(الصفحة 82)مسألة 44 : لو ادّعى ردّ المال إلى المالك وأنكره قدّم قول المنكر1.
مسألة 45 : لو اشترى العامل سلعة فظهر فيها ربح فقال: اشتريتها لنفسي ، وقال المالك: اشتريته للقراض ، أو ظهر خسران فادّعى العامل أنّه اشتراه للقراض ، وقال صاحب المال: اشتريتها لنفسك ، قدّم قول العامل بيمينه2.
قوله مع أصالة عدم الاشتراط ، أو عدم مخالفة الشرط كما في الفرض الأوّل .
الثالثة : لو وقع النزاع في صدور الإذن من المالك فيما لا يجوز للعامل إلاّ بإذنه ، كما لو سافر بالمال وقلنا بعدم جواز السفر به إلاّ مع الإذن ، أو باع نسيئة كذلك فتلف أو خسر ، فادّعى العامل إذن المالك إيّاه في ذلك وأنكر المالك الإذن ، وفي هذه يقدّم قول المالك مع عدم ثبوت البيِّنة للعامل; لأنّ قول المالك مطابق لأصالة عدم الإذن وهو محال; لجريان الأصل في المسبّب مع جريانه في السبب إذا كانت السببيّة شرعيّة ، كما قرّر في محلّه من علم الاُصول .
1 ـ تقديم قول المالك ـ أي مع يمينه ـ إنّما هو لمطابقة قوله لأصالة عدم الردّ ، مع أنّه عرفاً منكر ، وقد ذكرنا في كتاب القضاء أنّ الملاك في تشخيص المدّعي والمدّعى عليه اللذين وقع التعبير بهما في كلام النبيّ (صلى الله عليه وآله) هو العرف(1) ، كسائر العناوين الواقعة موضوعة للأحكام .
2 ـ لو اشترى العامل سلعة فظهر فيها ربح فقال اشتريتها لنفسي فبالنتيجة تمام الربح لي ، وقال المالك: اشتريته للقراض فالربح مشترك ، أو ظهر خسران فادّعى العامل أنّه اشتراه للقراض فالخسران على المالك ، وقال صاحب المال : اشتريتها
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء: 75 ـ 77 و ص 115 ـ 116 .
(الصفحة 83)مسألة 46 : لو حصل تلف أو خسارة فادّعى المالك أنّه أقرضه ، وادّعى العامل أنّه قارضه ، يحتمل التحالف بلحاظ محطّ الدعوى ، ويحتمل تقديم قول العامل بلحاظ مرجعها . ولو حصل ربح فادّعى المالك قراضاً والعامل إقراضاً ، يحتمل التحالف أيضاً بلحاظ محطّها ، وتقديم قول المالك بلحاظ مرجعها ، ولعلّ الثاني في الصورتين أقرب1.
مسألة 47 : لو ادّعى المالك أنّه أعطاه المال بعنوان البضاعة فلا يستحقّ العامل شيئاً من الربح ، وادّعى العامل المضاربة فله حصّة منه ، فالظاهر أنّه يقدّم قول المالك بيمينه ، فيحلف على نفي المضاربة ، فله تمام الربح لو كان ،
لنفسك فالخسران عليك ، ففي المتن قدّم قول العامل بيمينه ، ولعلّه لأنّه أعرف بنيّته من غيره; لعدم المائز بين الأمرين في المقام إلاّ بالنيّة ، فالظاهر معه .
1 ـ لو حصل تلف أو خسارة فادّعى المالك أنّه أقرضه فالتلف أو الخسارة عليه لوقوعه في ملكه ، وادّعى العامل أنّه قارضه فالتلف أو الخسارة على المالك ، كما هو الحكم في المضاربة ، فقد احتمل في المتن التحالف بلحاظ نفس الدعوى ومرجعها ، واحتمل تقديم قول العامل بلحاظ مرجع الدعوى ، واستقرب في الذيل أقربيّة الثاني ، ولعلّ الوجه فيه أنّ الملاك والمعيار عند العقلاء هو مرجع الدعوى ومآلها لا نفس محطّ الدعوى ، ومنه يظهر حكم الصورة الثانية ; وهو ما لو حصل في التجارة ربح فادّعى المالك المضاربة وثبوت الربح بينهما ، وادّعى العامل ثبوت الإقراض الملازم لكون الربح له خاصّة ، فالاحتمالان المذكوران جاريان فيه ، لكن الأقرب هو تقديم قول المالك ; لأنّ الملاك هو مرجع الدعوى لا نفس الدعوى ومحطّها على ما عرفت .
(الصفحة 84)واحتمال التحالف هنا ضعيف1.
مسألة 48 : يجوز إيقاع الجعالة على الاتّجار بمال وجعل الجعل حصّة من الربح; بأن يقول : إن اتّجرت بهذا المال وحصل ربح فلك نصفه أو ثلثه ، فتكون جعالة تفيد فائدة المضاربة ، لكن لا يشترط فيها ما يشترط في المضاربة ، فلا يعتبر كون رأس المال من النقود ، بل يجوز أن يكون عروضاً أو ديناً أو منفعة2.
1 ـ لو ادّعى المالك أنّه أعطاه المال بعنوان البضاعة الذي يكون استحقاق تمام الربح للمالك ، وادّعى العامل المضاربة المشتركة ربحها بين المالك والعامل حسب ما قرّراه ، ففي المتن أنّه يقدّم قول المالك بيمينه ، فيحلف على نفي المضاربة ، فله تمام الربح لو حصل ، وأضاف أنّ احتمال التحالف هنا ضعيف ، والوجه فيه: أنّه لا يترتّب ثمرة على النزاع في البضاعة والمضاربة إلاّ مجرّد تمحّض الربح للمالك ، أو الاشتراك بينه وبين العامل فيه ، فثبوت النصف من الربح للمالك هو الأمر المتيقّن الذي لا يختلفان فيه .
