(الصفحة 125)مسألة 10 : لو كان بينهما حمّام وشبهه ممّا لا يقبل القسمة الخالية عن الضرر لم يجبر الممتنع . نعم ، لو كان كبيراً بحيث يقبل الانتفاع بصفة الحمّامية من دون ضرر ـ ولو بإحداث مستوقد أو بئر اُخرى ـ فالأقرب الإجبار1.
ما طلبه الأوّل ويجبر عليها الآخر; لما عرفت(1) من انحفاظ المال مع جميع الخصوصيات في قسمة الإفراز ، فمع طلب بعض الشركاء ذلك لا محيص عنها ، وتكون مقدّمة على قسمة التعديل المتقوّمة بالقيمة ولو طلبها البعض الآخر .
نعم ، إذا كانت القسمة الخالية عن الضرر منحصرة بالنحو الثاني فالظاهر إجبار الأوّل عليها ، ولا مجال لقسمة الإفراز حينئذ كما مرّ نظيره(2) .
1 ـ لو كان بينهما حمّام وشبهه ممّا لا يقبل القسمة الخالية عن الضرر لا يجبر الممتنع عن القسمة ، بل يجري فيه حكم ما لا يقبل القسمة على ما سيأتي إن شاء الله تعالى . وأمّا لو كان كبيراً بحيث يكون قابلاً للانتفاع به بصفة الحمّامية من دون ضرر بعد التقسيم ، فإذا طلب أحد الشريكين القسمة يجبر الآخر عليه ، ولو كانت استفادة الحمّامية من المقدار الباقي متوقّفة على إحداث مستوقد آخر ، أو بئر اُخرى فالأقرب كما في المتن الإجبار في هذه الصورة ; لعدم منع لزوم الإحداث المذكور عن إمكان التقسيم حتّى بنحو الإفراز .
غاية الأمر أنّه حيث لا يكون مستوقد واحد ، أو بئر واحدة كافية للحمّامين تكون الاستفادة منهما كذلك متوقّفة على الإحداث المذكور ، وهو لا يمنع من القسمة بالنحو المذكور ، مع أنّ المستوقد والبئر خارجان عن حقيقة الحمّام وإن كانا داخلين في دائرة الشركة وفي المال المشترك ، وبعبارة اُخرى : لابدّ إمّا أن يُقال بعدم
(الصفحة 126)مسألة 11 : لو كان لأحد الشريكين عُشر من دار مثلاً وهو لا يصلح للسكنى ، ويتضرّر هو بالقسمة دون الشريك الآخر ، فلو طلب القسمة لغرض يجبر شريكه ولم يجبر هو لو طلبها الآخر1.
مسألة 12 : يكفي في الضرر المانع عن الإجبار حدوث نقصان في العين ، أو القيمة بسبب القسمة ممّا لا يتسامح فيه في العادة وإن لم يسقط المال عن قابليّة الانتفاع بالمرّة2.
إمكان التقسيم ، والمفروض كونه كبيراً فيه القابلية بنحو ينتفع من كليهما بهذه الصفة ، فلا يمكن القول فيه بذلك ، وإمّا أن يُقال بأنّ لزوم إحداث مستوقد آخر ، أو بئر اُخرى غير مانع من التقسيم بالنحو المذكور; وهو ما ذكرناه .
نعم ، لابدّ من أداء قيمة المستوقد آخر ، أو إيجاد بئر اُخرى إلى الشريك الآخر لئلاّ يلزم الضرر عليه ، ويكونان بعد ذلك متساويين بعد تقسيم المال المشترك بينهما ، كما لايخفى .
1 ـ لو كان لأحد الشريكين سهم من دار مثلاً لا يصلح لأن يُنتفع به للسكنى ، ولذا يتضرّر بالقسمة دون الشريك الآخر الذي له سهم كثير قابل للانتفاع به في السكنى ، فلو طلب الأوّل القسمة لغرض آخر غير السكنى يجبر الشريك الآخر ولا عكس; لاستلزام القسمة الضرر كما هو المفروض . نعم ، لو كان لغرض آخر يتحقّق بالقسمة وإن لم يكن قابلاً للانتفاع بالسكنى ، والوجه فيه واضح .
