(الصفحة 119)مسألة 3 : لا يعتبر في القسمة تعيين مقدار السهام بعد أن كانت معدّلة ، فلو كانت صبرة من حنطة مجهولة الوزن بين ثلاثة ، فجعلت ثلاثة أقسام معدّلة بمكيال مجهول المقدار ، أو كانت بينهم عرصة أرض متساوية الأجزاء ، فقسّمت ثلاثة أقسام معدّلة بخشبة أو حبل لايدرى مقدار طولهما صحّ1.
قيمته المذكورة سهماً ، والحمّص الذي كان قيمته خمسة عشر تصير قسمة تعديل .
وإن جعل الحمّص مع الشعير سهماً ، والحنطة مع خمسة دراهم سهماً ، كانت قسمة الردّ ، ولكن حيث إنّ قسمة الردّ تفتقر إلى ضمّ أمر زائد على المال المشترك ، فلا دليل على صحّتها حتّى مع التراضي ، لعدم كون القسمة بيعاً ولا معاوضة كما عرفت ، ففي مورد إمكان قسمة غير الردّ لا دليل على صحّة قسمة الردّ . نعم ، لا بأس بالمصالحة المفيدة فائدتها .
وأمّا قسمة الإفراز فقد لا تتأتّى في بعض الموارد ، كما في القيميّات المتعدّدة المختلفة من حيث القيمة ، كما أنّ قسمة التعديل قد لا تتأتّى في بعض الصور كالمثال الأوّل ، أي صورة الاختلاف في القيمة مع عدم تساوي بعضها مع بعض ولو مع فرض القلّة والكثرة ، والظاهر صحّة القسمة بجميع أقسامها إلاّ قسمة الردّ مع إمكان غيرها على ما عرفت .
1 ـ لو كانت القسمة معدّلة ـ ولازمها عدم إضافة بعض السّهام على بعض آخر ـ لا يعتبر تعيين مقدار السّهام بعد عدم كون القسمة بيعاً ولا معاوضة أصلاً ، بل هي عبارة عن مجرّد تمييز الحصص وتشخيصها ، فيمكن تحقّق القسمة بمكيال مجهول المقدار في نفسه ، أو خشبة أو حبل مجهول الطول كذلك في المثالين المذكورين في المتن ونظائرهما كما هو واضح .
(الصفحة 120)مسألة 4 : لو طلب أحد الشريكين القسمة بأحد أقسامها ، فإن كانت قسمة ردّ ، أو كانت مستلزمة للضرر فللشريك الآخر الامتناع ولم يجبر عليها ، وتسمّى هذه قسمة تراض ، وإن لم تكن قسمة ردّ ولا مستلزمة للضرر يجبر عليها الممتنع ، وتسمّى قسمة إجبار . فإن كان المال لا يمكن فيه إلاّ قسمة الإفراز أو التعديل فلا إشكال . وأمّا فيما أمكن كلتاهما ، فإن طلب قسمة الإفراز يجبر الممتنع ، بخلاف ما إذا طلب قسمة التعديل ، فإذا كانا شريكين في أنواع متساوية الأجزاء ـ كحنطة وشعير وتمر وزبيب ـ فطلب أحدهما قسمة كلّ نوع بانفراده قسمة إفراز اُجبر الممتنع ، وإن طلب قسمة تعديل بحسب القيمة لم يجبر . وكذا إذا كانت بينهما قطعتا أرض أو داران أو دكّانان ، فيجبر الممتنع عن قسمة كلّ منهما على حدة ، ولا يجبر على قسمة التعديل . نعم ، لو كانت قسمتها منفردة مستلزمة للضرر دون قسمتها بالتعديل اُجبر الممتنع على الثانية دون الاُولى1.
