(صفحه32)
دوران الأمر بين الوجوب والحرمة في التعبّديّات
وأمّا إذا كان في البين أمرٌ تعبّدي فله أيضاً صور:
أ ـ أن يكون الوجوب والحرمة كلاهما تعبّديّين(1).
وهذا لا يكون من دوران الأمر بين المحذورين اصطلاحا، لتمكّن المكلّفمن المخالفة القطعيّة بإتيان العمل أو تركه خاليا عن قصد القربة، مع أنّالدوران بين المحذورين يختصّ بما إذا لم يقدر المكلّف لا على الموافقة ولا علىالمخالفة القطعيّة.
نعم، لا فرق بينهما من حيث الحكم، لجريان التخيير هاهنا أيضاً، فلابدّ لهإمّا من الفعل بقصد القربة أو من الترك كذلك، لعدم تمكّنه من الموافقة القطعيّةكما لايخفى.
ب ـ أن يكون أحدهما المعيّن تعبّديّا، كما إذا دار الأمر بين الوجوبالتعبّدي والحرمة التوصّليّة.
وهذا أيضاً خارج عن تحت الدوران بين المحذورين اصطلاحا، لقدرةالمكلّف على المخالفة القطعيّة بإتيان الفعل فاقدا لقصد التقرّب، لكن يجري عليهحكمه، فلايجوز له المخالفة القطعيّة، بل يتخيّر بين الفعل مقارنا لقصد التقرب،
- (1) للوجوب التعبّدي أمثلة كثيرة واضحة، وأمّا الحرمة التعبّديّة فهي ما إذا كان ترك الحرام مشروطا بقصدالقُربة، كما في مفطرات الصوم، حيث لا يكفي تركها مطلقا، بل لابدّ من كون الترك مقارنا لقصد القربة.منه مدّ ظلّه.
ج5
وبين الترك.
ج ـ أن يعلم إجمالاً بتعبّديّة أحدهما وتوصّليّة الآخر لا على التعيين.
وهذا من مصاديق الدوران بين المحذورين، لأنّ المكلّف إمّا أن يختار الفعلأو الترك مقارنا لقصد القربة أو فاقدا له، ولا يصدق على شيء من هذهالحالات الأربع مخالفة قطعيّة، ولا موافقة كذلك، فهذه الصورة من جهةاستحالة الموافقة والمخالفة القطعيّة نظير دوران الأمر بين الوجوب والحرمةالتوصّليّين فتجري فيها أصالة التخيير.
والحاصل: أنّ أصالة التخيير تجري في جميع هذه الصور الثلاثة الأخيرة،لكنّ الفرض الأخير يكون بحسب الاصطلاح أيضاً من مصاديق الدوران بينالمحذورين، دون الفرضين الأوّلين.
هذا تمام الكلام في أصالة التخيير.
(صفحه34)
أصالة الاشتغال
ج5
(صفحه36)
في دوران الأمر بين المتباينين
أصالة الاشتغال
إذا كان التكليف معلوما والمكلّف به مردّدا بين أمرين أو أكثر فهو مجرىأصالة الاشتغال.
والترديد تارةً: يكون بين المتباينين، واُخرى: بين الأقلّ والأكثر.
فلابدّ من البحث في مقامين:
المقام الأوّل: في دوران الأمر بين المتباينين
تحرير محلّ النزاع
وليعلم أنّ التكليف قد يكون معلوما بجنسه ونوعه، كما إذا علم بأنّالتكليف هو الوجوب، لكن شكّ في أنّ الواجب هل هو صلاة الجمعة أو صلاةالظهر؟ أو علم بأنّ التكليف هو الحرمة، لكن شكّ في أنّ الخمر هل هي هذالإناء أو ذلك الإناء؟
وقد يكون معلوما بجنسه فقط، كما إذا شكّ في أنّ صلاة الجمعة واجبة أوالغصب حرام؟ أو شكّ في أنّ الزوجة الصغيرة يجب وطئها أو الكبيرة يحرموطئها؟ فأصل التكلف الإلزامي في هذين المثالين معلوم، لكن لا يعلم أنّهالوجوب أو الحرمة، كما أنّه لا يعلم أنّه تعلّق بصلاة الجمعة أو الغصب،أو بوطىء الزوجة الصغيرة أو الكبيرة.