المتلازمين، بخلاف استصحاب النجاسة أو الطهارة في كلّ من الإنائين، فإنّالاستصحابين متّحدان في المؤدّى مع العلم التفصيلي بالخلاف.
فالفرق بين القسم الأوّل والثاني ممّا لا يكاد يخفى، والذي منعنا عن جريانهفي أطراف العلم الإجمالي هو القسم الأوّل؛ لأنّه لا يمكن التعبّد بالجمع بينالاستصحابين الذين يتوافقان في المؤدّى مع مخالفة مؤدّاهما للمعلوم بالإجمال.
وأمّا التعبّد بالجمع بين الاستصحابين المتخالفين في المؤدّى الذي يلزم منجريانهما التفكيك بين المتلازمين، فلا محذور فيه، فإنّ التلازم بحسب الواقع ليلازم التلازم بحسب الظاهر، لأنّه يجوز التفكيك الظاهري بين المتلازمينالواقعيّين.
فظهر أنّ القول بعدم جريان الاُصول المحرزة في أطراف العلم الإجماليلايلازم القول بعدم جريانها إذا استلزم منها التفكيك بين المتلازمين الشرعيّينأو العقليّين أو العاديّين(1)، إنتهى كلامه رحمهالله .
نقد ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله في مبحث الاستصحاب
وما ادّعاه المحقّق النائيني رحمهالله من عدم جريان الاُصول المحرزة في أطرافالعلم الإجمالي يعمّ هذا المورد أيضاً، فلو كان كلّ واحد من وجوب صلاة
الجمعة و حرمة الغصب مسبوقا بالعدم لم يجر استصحاب عدم وجوبها وعدمحرمته كليهما، مع أنّ ما أجاب به عن الإشكال لا يكفي لهذا المورد، لأنّ عدموجوب صلاة الجمعة وعدم حرمة الغصب لا يرتبط أحدهما بالآخر، فليتوافقان في نفي ما علم تفصيلاً، غاية الأمر أنّا نعلم من الخارج أنّ أحدالاستصحابين يخالف الواقع.
والحاصل: أنّ ما أجاب به المحقّق النائيني رحمهالله عن الإشكال لو فرض صحّتهلا ينطبق على جميع موارد دعواه، بل يختصّ بما إذا كان نوع التكليف أيضـ مضافا إلى جنسه ـ معلوما، كما إذا شككنا في وجوب صلاة الظهر أو الجمعة.
ب ـ أنّ ما ذكره رحمهالله من الفرق بين المتلازمين وبين العلم الإجمالي ليسبفارق، لتعدّد الاستصحاب وتغاير موضوع الاستصحابين في العلم الإجماليأيضاً، فلايرتبط استصحاب طهارة الإناء الواقع في اليمين باستصحاب طهارةالإناء الواقع في اليسار، غاية الأمر أنّا نعلم ـ لأجل العلم الإجمالي بنجاسةأحدهما ـ بمخالفة أحد الاستصحابين للواقع، نظير ما تقدّم في المتلازمين.
نعم، لو كان في طرفي العلم الإجمالي استصحاب واحد وكان مقتضاه طهارةمجموع كلا الإنائين مثلاً لكان لما ذكره من الفرق وجه.
لكنّك عرفت كون الاستصحاب متعدّدا في المقام، مثل موارد المتلازمين.وصرف كون المستصحب في ما نحن فيه هو الطهارة مثلاً في كلا طرفي العلمالإجمالي وفي باب المتلازمين طهارة مواضع الوضوء مثلاً في أحدهما وبقاءالحدث المعنوي في الآخر لا يكاد يكون فارقا بينهما بعد اشتراكهما في تغايرالموضوع كما عرفت.
على أنّ التعبير بكون الاستصحابين ـ على فرض جريانهما في المقام متّفقين على نفي المعلوم بالتفصيل تعبير فاسد، لعدم تحقّق علم تفصيلي في
(صفحه64)
أطراف العلم الإجمالي، وكون المعلوم فيها عنوان «أحدهما» لا يقتضيصيرورة العلم الإجمالي تفصيليّا، فإنّ قوام العلم الإجمالي إنّما هو بتعلّقه بأحدالطرفين أو الأطراف، ولو كان التعبير بأنّ المعلوم هو «أحدهما» موجبلصيرورة العلم تفصيليّا لكانت جميع العلوم الإجماليّة تفصيليّة، لتعلّقها بأحدالطرفين أو الأطراف كما لا يخفى.
والحاصل: أنّ ما أفاده الشيخ الأعظم والمحقّق النائيني في مسألة جريانالاُصول في أطراف العلم الإجمالي غير تامّ.
عود إلى أصل البحث، وبيان الحقّ في المسألة
والحقّ أن يقال: إنّ التكليف المعلوم بالإجمال على نوعين:
أ ـ أن يكون تكليفاً فعليّا قطعيّا بحيث يتعلّق غرض المولى به بأيّ نحوكان، ولا يرضى بمخالفته بوجه من الوجوه حتّى في صورة كونه معلومبالإجمال.
ولاريب في كون العلم الإجمالي في هذه الصورة علّة تامّة لحرمة المخالفةالقطعيّة ووجوب الموافقة القطعيّة.
وبعبارة اُخرى: يحكم العقل ثبوتا بأنّه ليس للمولى تجويز مخالفة هذا النوعمن العلم الإجمالي في جميع الأطراف ولا في بعضها، حتّى في الشهبات غيرالمحصورة، فضلاً عن المحصورة.
فلا تصل النوبة إلى مقام الإثبات وملاحظة ظهور الأدلّة، فلو كان لنا دليلظاهر في الترخيص في هذه الصورة فلابدّ من توجيهه وحمله على معنى غيرمنافٍ لحكم العقل القطعي.
ب ـ أن نعلم إجمالاً بقيام حجّة معتبرة على التكليف المردّد بين أمرين أو