1 ـ لو طلب أحد الشريكين القسمة بأحد أقسامها ، فإن كانت القسمة المطلوبة قسمة الردّ المستلزمة لضمّ مال غير مشترك إلى المال المشترك كما عرفت ، أو كانت مستلزمة للضرر على الشريك الآخر فله الامتناع ، ولا يجبر عليها لا لجريان قاعدة «لا ضرر» في الفرض الثاني ، لماعرفت من أنّها بعيدة عن الأحكام الفقهيّة بمراحل كما تقرّر في محلّه ، بل لأجل عدم الدليل على وجوب القبول أو الإجبار في هذه الصورة ، وتسمّى هذه قسمة تراض ، ولعلّ التسمية بملاحظة توقّفها كذلك على رضا الشريك وموافقته .
وإن لم تكن قسمة ردّ ولا مستلزمة للضرر بوجه ، فيجبر الممتنع من الشريكين أو الشركاء عليها وتسمّى قسمة إجبار; لجوازه بل وجوبه ، فإن كان المال لا يمكن فيه إلاّ خصوص قسمة الإفراز أو خصوص قسمة التعديل فلا إشكال ، وأمّا فيما إذا
(الصفحة 121)مسألة 5 : لو اشترك اثنان في دار ذات علو وسفل ، وأمكن قسمتها إفرازاً; بأن يصل إلى كلّ بمقدار حصّته منهما ، وقسمتها على نحو يحصل لكلّ منهما حصّة من العلو والسفل بالتعديل ، وقسمتها على نحو يحصل لأحدهما العلو وللآخر السفل ، فإن طلب أحد الشريكين النحو الأوّل ولم يستلزم الضرر يجبر الآخر ، ولا يجبر لو طلب أحد النحوين الآخرين . هذا مع إمكان الأوّل وعدم استلزام الضرر ، وإلاّ ففي النحوين الآخرين يقدّم الأوّل منهما ، ويجبر الآخر لو امتنع بخلاف الثاني . نعم ، لو انحصر الأمر فيه يجبر إذا لم يستلزم الضرر ولا الردّ ، وإلاّ لم يجبر كما مرّ ، وما ذكرناه جار في أمثال المقام1.
أمكن كلتاهما ففي المتن التفصيل بين ما إذا كان المطلوب قسمة الإفراز فيجبر الممتنع ، بخلاف ما إذا كان المطلوب قسمة التعديل فلا يجبر الممتنع ، ولعلّ السرّ فيه أنّ المال محفوظ للمالك بجميع خصوصيّاته في الاُولى ، بخلاف الثانية كالأمثلة المذكورة في المتن . نعم ، لو كانت قسمتها منفردة مستلزمة للضرر دون قسمتها بالتعديل اُجبر الممتنع على الثانية دون الاُولى لما ذكرنا ، فتدبّر جيّداً .
1 ـ لو اشترك اثنان في دار ذات علو وسفل وأمكن قسمتها بكلّ واحد من الأقسام الثلاثة المتقدِّمة للقسمة: الإفراز ، والتعديل ، وشبيه الردّ ، فإن طلب أحد الشريكين القسم الأوّل ولم يستلزم الضرر بوجه فاللازم إجبار الآخر عليه; لما عرفت من انحفاظ المال مع خصوصيّاته في قسمة الإفراز ، والمفروض عدم استلزام الضرر بنحو ، فلا وجه لجواز امتناع الآخر أصلاً ، وأمّا لو طلب أحد النحوين الآخرين فلا يجبر ـ مع إمكان الأوّل وعدم استلزام الضرر ـ أصلاً ، وإلاّ فمع عدم الإمكان أو استلزام الضرر يدور الأمر بين النحوين الآخرين ، وفيهما يقدّم
(الصفحة 122)مسألة 6 : لو كانت دار ذات بيوت أو خان ذات حجر بين جماعة ، وطلب بعض الشركاء القسمة اُجبر الباقون ، إلاّ إذا استلزم الضرر من جهة ضيقهما وكثرة الشركاء1.
الأوّل منهما ويجبر الآخر لو امتنع ، بخلاف الثاني .
