(صفحه250)
بالثاني ـ ينتج اختصاص الجزئيّة بحال الذكر، وهذا يقتضي كون المأمور به فيحقّ الناسي هو بقيّة الأجزاء، فالناقص المأتيّ به يكون مأموراً به له، فلا يجبعليه الإعادة.
هذا تمام الكلام في ترك الجزء والشرط نسياناً.
ج5
(صفحه252)
في الزيادة العمديّة والسهويّة
المسألة الثانية: في الزيادة العمديّة والسهويّة
القول في تصوير الزيادة
وقبل الشروع في البحث لابدّ من ذكر أمر يبتني عليه المسألة، وهو أنّه هليتصوّر تحقّق الزيادة في المأمور به كما يتصوّر تحقّق النقيصة، أم لا؟
الحقّ أنّه لا تتصوّر زيادة الجزء أو الشرط بالدقّة العقليّة، فإنّ كون شيءجزءاً أو شرطاً للمأمور به، ومع ذلك زائداً عليه جمع بين المتنافيين، ولا فرقفي ذلك بين كون الجزء أو الشرط ملحوظاً لا بشرط بالنسبة إلى الزيادة أوبشرط لا.
نعم، تتصوّر زيادة الجزء والشرط عرفاً إذا كانا ملحوظين لا بشرط.
وأمّا النقيصة: فلا إشكال في إمكان تحقّقها عقلاً وعرفاً، فإنّ الركوع مثلاً إذترك في الصلاة يحكم العقل بأنّ الصلاة تكون ناقصة لأجل ترك جزئها، كميحكم به العرف.
كلام المحقّق العراقي رحمهالله في ذلك
لكنّ المحقّق العراقي رحمهالله قال بإمكان تحقّق الزيادة الحقيقيّة ـ أي العقليّة كالعرفيّة، وقرّبه بذكر مقدّمات ثلاث، حيث قال:
ج5
أمّا الكلام في الجهة الاُولى(1): فتوضيحه يحتاج إلى تمهيد اُمور:
الأوّل: لا شبهة في أنّه يعتبر في صدق الزيادة الحقيقيّة في الشيء أن يكونالزائد من سنخ المزيد عليه، وبدونه لا يكاد يصدق عنوان الزيادة الحقيقيّة،ولذا لا يصدق على الدهن الذي اُضيف إليه مقدار من الدبس أنّه زاد فيه إلعلى نحو من العناية.
نعم، الصادق إنّما هو عنوان الزيادة على ما في الظرف بعنوان كونه مظروفاً،لا بعنوان كونه دهناً، فقوام الزيادة الحقيقيّة حينئذٍ في أجزاء المركّباتوشرائطها إنّما هو بكون الزائد من سنخ ما اعتبر جزءً أو شرطاً لها، فإذا كانالمركّب بنفسه من العناوين القصديّة، كالصلاة مثلاً على ما هو التحقيق من أنّحقيقتها عبارة عن الأفعال والأذكار الخاصّة الناشئة عن قصد الصلاتيّة، لأنّها عبارة عن(2) مجرّد الأفعال والأذكار والهيئات الخاصّة ولا مجرّدة عنقصد الصلاتيّة، بشهادة عدم حرمتها على الحائض إذا أتت بها على الكيفيّةالخاصّة لا بعنوان الصلاتيّة، يحتاج في صدق عنوان الزيادة فيها إلى قصدعنوان الصلاتيّة بالجزء المأتيّ به أيضاً، وإلاّ فمع فرض خلوّه عن قصدالصلاتيّة وعنوان الجزئيّة لها لا يكون المأتيّ به حقيقةً من سنخ الصلاة، فليرتبط حينئذٍ بالصلاة حتّى يصدق عليه عنوان الزيادة في الصلاة، إلاّ على نحومن العناية، للمشاكلة الصوريّة.
الثاني: يعتبر أيضاً في صدق عنوان الزيادة في الشيء أن يكون المزيد فيهمشتملاً على حدّ مخصوص ولو اعتباراً حتّى يصدق بالإضافة إليه عنوانالزيادة وعدمها، كما في ماء الجبّ أو النهر مثلاً، فإنّه لابدّ في صدق هذا العنوان
- (1) أي في تصوير وقوع الزيادة الحقيقيّة في الأجزاء والشرائط. م ح ـ ى.
- (2) العبارة مخدوشة ظاهراً، والصحيح أن يقال: عن الأفعال والأذكار والهيئات الخاصّة مجرّدة... . م ح ـ ى.
(صفحه254)
من أن يفرض للماء حدّ مخصوص، ككونه بالغاً إلى نقطة كذا ومقدار كذليكون الزائد موجباً لانقلاب حدّه الخاصّ إلى حدّ آخر، فيصدق عليه بهذالاعتبار عنوان الزيادة فيه، وإلاّ فبدون ذلك لا يصدق عليه العنوان المزبوروإن بلغ من الكثرة ما بلغ، وكذلك الأمر في المركّبات، ففيها أيضاً لابدّ مناعتبار حدّ خاصّ فيما اعتبر جزءً لها في مقام اختراع المركّب واختراعه(1)،ليتحقّق بذلك عنوان الزيادة في المكتوبة.
الثالث: أنّ أخذ الجزء أو الشرط في المركّب في مقام اعتباره واختراعهيتصوّر على وجوه ثلاثة:
أحدها: اعتبار كونه جزءً أو شرطاً على نحو بشرط لا من جهة الزيادة فيمقام الوجود والتحقّق.
وثانيها: اعتبار كونه جزءً على نحو لا بشرط من طرف الزيادة على معنىأنّه لو زيد عليه لكان الزائد خارجاً عن ماهيّة المركّب باعتبار عدم تعلّقاللحاظ بالزائد في مقام اعتباره جزءً للمركّب، كما لو فرض أنّه اعتبر في جعلماهيّة الصلاة الركوع الواحد لا مقيّداً كونه بشرط عدم الزيادة، ولا طبيعةالركوع، فإنّ في مثله يكون الوجود الثاني من الركوع خارجاً عن حقيقةالصلاة، لعدم تعلّق اللحاظ به في مقام جعل ماهيّة الصلاة.
الثالثة(2): اعتبار كونه جزءً على نحو لا بشرط بنحو لو زيد عليه لكانالزائد أيضاً من المركّب وداخلاً فيه، لا خارجاً عنه، كما لو اعتبر في جعلماهيّة الصلاة طبيعة الركوع في كلّ ركعة منها الجامعة بين الواحد والمتعدّد، لالركوع الواحد، كما في الصورة الثانية.
- (1) يعود الضمير إلى «ما اعتبر جزءً». م ح ـ ى.
- (2) حقّ العبارة أن يُقال: وثالثها. م ح ـ ى.