2 ـ يكفي في الضرر الحاصل على تقدير القسمة المانع عن الإجبار حدوث نقصان في العين ، أو القيمة بما لا يتسامح فيه في العادة وإن لم يسقط المال عن قابلية
(الصفحة 127)مسألة 13 : لابدّ في القسمة من تعديل السِّهام ثمّ القرعة . أمّا كيفيّة التعديل; فإن كانت حصص الشركاء متساوية ـ كما إذا كانوا اثنين ولكلّ منهما النصف ، أو ثلاثة ولكلّ منهم الثلث وهكذا ـ يعدّل السهام بعدد الرؤوس ، ويعلّم كلّ سهم بعلامة تميّزه عن غيره . فإذا كانت قطعة أرض متساوية الأجزاء بين ثلاثة مثلاً تجعل ثلاث قطع متساوية مساحة ، ويميّز بينها بمميّز كالاُولى لإحداها ، والثانية للاُخرى ، والثالثة للثالثة . وإذا كانت دار مشتملة على بيوت بين أربعة مثلاً ،
الانتفاع بالمرّة ، والسرّ فيه أنّ الغرض من القسمة وصول كلّ مال إلى صاحبه مع انحفاظ جميع الخصوصيّات ، ولا أقلّ من انحفاظ المالية التي هي الغرض المهمّ في باب الأموال ، فإذا كانت القسمة مستلزمة للنقصان أو الضرر غير المتسامح فيه في العادة ، لا دليل لتأثير القسمة في الخروج عن الإشاعة التي هي معنى الشركة ومساوقة معها ، أو كانت الشركة أعمّ منها كالكلّي في المعين على ما عرفت(1) ، ولا يرتبط اعتبار هذا الأمر بجريان قاعدة «لا ضرر» التي تكون الأنظار فيها مختلفة والآراء متشتّتة على ما مرّ غير مرّة(2) ، ففي الحقيقة يكون التعيّن بعد الإشاعة من غير أن يكون هناك بيع ولا معاوضة; كأنّه يكون على خلاف القاعدة ولو بأيّة كيفيّة ، وفي هذا الأمر المخالف للقاعدة ينبغي الاقتصار على القدر المتيقّن; وهو صورة عدم استلزام الضرر بالمعنى المذكور كما لا يخفى .
فالملاك في المنع عن إجبار الشريك الآخر على القسمة هو ذلك ، لا خروج المال وسقوطه عن الانتفاع بالمرّة ، مع أنّ الملاك في ذلك الفرض أيضاً ما ذكرنا ، لا قاعدة
- (1) في ص101 .
- (2) في ص 120 ـ 121 و غيره .
(الصفحة 128)تجعل أربعة أجزاء متساوية بحسب القيمة إن لم يمكن قسمة إفراز إلاّ بالضرر ، وتميّز كلّ منهما بمميّز كالقطعة الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية المحدودات بحدود كذائيّة . وإن كانت الحصص متفاوتة ـ كما إذا كان المال بين ثلاثة: سدس لعمرو ، وثلث لزيد ، ونصف لبكر ـ تجعل السهام على أقلّ الحصص ، ففي المثال تجعل السهام ستّة معلّمة كلّ منها بعلامة ، كما مرّ .
