّ من ملاحظة لسان الدليلين، فقد يكون
(صفحه286)
لسان دليل اعتبار القيد هو حكومته على دليل المأمور به، مثل أن يكون دليلوجوب الصلاة قوله تعالى: «أَقِيمُوا الصَّلاَةَ»(1) ودليل جزئيّة الفاتحة ما رويعن النبيّ صلىاللهعليهوآله : «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب»(2) فإنّه نظير جملة «لا شكّ لكثيرالشكّ»(3) الحاكمة على أدلّة أحكام الشكوك، وقد يكون لسان دليل المأمور بههو حكومته على دليل اعتبار القيد، كما لو كان دليل وجوب الصلاة: «لا تتركالصلاة بحال» ودليل جزئيّة الفاتحة: «اقرأ فاتحة الكتاب في الصلاة» وقد ليكون في البين حكومة أصلاً.
فهذه الصورة الأخيرة داخلة في محلّ النزاع، لانتفاء الحكومة وتحقّقالتعارض، دون الصورتين الاُوليين، لأنّ إطلاق الدليل الحاكم ـ سواء كاندليل اعتبار القيد أو دليل المأمور به ـ مقدَّم على إطلاق الدليل المحكوم فيهاتين الصورتين، فيرفع التعارض من بين الدليلين.
كلام المحقّق النائيني رحمهالله في المقام
لكنّ المحقّق النائيني رحمهالله قال بحكومة إطلاق دليل القيد على إطلاق دليلالمأمور به في جميع الموارد، فإنّه قال:
فإن كان لدليل القيد إطلاق لصورة التمكّن منه وعدمه، فلا إشكال فياقتضاء الإطلاق ثبوت القيديّة حتّى في صورة تعذّر القيد، ويلزمه سقوطالأمر بالمقيّد عند تعذّره، فلا يجب فعل المقيّد خالياً عن القيد، إلاّ أن يثبتوجوبه بأمر آخر، من أصل أو قاعدة، وهذا من غير فرق بين أن يكون للأمر
- (2) مستدرك الوسائل 4: 158، كتاب الصلاة، الباب 1 من أبواب القراءة في الصلاة، الحديث 5.
- (3) هذه جملة مستفادة من الأخبار الواردة في وسائل الشيعة 8 : 227 ـ 229، كتاب الصلاة، الباب 16 منأبواب الخلل الواقع في الصلاة. م ح ـ ى.
ج5
المتعلّق بالمقيّد إطلاق أو لم يكن، فإنّ إطلاق دليل القيد حاكم على إطلاقدليل المقيّد، كحكومة إطلاق القرينة على ذيها(1)، إنتهى موضع الحاجة منكلامه.
ويرد عليه أوّلاً: أنّ تقديم إطلاق القرينة على إطلاق ذيها ليس من بابالحكومة، بل من جهة تقديم الأظهر على الظاهر، فإنّ ظهور «يرمي» فيالرجل الشجاع أكثر من ظهور «أسد» في الحيوان المفترس إذا قلنا: «رأيتأسداً يرمي».
وثانياً: أنّك قد عرفت أنّ ضابطة الحكومة قد تقتضي حكومة إطلاق دليلالمقيّد على إطلاق دليل القيد، كما إذا كان دليل المقيّد مثل «لا تترك الصلاةبحال» ودليل القيد مثل «اقرأ فاتحة الكتاب في الصلاة»، وقد لا يكون في البينحكومة أصلاً، فكيف يمكن الالتزام بحكومة إطلاق دليل القيد على إطلاقدليل المقيّد في جميع الموارد؟!
ما أفاده الوحيد البهبهاني رحمهالله في المسألة
وللمحقّق الوحيد البهبهاني رحمهالله هاهنا تفصيل، وهو أنّ القيد إن كان مستفادمن مثل «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» و«لا صلاة إلاّ بطهور»(2) سقط الأمربالمقيّد عند تعذّر القيد، وإن كان مستفاداً من مثل «اسجد في الصلاة» و«لتلبس الحرير في الصلاة» لم يسقط الأمر بالمقيّد عند تعذّر القيد(3).
قال سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام«مدّ ظلّه»: كلام الوحيد البهبهاني موافق لمذكرناه(4).
- (1) فوائد الاُصول 4: 250.
- (2) وسائل الشيعة 1: 315، كتاب الطهارة، الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة، الحديث 1.
- (3) أنوار الهداية 2: 374 نقلاً عن الوحيد البهبهاني رحمهالله .