والسرّ فيه ما عرفت من انحفاظ حصّة كلّ منهما من المال المشترك بحالها في الفرض الأوّل ، بخلاف الفرض الثاني الذي يختصّ أحدهما بالعلو والآخر بالسفل مع كونهما معاً مشتركا غير مختصّ بأحدهما ، فهو شبيه قسمة الردّ التي تحتاج إلى انضمام مال غير مشترك إليه ، وقد مرّ أنّه لا تصل النوبة إلى قسمة الردّ مع إمكان القسمة بالنحوين الآخرين .
وفي المقام نقول بأنّه لو انحصر الأمر في القسم الأخير يجبر الآخر عليه إذا لم يستلزم الضرر ولا الردّ; لأنّه وإن لم تكن قسمة الردّ ، إلاّ أنّه مثلها في عدم الانتقال إليه مع إمكان أحد النحوين الآخرين ، وهذا المعنى جار في أمثال المقام; كما إذا اشترك اثنان في قطعتين من الأرض يكون بينهما الاختلاف لا من حيث القيمة ، بل من الجهات الاُخرى التي يختلف الأنظار فيها من جهة الشرقية والغربية وغيرها .
1 ـ لو كانت دار ذات بيوت أو خان ذات حجر مشتركة بين جماعة ، وطلب بعض الشركاء القسمة بنحو لا تستلزم الضرر من جهة الضيق وكثرة الشركاء ، فاللازم إجبار الباقين عليه ; إمّا بتخصيص كلّ بيت أو حجرة إلى واحد من الشريكين أو الشركاء مع بقاء الشركة في نفس الفضاء والخان ، وإمّا بتقسيمهما أيضاً وتخصيص كلّ من المجموع بالآخر مع الإمكان وعدم استلزام الضرر ، وإلاّ يتحقّق الانتقال إلى قسم لا يكون فيه ذلك ، وبالجملة ربما لا يتحقّق بدون
(الصفحة 123)مسألة 7 : لو كان بينهما بستان مشتمل على نخيل وأشجار ، فقسمته بأشجاره ونخيله بالتعديل قسمة إجبار ، بخلاف قسمة كلّ من الأرض والأشجار على حدة ، فإنّها قسمة تراض لا يجبر عليها الممتنع1.
مسألة 8 : لو كانت بينهما أرض مزروعة تجوز قسمة كلّ من الأرض والزرع ـ قصيلاً كان أو سنبلاً ـ على حدة وتكون قسمة إجبار . وأمّا قسمتها معاً فهي قسمة تراض لا يجبر الممتنع عليها ، إلاّ إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر فيها فيجبر عليها . هذا إذا كان قصيلاً أو سنبلاً ، وأمّا إذا كان حبّاً مدفوناً ، أو مخضرّاً في الجملة ولم يكمل نباته ، فلا إشكال في قسمة الأرض وحدها وبقاء الزرع على إشاعته ، والأحوط إفراز الزرع بالمصالحة . وأمّا قسمة الأرض بزرعها بحيث يجعل من توابعها فمحلّ إشكال2.
قسمة الردّ فينتقل إليها على ما عرفت(1) .
1 ـ لو كان بينهما بستان مشتمل على نخيل وأشجار ، فإن اُريد قسمته بأشجاره ونخيله مع بقاء الأرض على الاشتراك الذي كانت عليه فتلك قسمة التعديل; لاختلاف القيمة غالباً ، فلابدّ من التعديل بالقيمة ، وحيث إنّه لا يمكن أن يجري فيها قسمة الإفراز فلابدّ من إجبار الممتنع على قسمة التعديل . وإن اُريد قسمته بأشجاره ونخيله مع الأرض أيضاً تكون هذه قسمة تراض; وهي فيما إذا كانت مستلزمة للردّ أو الضرر كما مرّ ، وحكمها أنّه لا يجبر عليها الممتنع .
2 ـ لو كانت أرض مزروعة مشتركة بين الشريكين أو الشركاء ، فتارة تكون