وأمّا كيفيّة القرعة ، ففي الأوّل ـ وهو ما كانت الحصص متساوية ـ تؤخذ رقاع بعدد رؤوس الشركاء; رقعتان إذا كانوا اثنين ، وثلاث إذا كانوا ثلاثة وهكذا ، ويتخيّر بين أن يكتب عليها أسماء الشركاء; على إحداها زيد ، واُخرى عمرو مثلاً ، أو أسماء السهام; على إحداها أوّل ، وعلى الاُخرى ثاني وهكذا ، ثمّ تشوّش وتستر ، ويؤمر من لم يشاهدها فيخرج واحدة واحدة ، فإن كتب عليها اسم الشركاء يعيّن سهم كالأوّل ، وتخرج رقعة باسم هذا السهم قاصدين أن يكون لكلّ من خرج اسمه ، فكلّ من خرج اسمه يكون له ، ثمّ يعيّن السهم الآخر وتخرج رقعة اُخرى لذلك السهم ، فمن خرج اسمه فهو له وهكذا . وإن كتب عليها اسم السهام يعيّن أحد الشركاء وتخرج رقعة ، فكلّ سهم خرج اسمه فهو له ، ثمّ تخرج اُخرى لشخص آخر وهكذا .
وفي الثاني ـ وهو ما كانت الحصص متفاوتة; كالمثال المتقدِّم الذي قد تقدّم أنّه تجعل السّهام على أقلّ الحصص وهو السدس ـ يتعيّن فيه أن تؤخذ الرقاع بعدد الرؤوس ; يكتب مثلاً على إحداها زيد ، وعلى الاُخرى عمرو ، وعلى الثالثة بكر ، وتستر كما مرّ ، ويقصد أنّ كلّ من خرج اسمه على سهم كان له ذلك
نفي الضرر البعيدة عن الأحكام الفقهيّة بمراحل على ما اخترناه تبعاً لسيّدنا العلاّمة الاُستاذ الماتن قدّس سرّه الشريف ، والتحقيق في محلّه .
(الصفحة 129)مع ما يليه بما يكمّل تمام حصّته ، ثمّ تخرج إحداها على السهم الأوّل ، فإن كان عليها اسم صاحب السدس تعيّن له ، ثمّ تخرج اُخرى على السهم الثاني ، فإن كان عليها اسم صاحب الثلث كان الثاني والثالث له ، ويبقى الرابع والخامس والسادس لصاحب النصف ، ولا يحتاج إلى إخراج الثالثة . وإن كان عليها اسم صاحب النصف كان له الثاني والثالث والرابع ، ويبقى الباقي لصاحب الثلث .
وإن كان ما خرج على السهم الأوّل اسم صاحب الثلث كان الأوّل والثاني له ، ثمّ تخرج اُخرى على السهم الثالث ، فإن خرج اسم صاحب السدس فهو له ، وتبقى الثلاثة الأخيرة لصاحب النصف . وإن خرج اسم صاحب النصف كان الثالث والرابع والخامس له ، ويبقى السادس لصاحب السدس ، وقس على ذلك غيره1.
مسألة 14 : الظاهر أنّه ليست للقرعة كيفيّة خاصّة ، وإنّما تكون منوطة بمواضعة القاسم والمتقاسمين; بإناطة التعيّن بأمر ليست إرادة المخلوق دخيلة فيه مفوّضاً للأمر إلى الخالق جلّ شأنه; سواء كان بكتابة رقاع ، أو إعلام علامة في حصاة أو نواة أو ورق أو خشب ، أو غير ذلك2.
1 ـ الوجه في لزوم تعديل السّهام أوّلاً والتعديل بالكيفيّة المذكورة في المتن; سواء كانت الحصص متساوية أو مختلفة ، وكذا في لزوم الرجوع إلى القرعة واضح لايحتاج إلى توضيح .
2 ـ الظاهر أنّه ليست للقرعة كيفيّة خاصّة ، وإنّما تكون منوطة بإناطة التعيّن بأمر ليست إرادة المخلوق دخيلة فيه ومؤثّرة في نتيجته ، بل ليس فيه إلاّ تفويض الأمر إلى الخالق جلّ وعلا ، وإن شئت قلت : إنّ في أمثال المقام بعد تعديل السهام