وأمّا النصف الآخر ، فالعامل يدّعيه والمالك ينكره ، فيقدّم قوله بيمينه على نفي المضاربة وإن كانت صورة النزاع بنحو التحالف . وأمّا احتمال ضعف التحالف هنا ، فلاشتراك الدعويين في كون رأس المال للمالك ، ولم يصر العامل مالكاً لشيء منه ، بخلاف المفروض في بعض المسائل السابقة ، وأمّا الاختلاف هنا فيكون بالإضافة إلى الربح فقط كما عرفت ، والعامل يدّعي مقداراً منه والمالك ينكره .
2 ـ يجوز إيقاع الجعالة على الاتّجار بمال وجعل الجعل حصّة من الربح; بأن يقول : إن اتّجرت بهذا المال وحصل ربح فلك نصفه أو ثلثه ، فتكون جعالة تفيد
(الصفحة 85)مسألة 49 : يجوز للأب والجدّ المضاربة بمال الصغير مع عدم المفسدة ، لكن لا ينبغي لهما ترك الاحتياط بمراعاة المصلحة . وكذا يجوز للقيّم الشرعي كالوصي والحاكم الشرعي مع الأمن من الهلاك وملاحظة الغبطة والمصلحة ، بل يجوز للوصيّ على ثلث الميّت أن يدفعه مضاربة ، وصرف حصّته من الربح في المصارف المعيّنة للثلث إذا أوصى به الميّت ، بل وإن لم يوص به لكن فوّض أمر الثلث إلى نظر الوصي ، فرأى الصلاح في ذلك1.
فائدة المضاربة ، ولا يشترط فيها ما يشترط فيها ، فلا يعتبر أن يكون رأس المال من النقود ، بل يجوز أن يكون عروضاً أو ديناً أو منفعة ، ولكنّه يبتني أوّلاً : على عدم اعتبار كون الطرف في الجعالة شخصاً خاصّاً ومخاطباً مخصوصاً ، وثانياً : على عدم اعتبار كون المعلّق عليه فعل المخاطب ، بل يجوز أن يكون أمراً خارجاً عن اختياره أيضاً كالربح في المقام ، حيث إنّ حصول الربح لا يكون باختيار المخاطب ، والتحقيق في بحث الجعالة فانتظر .
1 ـ يجوز للولي الشرعي كالأب والجدّ له المضاربة بمال الصغير ، وكون الربح الحاصل مشتركاً بينه وبين العامل كما في سائر موارد المضاربة ، لكن الكلام في أنّه هل يكفي مجرّد عدم المفسدة في ذلك ، أم اللازم مراعاة المصلحة؟ فالأوّل : كما لو فرض حفظ المال متوقّفاً على أن يكون في يد العامل ، والثاني : كما إذا كان هناك احتمال حصول الربح للصغير زائداً على أصل ماله ورأسه ، فيه وجهان مذكوران في جميع الموارد ، ولكن الاحتياط يستلزم رعاية المصلحة وعدم الاكتفاء بمجرّد عدم المفسدة ، وإن كان فرض توقّف الحفظ على أن يكون رأس المال في يد العامل أيضاً رعايةً للمصلحة وإن لم يكن هناك ربح .
(الصفحة 86)مسألة 50 : لو مات العامل وكان عنده مال المضاربة ، فإن علم بوجوده فيما تركه بعينه فلا إشكال ، وإن علم به فيه من غير تعيين ـ بأن كان ما تركه مشتملاً عليه وعلى مال نفسه ، أو كان عنده أيضاً ودائع أو بضائع للآخرين واشتبه بعضها مع بعض ـ يعامل معه ما هو العلاج في نظائره من اشتباه أموال متعدّدين . وهل هو بإعمال القرعة ، أو إيقاع التصالح ، أو التقسيم بينهم على نسبة أموالهم؟ وجوه ، أقواها القرعة ، وأحوطها التصالح .
نعم ، لو كان للميّت ديّان وعنده مال مضاربة ، ولم يعلم أنّه بعينه لفلان فهو
وكما يجوز للولي الشرعي ذلك ، كذلك يجوز للقيّم الشرعي كالوصي والحاكم الشرعي مع الأمن من التلف وملاحظة الغبطة والمصلحة ، بل يجوز للوصي على ثلث الميّت إذا أوصى الميّت بذلك; أي بدفعه إلى العامل وصرف الحصّة من الربح في المصارف التي عيّنها للثلث ، كالصرف في تعزية أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) وإقامة شعائره وتعظيمها ، بل في صورة عدم التصريح بذلك في الوصية ، بل التصريح بتفويض أمر الثلث إلى نظر الوصي ، فرأى الصلاح في ذلك خصوصاً في زماننا هذا ، حيث يعلنون أعضاء البنوك الإسلامية بالأخذ بعنوان المضاربة وإعطاء الربح بهذا العنوان ، سيّما على ما تقدّم من مبنانا في عدم لزوم كون الربح بالإضافة إلى ما حصل من رأس المال الذي هو المجهول عند الإغضاء نوعاً ، بل يكفي تعيّن مقدار خاصّ للربح وإن كانت النسبة بينه وبين مجموع الربح الحاصل مجهولاً ، بل كانت النسبة بينه وبين رأس المال معلوماً بشرط أن يكون ذلك المقدار ربحاً للمال بنظر العرف والعادة ، كما قرّر سابقاً ، فراجع .